20 دولة إفريقية في مصيدة الاستدانة.. الصين وعدتها بشطب “الفتات” من ديونها، لكن المبالغ الكبرى ستبقى كما هي
قد يكون الرئيس الصيني شي جين بينج وعدَ الدول الإفريقية بشطب ديونها التي تشمل قروضاً حكومية بدون فوائد مُستَحقة الدفع هذا العام، لكن هذه القروض لا تمثل إلا جزءاً صغيراً من أزمة الديون التي تعاني منها القارة.
وفق تقرير صحيفة The South China Morning Post الصينية تمر الكثير من الدول الإفريقية بحالة مديونية حرجة بعدما أجَّجت جائحة فيروس كورونا المستجد الأزمة الاقتصادية ودفعتها إلى حالة ركود. ووفقاً لصندوق النقد الدولي، فإنَّ نحو 20 دولة إفريقية متعثرة في سداد ديونها، أو في خطر كبير للانزلاق إلى حالة مديونية حرجة.
تقرير جديد بعنوان “تخفيف الديون بخصائص صينية” صدر الخميس، 18 يونيو/حزيران، بعد يوم واحد من لقاء شي بالقادة الأفارقة والتعهد بمساعدتهم على محاربة فيروس كورونا المستجد. ذكر التقرير، الصادر عن مبادرة الأبحاث الصينية الإفريقية (CARI) في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز، أنه على الرغم من أنَّ بكين قد شطبت ديوناً في الماضي، لكنها كانت في الغالب قروضاً بدون فوائد ولم تمثل سوى أقل من 5% من القروض الصينية المقدمة لإفريقيا.
التقرير أشار إلى أنَّ الصين ألغت قروضاً بدون فوائد بقيمة 3.4 مليار دولار أمريكي تدين بها إفريقيا لها بين عامي 2000 و2019. لكن إجمالي التزامات القروض التي قدمتها الصين لإفريقيا بلغ 152 مليار دولار أمريكي في الفترة من 2000 وحتى 2018. ووفقاً للدراسة، تأتي القروض بدون فوائد من وزارة التجارة الصينية في إطار اتفاقيات التعاون الاقتصادي والفني الحكومية وتصل في المتوسط إلى نحو 10 ملايين دولار أمريكي لكل قرض.
ديبورا بروتيغام، أستاذة الاقتصاد السياسي الدولي والمدير المؤسس لمبادرة الأبحاث الصينية الإفريقية قالت: “في جميع البلدان التي أُلغِيَت فيها الديون الصينية تقريباً -باستثناء الحالات البارزة في العراق وكوبا- اقتصر الدين المُلغَى على قروض المساعدات الخارجية المستحقة ذات الفائدة الصفرية التي تعثرت الدول المقترضة في سدادها”.
حيل القروض الجديدة: ديبورا وزملاؤها في مبادرة الأبحاث الصينية الإفريقية أوضحت أن الصين لم تشطب بعد قروضاً ميسرة أو تلغِ حداً ائتمانياً وقروضاً تجارية تمثل نصيب الأسد من الديون المُستحقَّة على الدول الإفريقية. وقد دفعت إفريقيا مليارات الدولارات من هذه القروض في بناء الطرق السريعة والموانئ والسدود والسكك الحديدية.
توضح الدراسة أنه عندما تتعثر هذه البلدان في سداد ديونها، تسعى لإعادة جدولتها، من خلال تغيير فترة السماح أو سعر الفائدة أو تاريخ الاستحقاق، وفي حالات نادرة من خلال إعادة التمويل عن طريق أخذ قرض جديد لسداد قرض قديم.
ووفقاً لديبورا، عادةً ما يحدث شطب الديون وإعادة جدولتها وفق كل قرض على حدة، وليس في محفظة ديون بأكملها. وقالت إنه بين عامي 2000 و2019، أعاد المقرضون الصينيون جدولة نحو 7.5 مليار دولار أمريكي من الديون وإعادة تمويل قروض أخرى بقيمة 7.5 مليار دولار (في أنغولا من جانب بنك التنمية الصيني).
مصيدة الاستدانة: رغم الانتقادات المتزايدة من الدول الغربية، وخاصة من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي تتهم الصين بأنها تقدم قروضاً لإفريقيا لإسقاطها في مصيدة الاستدانة، أعربت مبادرة الأبحاث الصينية الإفريقية عن اعتقادها بأنَّ “الصين لا تحاول الاستفادة من البلدان التي تعاني من مديونية حرجة”.
الدراسة لفتت في هذا الصدد إلى أنه “لم تكن هناك مصادرة أصول في حالات إعادة الجدولة الـ 16 التي وجدناها”. ولم نرَ حتى الآن أية حالات في إفريقيا قاضت فيها البنوك أو الشركات الصينية الحكومات ذات السيادة أو اختارت اللجوء إلى التحكيم الدولي لتسوية عقود القروض الصينية”.
شكوك بنوايا الصين: لكن استطردت ديبورا وزملاؤها: “إنَّ انعدام الشفافية يغذي الشكوك بشأن النوايا الصينية. ومن المرجح أن تبرز هذه الأنماط في الوقت الذي يصارع فيه المقرضون الصينيون والمقترضون الأفارقة مع تأثير كوفيد-19”.
اتفاق بكين للمشاركة في مساعدة الدول الفقيرة من خلال اتفاق توصلت له مجموعة العشرين يمثل المرة الأولى التي تنضم فيها الصين إلى التزام متعدد الأطراف لتخفيف عبء الديون المرتبطة بالإقراض الحكومي.
باحثو مبادرة الأبحاث الصينية الإفريقية قالوا: “نتوقع أن تحترم الصين هذا الالتزام للدول التي تطلب شطب الديون”.
مع ذلك، أشارت الدراسة إلى أنَّ اتفاق مجموعة العشرين لم يتناول سوى الدائنين الثنائيين. إلى جانب أنَّ العديد من البلدان منخفضة الدخل تدين بمبالغ كبيرة لمقرضين من القطاع الخاص.
وفقاً للبنك الدولي، وصلت الديون المرتبطة بحاملي السندات إلى 31% من الديون العامة وديون القطاع العام المضمونة في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى فقط في 2017، استحوذت الصين على نحو 17% منها، بينما 5% منها فقط كانت لنادي باريس – مجموعة الدول الدائنة التي تسعى إلى معالجة مشاكل الديون بين الدول النامية.