35 ألف فلسطيني غادروا غزة في 2018
35 ألف فلسطيني غادروا قطاع غزة سنة 2018 عبر معبر رفح ولم يعودوا إليه على خلفية الوضع الاقتصادي الصعب في القطاع. معظم المغادرين كانوا من الشباب المثقفين من طبقة اقتصادية عالية نسبياً، من بينهم 150 طبيباً من مستشفيات غزة.
وخوفاً من أن يستمر هذا التوجه منعت حكومة حماس الأطباء من مغادرة القطاع. كثير من المغادرين يسافرون إلى تركيا وهناك ينقلهم وسطاء محليون في القوارب التي تبحر إلى اليونان ومنها يواصلون طريقهم إلى دول أوروبية أخرى. من بين عشرات اللاجئين الذين ماتوا عندما غرق قاربهم أمام شواطئ تركيا في الشهر الماضي، كان 13 فلسطينياً هربوا من غزة.
في 2017 تم فتح معبر رفح أمام حركة الفلسطينيين للمرة الأولى منذ عشر سنوات، وهذا مكن الكثيرين منهم من مغادرة القطاع، سكان غزة لم يكونوا يستطيعون السفر من المعبر باستثناء حالات استثنائية وقليلة، التي أعطي لهم فيها تصريح خروج عبر الأردن. حينها تطلب من المغادرين أيضاً الحصول على موافقة من جهاز الأمن في إسرائيل. يبدو أن المغادرين رأوا في فتح المعبر فرصة للخروج وسارعوا إلى استغلالها خوفاً من ألا يبقى مفتوحاً لفترة طويلة، وفقاً لصحيفة “هآرتس” العبرية.
من بيانات لمنظمات مساعدة دولية مرتبطة بالأمم المتحدة يتبين أنه في 2018 سجل 60.967 حالة خروج من القطاع إلى مصر عبر معبر رفح، و37.075 حالة دخول إلى غزة. بيانات مختلفة تم الحصول عليها من مصادر أخرى، وحسب التقديرات في إسرائيل، عدد المغادرين في السنة الماضية وصل إلى 35 ألف شخص.
تكلفة السفر لفلسطيني يريد المغادرة إلى تركيا، وهي الهدف الأرخص والمشهور للمغادرين من القطاع، هي 4 آلاف دولار. المغادرون يجندون الأموال من أبناء العائلة الذين يأخذون أحياناً قروضاً من أجل تمويل المغادرة على أمل أن يستقر ابن العائلة في إحدى الدول الأوروبية، ويستطيع أن يرسل من هناك المال إلى القطاع. الأهداف المفضلة على المغادرين هي ألمانيا والسويد.
في البداية رأت حماس في فتح المعبر مصدراً للدخل، فإصدار جواز السفر والتأشيرة ومصادقات أخرى ترتبط كلها بعمليات دفع. حول المصادقات على الخروج تطورت صناعة رشوة، ومن أراد تسريع الإجراءات وضمان أن المصادقات ستصل في الوقت المطلوب، يجب عليه أن يدفع لموظفي الحكومة بضع مئات من الدولارات. مصر أيضاً تجبي من الفلسطينيين الذين يريدون السفر عبرها، مدفوعات على السفر من معبر رفح إلى المطار. المغادرون مطلوب منهم تقديم تذكرة سفر مؤرخة بيوم قدومهم، ولا يسمح لهم بالمكوث في مصر سوى في منطقة المطار. في الأشهر الأخيرة تفهم حماس بأن معبر رفح يمكن جيل الشباب والمثقفين في القطاع من مغادرته، ويريدون وقف هذا التوجه. هكذا وعلى خلفية انهيار الجهاز الصحي في القطاع حظر على الأطباء الخروج منه.
مؤخراً، وبعد فترة ارتفع فيها عدد العاطلين عن العمل في القطاع باستمرار، سجل انخفاض بـ 4 في المئة في نسبة البطالة، من 50.5 في المئة في نهاية 2018 إلى 46.3 في المئة في الربع الأول من 2019. هذا التوجه يمكن أن ننسبه إلى إدخال الوقود إلى القطاع، ما أدى إلى زيادة ساعات تزويد الكهرباء، فأطالت أيام العمل ومكنت من تشغيل عمال آخرين. ولكن حسب مصادر مطلعة، ربما ينبع الانخفاض في نسبة البطالة أيضاً من تغيير ظروف الحصول على المساعدات من قطر التي مطلوب من المحتاجين في أعقابها العمل بين الحين والآخر في أعمال عارضة. متوسط الأجر في القطاع لم يرتفع، واليوم يبلغ 63 شيكلاً ليوم العمل الكامل. نسبة البطالة في أوساط الشباب من أعمار 20 ـ 25 تقترب من 75 في المئة. وفي القطاع هناك نحو 150 ألف أكاديمي عاطلين عن العمل، الذين عدد منهم يعمل في أعمال عارضة والبيع المتجول. التقدير هو أن هؤلاء الشباب المثقفين يجدون صعوبة في رؤية مستقبلهم في القطاع ويريدون مغادرته بأي ثمن.
في أعقاب الضائقة المتزايدة في القطاع، تحول تعاطي المخدرات الخطيرة فيه إلى أمر أكثر انتشاراً مما كان في السابق، وهكذا أيضاً البغاء. ظاهرة أخرى تنتشر في القطاع هي التسول. في حماس يخافون من أن المتسولين المتزايدين يثيرون السكان ضد السلطات في غزة. وفي الأسابيع الأخيرة تعمل منظمة من أجل إبعادهم عن مراكز المدن. زيادة معدل الانتحار في أوساط الشباب في القطاع تم كبحها، لكن التقدير هو أن سبب ذلك ليس التحسن في وضعهم، بل هم يفضلون القدوم إلى المسيرات على الحدود في أيام الجمع والتصادم مع جنود الجيش الإسرائيلي، حينها سيكون مضموناً لهم إذا أصيبوا الحصول على مخصص من حماس، وإذا قتلوا فإن الأموال ستصل إلى عائلاتهم.