قدرت لجنة النزاهة النيابية العراقية، الإثنين 4 يناير، حجم الأموال المهربة خارج البلاد بنحو 350 تريليون دينار (239.7 مليار دولار أمريكي)، وهو رقم يفوق موازنة البلاد لأكثر من عامين.
عضو اللجنة طه الدفاعي، قال لوكالة الأنباء العراقية الرسمية “واع”، إن المبالغ المهربة خارج البلاد كانت عبر “إيصالات وهمية.. وكثير من العمولات دفعت لغرض التهريب كان يحصل عليها بعض المسؤولين”.
وفي وقت سابق من العام الماضي، قدر عضو اللجنة المالية في البرلمان سابقاً رحيم الدراجي، قيمة الأموال المنهوبة في العراق بنحو 450 مليار دولار.
ضغوطات على لجنة مكافحة الفساد
يأتي هذا في وقت يشهد فيه العراق عجزاً مالياً بموازنة 2021 بقيمة 58 تريليون دينار عراقي (43.9 مليار دولار)، أي 38.6% من إجمالي الموازنة البالغة 102 مليار دولار.
إذ ذكر الدفاعي أن “الحكومة شكلت لجنة لمكافحة الفساد، وهذه اللجنة عملت خلال الأيام الأولى بشكل واضح وكبير، ولكنها تراجعت خلال الفترة الأخيرة بسبب الضغوط السياسية، حيث اتُّهمت بشتى أنواع الاتهامات”.
مضيفاً أن “الأموال التي صُرفت بعد عام 2003 تقدر بـ 1000 تريليون دينار (685 مليار دولار)، تشمل موازنات الوزارات التشغيلية والاستثمارية.. هدرت أموال طائلة في قضايا التعاقد، فضلاً عن الفساد الذي كان مستشرياً في أغلب العقود”.
تابع الدفاعي قائلاً: “لم نلمس أي مشروع واضح تم استكماله في بغداد أو المحافظات، وأغلب المشاريع أحيلت لشركات غير رصينة، وتم التعامل عليها على أسوأ العمولات، لذلك لم تنجز الأعمال”.
غضب شعبي بسبب تردي الأوضاع
والشهر الماضي أغلق محتجون بمحافظة البصرة في العراق، عدة طرق رئيسة وأخرى مؤدية لمنشآت نفطية وجسور، وذلك بسبب تأخر صرف رواتبهم، حيث يعملون بالمحافظة الغنية بالنفط جنوبي البلاد.
وكالة الأناضول نقلت عن شهود عيان قولهم إن “آلاف المتظاهرين وهم من المعينين بأجور يومية في المؤسسات الحكومية بينها منشآت الطاقة، تظاهروا الأحد، في عدة مناطق بالبصرة، احتجاجاً على عدم صرف رواتبهم لأشهر عديدة”.
أشارت الوكالة إلى أن المتظاهرين أغلقوا طرقاً رئيسية، وشلوا حركة السير بين مناطق المحافظة، كما أغلقوا الطرق المؤدية إلى شركة مصافي نفط الجنوب وميناء أم قصر.
من جانبه، قال منار اليعقوبي، أحد المتظاهرين، إن “الإدارة المحلية بالتنسيق مع الحكومة الاتحادية أطلقت تعيينات بأجور يومية لـ30 ألف شخص من محافظة البصرة، أغلبنا من حملة الشهادات”.
اليعقوبي أضاف أنه “تمت المباشرة في الوظائف الجديدة في مختلف مؤسسات الدولة العاملة في البصرة، منذ مارس/آذار الماضي، ونعمل برواتب يومية، لكن حتى الآن لم تُصرف رواتبنا، ولا يمكننا الانتظار إلى ما لا نهاية”.
أشار المتظاهر أيضاً إلى أن “هناك لجنة مشرفة على تنظيم الاحتجاج، اتفقت على أن تتحول المظاهرات إلى عصيان مدني وتعطيل حركة السير في عموم البصرة، للضغط على الإدارة المحلية لإطلاق رواتبنا”.
كانت الإدارة المحلية في محافظة البصرة قد أعلنت الشهر الماضي، أنه تم تخصيص المبالغ المالية الخاصة بمستحقات موظفي الأجور اليومية، لكنها حتى الآن لم تطلق الرواتب.
أزمة العراق
يأتي هذا في وقت يعاني فيه العراق من أزمة مالية متصاعدة بسبب هبوط أسعار النفط الخام خلال 2020، دون 20 دولاراً للبرميل في بعض الشهور، قبل أن يصعد منذ النصف الثاني للعام الفائت فوق 40 دولاراً.
ويعيش العراقيون وسط أزمة مالية حادة، أثرت بشكل كبير على مفاصل الحياة اليومية، إثر تراجع الإيرادات المالية المتأتية من بيع النفط، بسبب جائحة “كورونا”.
في إثر ذلك، قرَّر البنك المركزي العراقي خفضَ قيمة العملة الوطنية أمام الدولار من 1190 إلى 1450 ديناراً للدولار الواحد، بهدف توفير سيولة جراء الأزمة المالية الخانقة في البلاد بفعل تراجع سعر النفط الخام.
يعتمد العراق على إيرادات بيع النفط لتمويل 95% من نفقات الدولة، فيما يحتج العراقيون منذ سنوات طويلة على استشراء الفساد في مفاصل الدولة، وهدر مئات المليارات من الدولارات منذ 2003.
يُشار إلى أن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، حذّر الشهر الماضي 2020، من انهيار النظام وإحلال الفوضى العارمة إذا لم تجر إصلاحات حقيقية في البلاد.
الكاظمي قال في بيان إنه “منذ عام 2003 (سقوط نظام صدام حسين) نعاني من التأسيس الخطأ الذي يهدد النظام السياسي والاجتماعي بالانهيار الكامل”، مضيفاً: “إما انهيار النظام والدخول في فوضى عارمة، أو ندخل في عملية قيصرية للإصلاح”.
ويُعد العراق من بين أكثر دول العالم التي تشهد فساداً، وفق مؤشر منظمة الشفافية الدولية على مدى السنوات الماضية، ويعتبر الفساد إلى جانب التوترات الأمنية سببين رئيسيين في فشل الحكومات المتعاقبة في تحسين أوضاع البلاد، رغم الإيرادات المالية الكبيرة المتأتية من بيع النفط، وفق مراقبين.
والعراق، ثاني أكبر منتج للنفط الخام في منظمة “أوبك” بعد السعودية، بمتوسط إنتاج يومي 4.6 مليون برميل يومياً في الظروف الطبيعية، بعيداً عن اتفاقيات خفض الإنتاج.