3 سيناريوهات تجعل التعديل الحكومي بالمغرب ممكناً.. لكن هل يمكن أن يهدِّئ هذا الأمر حملة المقاطعة؟
منذ شهرين تقريباً، تتواصل في المغرب حملة شعبية للمقاطعة، استهدفت 3 منتجات استهلاكية بالخصوص؛ هي الحليب والماء والمحروقات.
وقد خلقت حملة المقاطعة هذه ارتباكاً واضحاً داخل الحكومة الحالية، خصوصاً بعد أن قدَّم لحسن الداودي، الوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة، طلب إعفائهمن مهامه الوزارية، وذلك على خلفية مشاركته في احتجاج أمام البرلمان ضد حملة المقاطعة الشعبية.
هذا الأمر أجَّج حملة المقاطعة أكثر، ودفع بعضَ النشطاء والمراقبين إلى الدعوة إلى تعديل حكومي على الأقل، كما حدث مع “الزلزال الملكي”، عندما أعفى العاهل المغربي 4 وزراء، على خلفية اختلالات في مشروع “الحسيمة منارة المتوسط” الذي كشفته احتجاجات الحسيمة، الواقعة شمالي البلاد.
مشهد أزمة.. تعديل حكومي مرتقب
لا يخفي رشيد لزرق، الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري، أن استمرار المقاطعة الشعبية والغضب الواسع للمقاطعين على الحكومة، هو “مشهد يحتاج إلى رجّة سياسية”، على حد تعبيره.
وأوضح لزرق، في تصريح لـ”عربي بوست”، أن التعديل الحكومي الجزئي أو الكلي “يبقى تقديره لرئيس الحكومة والفاعلين السياسيين”. لكن الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري، يعتبر أن “الوضع يستدعي معه تعديلاً حكومياً موسعاً”.
بدوره، يرى سعيد بنيس، أستاذ علم الاجتماع، أن قوة هذا الاحتجاج الافتراضي يفرض تعديلاً حكومياً؛ لأن “جمهور المقاطعين وموقف المقاطعة، يحمّل المسؤولية الكاملة للحكومة، ويعتبرها أساس الأزمة”.
وأضاف لـ”عربي بوست”، أن هذا يعني أن بقاء الحكومة كما هي اليوم “ينذر باحتمال توسّع حجم المقاطعة، ويمكن أن يخلق مناخاً من الارتباك المجتمعي والسياسي لا يمكن ضبطه والتحكم فيه”.
كما اعتبر محمد شقير، أستاذ العلوم السياسية، أنه من الممكن في المقبل من الأيام أن يكون هناك تعديل حكومي، خصوصاً إذا قَبِل الملك طلب الوزير الداودي إعفاءه من مهامه الوزارية”.
شقير أشار أيضاً، في حديث لـ”عربي بوست”، إلى أن التعديل المرتقب “قد يكون مقلَّصا أو موسّعا؛ أي أن يتم تعويض الوزير الداودي، أو سيطال التعديل كل الرؤوس التي استهدفتها المقاطعة، على رأسهم أخنوش وبوسعيد”.
ولم يستبعد أستاذ العلوم السياسية، أن يكون التعديل الحكومي “في الفترة ما بين عيد الفطر وذكرى عيد العرش، الذي يصادف 31 يوليو/تموز”.
التعديل الحكومي.. خيارات دستورية
وفق الاحتمالات والصلاحيات الدستورية “فيمكن للمعارضة أن تدرس الوضع السياسي والمنعطف الخطير، الذي تمرّ به الحكومة في تعاطيها مع حملة المقاطعة، كنتيجة إلى تشرذم الأغلبية، وعدم تحمل الحكومة للمسؤولية السياسية”، يقول رشيد لزرق.
المصدر ذاته، يضيف أنه على المعارضة في هذه الحالة، أن تطرح “تفعيل الفصل 105 من الدستور، من خلال مجلس النواب، بمعارضة مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها، بالتصويت على ملتمس للرقابة، وإذا تمت الموافقة عليه فستستقيل الحكومة بشكل جماعي”.
كما يمكن، بحسب لزرق أن يبادر رئيس الحكومة و”يعلن فشل الحكومة من تلقاء نفسه، عبر تحمّله المسؤولية وتفعيل الفصل 104 من الدستور”.
من جهة أخرى، بالإمكان أيضاً “الرجوع إلى رئيس الدولة بأعمال اختصاصاته الدستورية، المتمثلة في إعمال حالة الاستثناء المنصوص عليها في الفصل 59 من الدستور”.
أما بالنسبة للحديث عن اللجوء لحكومة وحدة وطنية، فيعتبر رشيد لزرق، أن “هناك خطورة على المؤسسات؛ باعتبارها حكومة ستتشكل من جميع الأحزاب، فيما المؤسسات مهدّدة من قوى تعمل من خارجها”.
لكن الباحث في القانون الدستوري، يعود ليؤكد أن “إعمال حالة الاستثناء هو الخيار المتعقّل والأنسب للمرحلة الحالية، لكونه إجراء دستورياً يدخل ضمن الاختيارات العديدة المُتاحة لرئيس الدولة، ويمكن أن يشكل الضمانة المؤسساتية لصيانة الحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور”.
امتصاص الغضب.. إجراءات ضرورية
أمام كل هذه الخيارات الدستورية إذن، يمكن الافتراض بتعديل حكومي في المقبل من الأيام بشكل من الأشكال. لكن هل يمكن لهذا التعديل أن يكون كفيلاً بتهدئة حملة المقاطعة هذه؟
يجيب محمد شقير، أستاذ العلوم السياسية، بأن التعديل المرتقب يعدّ “أحد الإجراءات فقط التي يمكن أن تمتصّ نقمة المقاطعين، وخصوصاً إذا تم إعفاء الوزراء المستهدفين بالمقاطعة”.
نفس الشيء يذهب إليه، سعيد بنيس، أستاذ علم الاجتماع، معتبراً أن “المقاطعة أضحت آلية جديدة للممانعة والتأثير”.
وشدَّد أستاذ علم الاجتماع، على أن التعديل الحكومي “سيُفهم على أنّه نتيجة فعل التعبئة واليقظة الرقمية، ومكسب مجتمعي سيتم توظيفه في المستقبل ليكون فاعلاً ومشاركاً وموجهاً للحياة السياسية”.
غير أن محمد شقير، أستاذ العلوم السياسية، يرى أن التعديل الحكومي “لن يساهم في التهدئة إلا إذا رافقته مجموعة من الإجراءات، على رأسها تفعيل الحوار الاجتماعي، باعتبار المقاطعة ترتبط باحتقان اجتماعي”.
والأهم كذلك لامتصاص نقمة المقاطعين، كما يقول شقير، هو أن تقوم “الشركات المستهدفة بالمقاطعة بتخفيض أثمنة موادها، وأن يتم تفعيل مجلس المنافسة لكي يقوم بدوره كما ينبغي”.