4 ملفات «معقدة» تقف حائلاً أمام انطلاق اتفاق المجلس العسكري السوداني والمعارضة
دخلت أزمة الحكم في السودان مرحلة جديدة من التعقيد، إثر تسريب وثيقة اتفاق مزمع توقيعه بين المجلس العسكري الانتقالي الحاكم و»قوى إعلان الحرية والتغيير»، التي تقود الاحتجاجات الشعبية.
منذ صباح السبت، 13 يوليو تداول السودانيون نسخة مسربة من الوثيقة تخص تحالف قوى الإجماع الوطني، أحد مكونات قوى التغيير.
وقال مصدر مطلع، طلب عدم نشر اسمه، للأناضول، إن «الوساطة المشتركة (الاتحاد الإفريقي وإثيوبيا) وضعت علامات مائية على نص الاتفاق باسم كل كتلة سياسية، حرصاً منها على عدم تسريبها، ولمعرفة من سربها إن حدث ذلك».
** تعيين رئيس الوزراء
تشمل الوثيقة إعلانين سياسي ودستوري، وتتألف من 15 صفحة، تتضمن 11 فصلاً و58 مادة، هي مجمل الاتفاق.
وأثارت المادة 15، ضمن الفصل الرابع المتعلق باختصاصات مجلس السيادة (أحد أجهزة الحكم خلال المرحلة الانتقالية)، جدلاً وسخطاً على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ أعطت المجلس حق تعيين رئيس مجلس الوزراء.
وتنص المادة على أن «مجلس السيادة يعين رئيس مجلس الوزراء، بعد ترشيحه من قبل قوى إعلان الحرية والتغيير».
وهو أمر لم يكن متفقاً عليه مسبقاً، خاصة وأن شخصية عسكرية ستتولى رئاسة مجلس السيادة خلال أول 21 شهراً من أصل 39 شهراً، هي الفترة المقترحة لمرحلة انتقالية تعقبها انتخابات.
وقال قيادي في قوى التغيير، فضل عدم نشر اسمه، للأناضول: «وفقاً لجلسات التفاوض السابقة، فإن قوى التغيير هي التي تعين رئيس الوزراء، على أن يعتمده مجلس السيادة، وليس مجلس السيادة هو الذي يعينه».
** حصانة مجلس السيادة
المادة ذاتها تطرقت إلى حصانات يتمتع بها أعضاء مجلس السيادة.
وهي تنص على: «يتمتع رئيس وأعضاء مجلس السيادة بحصانة في مواجهة أي إجراءات جنائية، ولا يجوز اتهامهم أو مقاضاتهم أمام أي محكمة، ولا يجوز اتخاذ أي تدابير ضبط بحقهم أو بحق ممتلكاتهم أثناء فترة ولايتهم».
تلك الفقرة أثارت غضب الشارع السوداني، وانعكس ذلك في موجة احتجاجات شهدتها عدة مدن، ظهر السبت، تحت عنوان «العدالة أولاً».
وطالب المحتجون بالقصاص لضحايا الاحتجاجات الماضية، ومن قُتلوا بالعشرات خلال فض الاعتصام أمام قيادة الجيش بالخرطوم، في 3 يونيو/حزيران الماضي.
** تعيين الولاة
في المادة 15 أيضاً، وتحديداً في الفقرة «ج»، تنص وثيقة الاتفاق على أن مجلس السيادة هو الذي يعين ولاة (حكام) الولايات، بعد ترشيحهم من مجلس الوزراء.
بينما كان المُعلن سابقاً هو أن تعيين الولاة من اختصاصات مجلس الوزراء، وعلى مجلس السيادة اعتمادهم فقط.
** نسب التمثيل بالبرلمان
لم تتضمن الوثيقة المسربة نسباً بشأن توزيع مقاعد البرلمان الانتقالي.
بينما أعلنت قوى التغيير، في بيانات سابقة، أنها لن تتنازل عن نسبتها (67 بالمئة) في مقاعد البرلمان، التي توصلت إليها خلال التفاوض مع المجلس العسكري، قبل فض الاعتصام، بل ووضعت ذلك ضمن شروطها لاستئناف التفاوض مع المجلس.
وتحدثت المادة 23، في الفصل السادس، عن صلاحيات المجلس التشريعي، وأنه جهة مستقلة لا يجوز حلها طيلة الفترة الانتقالية.
ونصت على أن عدد أعضاء البرلمان يجب أن لا يتجاوز 300 عضو، وأن تكون نسبة تمثيل المرأة فيه 40 بالمائة.
بينما لم تشر المادة إلى أي نسبة تخص قوى التغيير.
واكتفت الفقرة 2 من المادة 23 بالنص على أنه «يتكون المجلس التشريعي من قوى إعلان الحرية والتغيير والقوى الأخرى غير الموقعة على إعلان الحرية والتغيير، والتي تتم تسميتها وتحديد نسب مشاركة كل منها بالتشاور بين قوى التغيير ومجلس السيادة».
** قيادة مجلس السيادة
تنص الفقرة 13 من الفصل الرابع، المتعلق بتكوين مجلس السيادة، على أن يتكون المجلس بالتوافق بين المجلس العسكري وقوى التغيير.
ويتألف المجلس من 11 عضواً هم: 5 مدنيين تختارهم قوى التغيير، و5 عسكريين يختارهم المجلس العسكري، على أن يتوافق الطرفان على اختيار عضو مدني.
وتتولى شخصية عسكرية، من أعضاء مجلس السيادة، رئاسة المجلس خلال الـ21 شهراً الأولى، على أن يتولى مدني رئاسته خلال الـ18 شهر المتبقية، من الفترة الانتقالية، وذلك من تاريخ التوقيع على الاتفاق.
** تأجيل المصادقة على الاتفاق
أعلن وسيط الاتحاد الإفريقي، محمد الحسن ولد لبات، الجمعة، أن المجلس العسكري وقوى التغيير توصلا إلى «اتفاق كامل على الإعلان السياسي المحدد لكافة هيئات المرحلة الانتقالية».
وأضاف لبات أن الطرفين اتفقا أيضاً على الاجتماع السبت للدراسة والمصادقة على وثيقة الاتفاق والإعلان الدستوري.
غير أن مصدراً مطلعاً في قوى التغيير، طلب عدم نشر اسمه، قال للأناضول، السبت، إن لقاء السبت «تم تأجيله إلى أجل غير مسمى».
وأوضح المصدر أن «التأجيل جاء للمزيد من التشاور بين الكتل السياسية لقوى التغيير».
وأضاف: «قُدمت لنا وثيقتان (إعلان سياسي ودستوري) تضمنتا نقاطاً لم تنجح اللجان الفنية في الاتفاق على صيغة موحدة (بشأنها)».
ومضى قائلاً: «سننقل تلك النقاط الخلافية إلى وفدي التفاوض (قوى التغيير والمجلس العسكري) للنقاش».
واكتفى الوسيط الإفريقي بالقول، في بيان مقتضب، إن المجلس العسكري وافق على طلب قوى التغيير تأجيل اجتماعات السبت إلى الأحد، لمزيد من التشاور.
وأعرب المجلس العسكري مراراً اعتزامه تسليم السلطة إلى المدنيين، لكن لدى قوى التغيير مخاوف من أن يلتف الجيش على مطالب الحراك الشعبي للاحتفاظ بالسلطة، كما حدث في دول عربية أخرى.
ويتولى المجلس العسكري السلطة منذ أن عزلت قيادة الجيش، في 11 أبريل الماضي، عمر البشير من الرئاسة (1989: 2019)، تحت وطأة احتجاجات شعبية، بدأت أواخر العام الماضي، تنديداً بتردي الأوضاع الاقتصادية.