ازدهار العلاقات المصرية الروسية مع تراجع النفوذ الأمريكي في المنطقة
في الوقت الذي تتزايد فيه العلاقات المصرية الروسية، تتراجع فيه العلاقات الأمريكية مع مصر، ومع بدأ الرئيس عبد الفتاح السيسي فترة ولايته بفصل جديد من العلاقات المصرية الروسية، تشعر السياسة الأمريكية بخيبة أمل لتعزيز القاهرة علاقتها بموسكو مما يدل علي عدم وجود مشاركة أمريكية قوية وترك الباب مفتوح أمام روسيا علي حساب واشنطن.
خطوات توثيق العلاقات المصرية الروسية
وأشارت مجلة “ذا أمريكان أنترست” الأمريكية إلي العديد من الخطوات التي وثقت العلاقة بين مصر وروسيا، ومن بينها توقيع كل من البلدين اتفاقا لمدة 50 عاماً في الشهر الماضي لإنشاء منطقة صناعية روسية في المنطقة الاقتصادية بقناة السويس، وهوالمشروع الطموح الذي أطلقه السيسي في بداية عام 2014 وتأمل مصر أن يجذب المشروع استثمارات بـ70 مليار دولار وتوفير 35 الف فرصة عمل، وتخطط روسيا لاستخدام واسع للسلع والشاحنات والمحركات الثقيلة مما يجعلها تتخطي العقوبات الأمريكية وعقوبات الاتحاد الأوروبي التي تفرض عليها دائماً وسيكون المشروع بمثابة نقطة لتصدير البضاع إلي الأسواق الخارجية وخاصة إلي الشرق الأوسط وافريقيا وأمريكا اللاتينية.
انشاء منطقة صناعية
ولم تكن العلامة الأولي لتطوير العلاقات المصرية الروسية مع بدأ السيسي ولايته الثانثة مشروع المنطقة الصناعية الروسية في قناة السويس، فأتفق السيسي مع فلاديمير بوتين علي انشاء محطة للطاقة النووية بتكلفة 25 ليار دولار بقرض من موسكو، ومن المقرر أن يكتمل بناء محطة الضبعة النووية التي تضم 4 مفاعلات بطاقة 5 جيجاوات بحلول عام 2029، وفقا لشركة روساتوم الروسية المملوكة للدولة.
استئناف الرحلات الجوية
وفي أبريل استأنفت موسكو الرحلات المدنية إلي مصر بعد حظر السفر إلي مصر عقب استهداف تنظيم داعش طائرة ركاب روسية أقلعت من شرم الشيخ في عام 2015 وتسبب الحادث في مقتل 224 شخصاً مما ألحق ضرر بصناعة السياحة المصرية.
وتري المجلة أن هذه التطورات تعكس الاتجاه العام لتزايد توثيق العلاقات بين القاهرة وموسكو علي مدي السنوات القليلة الماضية، حيث ارتفعت حجم الصادرات المصرية لموسكو بنحو 26% في عام 2017، ويبلغ حجم التجارة الثنائية بين البلدين ما بين 6 إلي 10 مليار دولار في عام 2018
وفي قطاع الطاقة والنفط شركة روسنفت الروسية العملاقة اشترت حصة 30 % من حقل غاز زهر المصري مقابل 1.125 مليار دولار في العام الماضي ، لتصبح لاعبا رئيسيا في تطوير واحدة من أكبر ودائع الغاز في البحر الأبيض المتوسط. وعلاوة على ذلك ، وقعت شركة روسنفت وشركة فليت إنيرجي اتفاقية إطار في أواخر مايو لاستكشاف مشروع مشترك لتوفير إمدادات الغاز لمصر.
شراء الأسلحة
واضافت المجلة أن منذ عام 2014 تحولت مصر بشكل كبير نحو روسيا لشراء الأسلحة بعد خيبة أمل السيسي من واشنطن بعد عزل النظام السابق للرئيس محمد مرسي في عام 2013 وأوقفت إدارة أوباما تسليم مصر أنظمة الأسلحة المتعاقد عليها سابقا من بينها مقاتلات “أف-16” وطائرات هيلكوبتر أباتشي “ايه اتش -64″، ومع الغاء التدريبات العسكرية المشتركة بين مصر وأمريكا، اتجه السيسي إلي بوتين وبدءوا العمل سوياً، ولم تنتهي خيبة الأمل الأمريكية بنهاية اوباما فترة ولايته، وعلي الرغم العلاقات الحميمية بين السيسي ودونالد ترامب إلا ان إدارة رتامب قررت في أغسطس 2017 علي ظان تضع شرطاً لتقديم المساعدات الاقتصادية والعسكرية لمصر وهو سجل حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون، وكان كل ذلك خلفية لتصاعد روسيا وملء الفراغ الأمريكي، وعقدت موسكو العديد من صفقات الأسلحة مع مصر بمليارات الدولارات وتم شراء50 طائرة مقالتة من طراز ميج 29 في عام 2014 وسلمتفي اواخر العام الماضي، واشترت مصر 46 من مروحية “كاموف كا-52 اليجاتور”، بجانب ذلك استرت مصر من فرنسا هليكوبتر ميسترال في سبتمبر 2015.
تعاون استراتيجي
واكدت المجلة أن التطورات العسكرية تتجاوز مبيعات الأسلحة مع زيادة التعاون الاستراتيجي حيث وقعت القاهرة وموسكو اتفاقية للاستخدام المشترك للمجال الجوي والقواعد العسكرية لمدة خمس سنوات ويمكن تمديدها لفترة أطول إذا اتفق الطرفان، وهذه الخطة اثارت دهشة وقلق واشنطن لأنها ستعزز الوجود العسكري الروسي في الشرق الأوسط ويوفر منصة إطلاق محتملة لعمليات روسية في شمال أفريقيا.
وأجرت مصر وروسيا تدريبات عسكرية مشتركة ومناورات بحرية مشتركة قبالة ميناء الإسكندرية في عام 2015، وفي عام 2016 شارك المظليون المصريون والروس في مناورات عسكرية مشتركة تحت عنوان “المدافعون عن الصداقة” ، وهي الأولى من نوعها في أفريقيا ، والتي أعقبتها تمرين مماثل في روسيا في عام 2017، وسوف تستضيف مصر مرة أخرى المظليين الروس والمصريين في 2018 ، وفقا لوزارة الدفاع الروسية.
وجهة نظر مشتركة للقضايا الإقليمية
ولفتت الصحيفة إلي مشاركة مصر وروسيا وجهات النظر بشكل كبير حول القضايا الإقليمية، ويتفق الاثنين علي حفظ وحدة الأراضي السورية وجيشها، وفي أكتوب رعام 2017 توسط البلدان لوقف اطلاق النار في جنوب دمشف، وفي ليبيا تدعم مصر وروسيا الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر.
ترامب مخيب للآمال
كان السيسي يأمل مع انتخاب ترامب تحسين العلاقات مع واشنطن للحفاظ علي استقرار ومعالجة التحديات الاقتصادية للبلاد، ومن الواضح ان هذا لم يتحقق بعد، ولكن بالنظر إلى الوضع المتدهور في الشرق الأوسط الكبير واندفاع روسيا للاستفادة منه لتدعيم نفسها كصاحب مصلحة في المنطقة ، فليس هناك أي عذر للولايات المتحدة لكي تجلس بشكل سلبي على الهامش.
ويجب علي إدارة ترامب أن تعزز التواصل مع المصريين للتعامل مع المخاوف العالقة ومحاولة دفع العلاقة إلى الأمام حيثما أمكن، ويجب أن يتولى مجلس الشيوخ ترشيح ديفيد شينكر كمساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى ، وعلى إدارة ترامب أن ترشح سفيرًا للولايات المتحدة في مصر في أقرب وقت ممكن، فبدون موهبة دبلوماسية على الأرض ، تخاطر واشنطن بالتخلي عن نفوذها في المنطقة دون أدنى مقاومة.