يصفونها بـ”المرأة الحديدية” القادرة على منافسة أردوغان.. لكن كيف ستواجه “أكشينير” تاريخها مع انتهاكهات لحقوق الإنسان؟
تبرز ميرال أكشينير، زعيمة حزب “الخير” على الساحة السياسية في تركيا، باعتبارها المنافس الأبرز للرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، بعد أن أعلن الشهر الماضي عن انتخاباتٍ رئاسية مبكرة، في 24 يونيو/حزيران، قبل عامٍ ونصف العام من موعد عقد الانتخابات.
وقالت ميرال، الشهيرة باسم أسينا، أو “أنثى الذئب” بين مؤيديها، زعيمة حزب “الخير” لصحيفة The Guardian: “في الماضي حين كان الجميع ما زالوا مترددين، كنتُ أول من أعلن ترشحه ضد أردوغان.
قلتُ هذا من بداية العملية، إنَّه في الجولة الأولى، يجب أن يصوت الجميع ببساطة لمرشحهم. لكن في الجولة الثانية، من أجل الديمقراطية، وبلدنا، يجب أن تترك المعارضة تنافساتها جانباً، وتدعم مرشح المعارضة أياً كان اسمه. هذه الانتخابات هي واحدة من أهم الانتخابات في تاريخ بلدنا”.
تهاجم أردوغان وحزبه
وقفت ميرال أكشينير، بالقرب من تمثالٍ لمؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك في مدينة غيرسون، المُطلَّة على ساحل البحر الأسود، في بداية هذا العام 2018. وراحت تنتقد الحزبَ الحاكم للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وسط حشد من المزارعين، وعبر الميدان كانت هناك لافتة كبيرة مكتوب عليها “أنقذينا أيتها المرأة الحديدية”، وقفت تنتقد مسؤولي أردوغان، زاعمة أن أي شيء يلمسه الرئيس يتحول إلى تراب.
ويسيطر أردوغان وحزب العدالة والتنمية على واقع السياسة التركية منذ 15 عاماً.
وسيحصل الفائز في الانتخابات على رئاسةٍ تنفيذية بسلطاتٍ واسعة، أُقِرَّت بفارقٍ طفيف في الأصوات في استفتاءٍ العام الماضي.
وتشير صحيفة “الغارديان” إلى أن استطلاعات الرأي تظهر أنَّ أردوغان سيحوز انتصاراً سهلاً في الجولة الأولى، لكن إن استمرت الانتخابات لجولةٍ ثانية يواجه فيها ميرال، سيكون السباق الرئاسي محتدماً.
حفيدة مهاجرين وصلوا إلى تركيا من اليونان
وميرال هي حفيدة لمهاجرين وصلوا إلى تركيا من اليونان في عشرينيات القرن الماضي، خلال تبادل السكان الصادم بعد حرب الاستقلال التركية. كانت ميرال في الماضي من الأعضاء البارزين بحزب الحركة القومية، وتولت منصب وزير الداخلية في التسعينيات، حتى أجبرها تمردٌ في قيادة الحزب على الرحيل.
تأمل ميرال في حملتها للترشح للرئاسة أن تجتذب أصوات المنشقين عن حزب العدالة والتنمية، وأصوات مَن توصّفهم هي بالمحافظين المخلصين، غير الراضين عن الاتجاه الذي تسلكه تركيا.
وتعهدت ميرال بالتراجع عن التغييرات في النظام الرئاسي، وإعادة العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي إلى وضعها الطبيعي، وإعادة فرض حكم القانون في تركيا، حيثُ قُلِّصَت الحريات بحسب رأيها بموجب حالة الطوارئ التي فُرِضَت عقب محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة، في يوليو/تموز 2016.
وقالت عن ذلك: “تولِّي شخص واحد للسلطة سيكلف تركيا الكثير على المدى المتوسط والطويل. الديمقراطية تعاني من خلل في تركيا، ونحتاج إلى إعادة إرسائها، واستعادة حكم القانون والسلطة القضائية”.
وأضافت: “أنا مسلمة أمارس شعائر الإسلام، وأديتُ فريضة الحج، لكنَّ العقلية التي تحكمنا يجب أن تعتمد على القوانين. علمانية الدولة تجعل من الممكن تغيير القوانين الموضوعة من أجل الناس، وفقاً لاحتياجاتهم التي تتغير مع الوقت”.
مرشحة المعارضة الأساسية
وتقول الغارديان إن ميرال أصبحت مرشحة المعارضة الأساسية تقريباً، بعد تراجع عبدالله غول الرئيس السابق عن الترشح.
أمَّا حزب الشعب الجمهوري العلماني المتشدد، الذي يحظى بقبولٍ محدود لدى المتدينين المحافظين، ولم يفز بأي انتخابات منذ عام 2002، فربما سينتهي به الحال بدعم ميرال كمرشح يمكنه التعاون معه لتحقيق أهداف الحزب.
وقال سونر جاغابتاي، مدير برنامج الأبحاث التركي في معهد واشنطن، الذي ألَّف سيرةً ذاتية عن أردوغان: “تركيا بالأساس دولة يمينية، فمنذ أصبح نظام الدولة ديمقراطية متعددة الأحزاب عام 1950، حكم اليسار لـ17 شهراً فقط. سيكون حزبها منافساً حقيقياً، على الأقل سيسبّب صداعاً كبيراً له من جانبه الضعيف”.
ستضطر للتعامل مع التاريخ المتطرف لأسلافها
وترى الغارديان أن تحالفها مع تياراتٍ يمينية سيعني أنَّ ميرال ستضطر للتعامل مع التاريخ القومي المتطرف والعنصري لأسلافها السياسيين، وهو إرث وضع حزبها في مقارنةٍ مع الموجة الشعبوية المعادية للهجرة في أوروبا. وهو أمر تنكره بشدة.
إذ تورَّط تنظيم الذئاب الرمادية، الجناح العسكري السابق لحزب الحركة القومية، في حوادث عنف سياسي عديدة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، مثل مذبحة العلويين، ومحاولة اغتيال البابا يوحنا بولس الثاني. ودائماً ما كان الناخبون الأكراد في جنوب شرقي تركيا حذرين من السياسيين القوميين، أضِف إلى ذلك أنَّ الفترة التي شغلت فيها ميرال منصب وزير الداخلية شهدت أسوأ انتهاكات لحقوق الإنسان بحق الأكراد في المنطقة.
ولهذا ستُواجه ميرال معركةً شاقة لإقناعهم بدعمها في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية، في حال لم تُحسَم من الجولة الأولى، هذا في الوقت الذي لم تتحدث فيه كثيراً عن جهودها لحل أزمة الأكراد، إذ جاء حديثها بصورةٍ عامة عن الحفاظ على الهوية الوطنية، واحترام حقوق الأقليات في الوقت ذاته.