100 شركة تنوي مغادرة إيران بعد العقوبات الأمريكية
كشفت شبكة «سي إن إن» الأمريكية أن نحو 100 شركة عالمية تنوي مغادرة إيران بعد العقوبات التي أقرتها الولايات المتحدة على طهران، مؤخراً.
والإثنين بدأ سريان الحزمة الأولى من العقوبات الأميركية على إيران، بهدف تكثيف الضغط عليها، المستمر منذ إعلان الرئيس دونالد ترمب، في مايو/أيار الماضي، الانسحاب من الاتفاق النووي، الموقّع بين طهران والمجتمع الدولي عام 2015.
ونقلت «سي إن إن»، عن مسؤول إداري كبير بوزارة الخارجية الأميركية -لم تذكر اسمه- قوله إن «نحو 100 شركة دولية أعلنت نيتها مغادرة السوق الإيرانية».
وتابع المصدر: «وذلك استجابة للعقوبات الاقتصادية التي فرضتها الإدارة الأميركية على إيران والمتعاونين معها».
وأضاف المسؤول الأميركي حسب المصدر ذاته: «نحن سعداء للغاية بأن نحو 100 شركة أعلنت عن نيتها مغادرة السوق الإيرانية، لا سيما في قطاعي الطاقة والتمويل».
ووفق الشبكة الأميركية، فإن من أهم الشركات التي أعلنت نيتها مغادرة السوق الإيرانية أو وقف توسعها، «بيجو» و»رونو» الفرنسيتان، و»ديالمر» الألمانية لصناعة السيارات، و»توتال» الفرنسية للمحروقات، و»سيمنس» الألمانية للتكنولوجيا.
وتستهدف حزمة العقوبات الأميركية النظام المصرفي الإيراني، بما في ذلك شراء طهران للدولار الأميركي، والاتجار بالذهب، ومبيعات السندات الحكومية.
ومن المقرر أن يبدأ فرض حزمة عقوبات ثانية أوائل نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، تستهدف قطاع الطاقة.
الاتحاد الأوروبي قد يحمي شركاته
في الوقت الذي أعلنت فيه الإدارة الأميركية نيتها تطبيق أقصى ضغط على طهران بفرض إجراءاتها العقابية بصرامة، بدأ الاتحاد الأوروبي محاولةً لحماية الشركات الأوروبية من عقوبات الرئيس الأميركي التي فرضها على إيران.
ودخلت العقوبات حيز التطبيق في منتصف الليل (بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأميركية). وفي الوقت نفسه، فرض الاتحاد الأوروبي تشريعاتٍ لحماية شركاته والإبقاء على اتفاقية مصممة لتحجيم الطموحات النووية لإيران. جديرٌ بالذكر أنَّ الاستخدام الأخير لهذه التشريعات كان منذ سنوات لحماية شركات الاتحاد الأوروبي من عقوبات الولايات المتحدة الأميركية ضد كوبا، بحسب صحيفة The Guardian البريطانية
وأُمِرَت الشركات الأوروبية بعدم الامتثال لمطالب البيت الأبيض بإيقاف التعاملات التجارية مع إيران. وستحتاج الشركات التي قررت الانسحاب الحصول على إذن من المفوضية الأوروبية، إذ ستواجه بدونه خطر التعرض للمقاضاة من قبل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وأُعلِنَ كذلك عن آلية تسمح للأعمال التجارية التابعة للاتحاد الأوروبي المتضررة بسبب العقوبات أن تقاضي الإدارة الأميركية أمام المحاكم الوطنية للدول الأعضاء.
أعلن ترمب نيته معاقبة الشركات التي تجري تعاملاتٍ تجارية مع إيران حين تراجع عن اتفاقٍ عُقد في عام 2015 بهدف الحد من طموحات طهران النووية، في مقابل تخفيف العقوبات.
الأوروبيون مصرُّون على حماية مصالحهم
وقال بيانٌ مشترك أصدره وزراء خارجية الدول الثماني وعشرين بالاتحاد الأوروبي، بما في ذلك جيريمي هانت عضو برلمان المملكة المتحدة، أمس الاثنين 6 أغسطس/آب إنَّ هناك «إصراراً على حماية» المصالح الاقتصادية للاتحاد والاتفاق النووي، الذي تواصل بروكسل بالإضافة للصين وروسيا دعمه وتأييده.
وقال البيان: «رفع العقوبات المتصلة بالنشاط النووي لإيران جزء ضروري من الصفقة، هدفها التأثير بإيجابية ليس فقط على العلاقات التجارية والاقتصادية مع إيران، لكن على ما هو أكثر أهمية، أي حياة الشعب الإيراني».
وتابع البيان: «نحن عازمون على حماية الشركات الاقتصادية الأوروبية المرتبطة بأعمالٍ تجارية مشروعة مع إيران، بموجب قانون الاتحاد الأوروبي وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231. لهذا يدخل قانون المنع الجديد للاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ في 7 أغسطس/آب لحماية الشركات التابعة للاتحاد الأوروبي التي تجري عملياتٍ مشروعة مع إيران من أثر العقوبات الأميركية المتجاوزة للحدود»، بحسب الصحيفة البريطانية.
مجازفة أيضاً
ورغم الموقف العلني الصارم، هناك مخاوف بشأن فعالية قانون المنع، إذ يعترف مسؤولو الاتحاد الأوروبي بأن الشركات التي تواصل الاستثمار في إيران تقوم بمخاطرة.
وصرحت إدارة ترمب يوم الاثنين 6 أغسطس/آب بأنها غير قلقة إزاء قرار الاتحاد الأوروبي، وأنَّ استراتيجية الولايات المتحدة الأميركية مصممة لتطبيق أقصى ضغط ممكن على طهران.
وقال أحد كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية للمراسلين: «هذا يتفق تماماً مع ما فعله الرئيس مع أنظمة أخرى أقل ودية.. وهو الحفاظ على أقصى ضغط حتى تتحقق أهدافنا».
وقالت إدارة ترمب إنَّها تسعى في نهاية المطاف إلى اتفاق جديد يتصدى «للتهديد الإيراني كله»، حتى بعد سخرية طهران وحلفاء الولايات المتحدة الأساسيين من فكرة إعادة التفاوض على الاتفاق النووي لعام 2015، المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA).
أشاد الرئيس الإيراني حسن روحاني بموقف الاتحاد الأوروبي، ورفض العقوبات لكونها «حرب نفسية» مصممة لمساعدة حلفاء ترمب السياسيين في الانتخابات النصفية الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني، بحسب الصحيفة البريطانية.
وفي حديثه على التلفزيون الرسمي للدولة يوم الاثنين 6 أغسطس/آب، قال روحاني أيضاً إنَّ عرض ترمب الأخير لمقابلته أصبح الآن بلا جدوى، وأضاف: «يريد الشخص الذي طعن منافسه في ذراعه أن يجري الآن محادثات! عليه أولاً أن ينزع سلاحه ويضعه في جيبه».
العقوبات عادت مرة أخرى
ومهد قرار الولايات المتحدة المثير للجدل بالانسحاب من الصفقة النووية الطريق أمام إعادة فرض العقوبات على مرحلتين. تدخل المرحلة الأولى حيز التنفيذ اليوم الثلاثاء 7 أغسطس/آب، ويبدأ نفاذ المرحلة الثانية في 4 نوفمبر/تشرين الثاني، بعد مرور 180 يوماً من إنهاء ترمب مشاركة الولايات المتحدة الأميركية في الاتفاق. وكان الهدف من هذه المرحلة الانتقالية هو توفير الوقت للشركات التي تجري تعاملاتٍ مع إيران بالفعل لتوقف أنشطتها.
وقال مسؤول الولايات المتحدة الأميركية: «سياساتنا المذكورة ليست لتغيير النظام الإيراني، لكن لتعديل سلوكه».
وتعهد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بأنَّ بلاده «ستتخطى هذه الفترة الصعبة»، رافضاً جولة العقوبات الجديدة باعتبارها حرباً نفسية بالأساس.
وقال ظريف إنَّ حقيقة أنَّ العقوبات تستهدف قدرة إيران على شراء طائرات ركاب تظهر ازدراء الولايات المتحدة الأميركية للشعب الإيراني ككل. وأضاف: «إذا كانت لديك علاقات «جيدة» مع الإيرانيين، إذاً فالسؤال هو: لماذا كانت الجولة الأولى من العقوبات التي وقَّعتها تستهدف الطائرات؟».
كانت هناك أعداد هائلة من حوادث تحطم الطائرات في إيران منذ الثورة الإسلامية عام 1979، نتج عنها على الأقل 1985 حالة وفيات. ومنعت سنواتٌ من العقوبات الغربية إمكانية وصول إيران إلى قطع غيار أو شراء طائرات جديدة.