4 نقاط سيناقشها ترامب إذا التقى روحاني وجهاً لوجه.. دبلوماسي فرنسي يكشف عن إحراز تقدم لعقد قمة بينهما
رغم أنَّ الرئيسين الإيراني والأمريكي لم يلتقيا أو يتحدثا عبر الهاتف خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة التي عُقِدت الشهر الماضي في مدينة نيويورك، فإن الفرنسيين يشيرون إلى إحراز تطور مهم في الوصول لإطار عمل ملموس لمحادثات محتملة بين الجانبين، وأنَّ ما يقف أمام وصول الجانبين لطاولة المفاوضات هي في الأغلب مسألة الترتيب الزمني، والتغلب على انعدام الثقة.
يقول دبلوماسي فرنسي رفض الكشف عن هويته لموقع Al-Monitor الأمريكي الذي خصص تقريراً لهذه القصة: «الظروف (اللازمة) لبدء هذه المحادثات كانت موجودة بالفعل. لكن يشكل الترتيب الزمني نقطة جوهرية، وهناك على الأرجح أزمة ثقة».
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون صرَّح لمراسلين في مؤتمر صحفي في نيويورك ، في 24 سبتمبر/أيلول: «أعتقد أن الظروف باتت مهيأة لاستئناف سريع للمفاوضات»، وذلك عقب التنويه إلى أنه عقد محادثات عديدة مع الرئيسين دونالد وترامب وحسن روحاني على مدار الأيام السابقة، وحدَّد 4 نقاط ستكون هي إطار العمل المُحدِّد للمفاوضات.
النقاط الأربع التي وصفها ماكرون هي:
- ضمان عدم حيازة إيران أسلحة نووية أبداً
- مضاعفة الجهود لإنهاء الحرب في اليمن بوصفها أولوية على المدى القريب لنزع فتيل هذه البؤرة الإقليمية الساخنة.
- صياغة خطة أمنية إقليمية واسعة، قد تعالج أيضاً مسألة الصواريخ البالستية التي تقول طهران إنها بحاجة إليها للدفاع عن نفسها، بما في ذلك ضد ترسانة الأسلحة المتطورة التي تبيعها الولايات المتحدة وأوروبا لجيران إيران في الخليج، وإسرائيل.
- والأهم بالنسبة لإيران، رفع العقوبات الاقتصادية.
وقال ماكرون: «الكرة الآن في ملعب إيران والولايات المتحدة لينظرا إلى هذه الشروط والعمل معاً لإحياء العملية. وأقول هذا بكل تواضع وحذر؛ لأنَّ كل ذلك لا يزال هشاً، لكنني أعتقد أنَّ النقاشات التي عُقِدَت والمبادرات التي اتُّخِذَت ساعدت على تهيئة الظروف لعودة سريعة إلى الحوار والمفاوضات، وفي الوقت نفسه السماح لنا بوضع أجندة لتحقيق أمن واستقرار طويلين المدى في المنطقة».
من جانبه، قال علي فايز، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، إنَّه يبدو أنَّ إيران والولايات المتحدة كلتيهما أبدتا موافقة أولية على إطار العمل -أو حزمة الشروط- التي ساعدت المبادرة الفرنسية على وضعها باعتبارها الأساس لمفاوضات محتملة. لكن يكمن التحدي في الترتيب الزمني.
وصرح فايز، لموقع Al-Monitor قائلاً: «صحيح أنَّ الجانبين يعتقدان أنَّ حزمة الشروط التي وضعها ماكرون قابلة للتنفيذ، لكن المشكلة تكمن في الترتيب الزمني. وكان الطرفان مهتمين ومتقبلين للعناصر التي جاءت في هذه الحزمة».
وأكد فايز: «أكرر أنَّ المشكلة الوحيدة تكمُن في التنسيق؛ ولهذا يعتقد كلاهما أنَّ هذه ليست نهاية الطريق، وأنَّ إطار العمل لا يزال قابلاً للتطبيق».
وفي نيويورك، تجلَّت معضلة الترتيب الزمني في عدم عقد لقاء بين ترامب وروحاني.
وقال دبلوماسيون إنَّ الإيرانيين رفضوا لقاء ترامب دون أن تقدم الولايات المتحدة أولاً بعض الضمانات على رفع العقوبات. في حين أنَّ ترامب كان منفتحاً على عقد لقاء لكن دون شروط مسبقة، أي دون تقديم ضمانات لرفع العقوبات أولاً.
وأمكن سماع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون يشير ضمنياً إلى معضلة الترتيب الزمني في فيديو يظهر فيه أيضاً ماكرون بينما يتعاونان لإقناع روحاني، الذي علت وجهه ابتسامة، للاجتماع بترامب قبل مغادرة نيويورك.
وقال جونسون لروحاني، في 23 سبتمبر، «عليك أن تقف على جانب حوض السباحة وتقفز في الوقت نفسه»، محاكياً بجسده حركة القفز داخل حمام سباحة.
الإيرانيون يريدون إثبات حسن النية أولاً
من جانبه، قال كوينتن لوبينو، خبير فرنسي في الشؤون الخارجية وباحث زائر في The Center for Strategic and International Studies: «الإيرانيون لا يرغبون في عقد لقاء دون الحصول على شيء أولاً، أي شكل من أشكال رفع العقوبات. لذا أعتقد أنَّ هذه النقطة هي ما سيتعين علينا أن نُبدِع فيها بعض الشيء».
وتابع لوبينو، الذي كتب مؤخراً ورقة بحثية حول كيف يمكن أن تخفض أوروبا حدة التوترات الأمريكية-الإيرانية ونشرها The Center for Strategic and International Studies: «يمكنك إيجاد مساحة للتفاوض حول بعض المسائل. أما (لحدوث تهدئة محتملة) فسيتعين أن يقابلها شيء من الجانب الإيراني، أي بعض التنازل، نحن بحاجة لبعض الشرارات (لتشغيل المحرك) للوصول إلى مفاوضات مباشرة».
وقال لوبينو: «لا يوجد حل سريع وفوري لهذه المسألة»، لكن بالرغم من عدم اجتماع ترامب وروحاني وجهاً لوجه «حدث بعض التقدم».
في الأيام السابقة لعقد قمة مجموعة السبع التي استضافها ماكرون في مدينة بياريتز الفرنسية، في أغسطس/آب، عَكَفَ الفرنسيون على العمل على خطة هدنة محدودة. وقال علي فايز، من مجموعة الأزمات الدولية، إنه خلال في الفترة بين قمة بياريتز وأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول، أوضح ترامب للفرنسيين أنَّه متهمٌ بـ «صفقة ضخمة» بأوسع نطاق بدلاً من خطة هدنة محدودة النطاق.
وأضاف فايز: «كانت الفكرة المبدأية تقوم بالأساس على الوصول لاتفاق هدنة تتوقف بموجبه الولايات المتحدة عن فرض عقوبات على إيران ومنحها بعض المُتنفَّس الاقتصادي، على أن تتوقف إيران في المقابل عن أعمالها التصعيدية في المنطقة وبرنامجها النووي. كانت هذه هي الفكرة».
وتابع فايز: «لكن الرئيس (ترامب) بدا أكثر تطلعاً لصفقة أضخم؛ ولهذا تحول المقترح الفرنسي إلى شيء آخر تطور إلى صفقة ملموسة مقارنةً بالتصور الأولي، التي ستعيد الولايات المتحدة إلى الموقف السابق الذي كانت عليه في مايو/أيار 2018″، قبل إعلان ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي.
وأوضح فايز: «هذا من شأنه إفساح المجال للولايات المتحدة للعودة مرة أخرى إلى مجموعة الخمسة زائد واحد والانخراط في مفاوضات أوسع نطاقاً». ومجموعة الخمسة زائد واحد هي الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، إضافة إلى ألمانيا، التي تفاوضت حول الاتفاق النووي مع إيران عام 2015.
بريطانيا وفرنسا وألمانيا ستعمل على تعديل النقاط التي لم يحسمها الاتفاق النووي
وبطرق شتى، ألمح بيان مشترك أصدرته الدول الأوروبية الثلاث، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، بتاريخ 23 سبتمبر/أيلول، إلى أنَّ هذه الدول الثلاث تحاول إحياء الجهود التي اضطلعت بها بجانب الولايات المتحدة بدايةً من يناير/كانون الثاني وحتى مايو/أيار 2018 لمعالجة النقاط التي لم يحسمها الاتفاق النووي ذات المهلة الزمنية المحددة، والصواريخ البالستية، والتهديدات الإقليمية، ومصلحة إيران في رفع العقوبات.
ذكر البيان الثلاثي الأوروبي: «إدراكاً بأهمية العمل الجماعي لضمان الأمن والاستقرار الإقليميين، نحن على يقين بأنَّ الوقت قد حان لأن تقبل إيران التفاوض وفق إطار عمل طويل المدى حول برنامجها النووي ومسائل أخرى تتعلق بالأمن الإقليمي؛ منها برنامج الصواريخ الخاص بها، وسبل حمل الرؤوس النووية الأخرى. ونحث إيران على الانخراط في مثل هذا الحوار والامتناع عن أية أعمال تصعيدية أو استفزازية أخرى».
من جانبه، علَّق فايز: «أعتقد أنَّ الإيرانيين وإدارة ترامب كليهما يدركان أنه لا يوجد صياغات كثيرة مختلفة قد تساعدهما على تجنب مزيد من التصعيد، الذي يمكن ببساطة أن يخرج عن السيطرة. ولهذا فهما ليسا مهتمين بمبادرات جديدة للوساطة بينهما، لذا تبقى المبادرة الفرنسية الخيار الوحيد المتاح».