وول ستريت جورنال: في عالم ما بعد سليماني على ترامب إدارة تداعيات قراراته بحكمة وليس بالتهديد
علقت صحيفة “وول ستريت جورنال” في افتتاحيتها على قرار قتل الجنرال قاسم سليماني في العراق يوم الجمعة. ودعت تحت عنوان “عالم ترامب بعد سليماني” الرئيس الأمريكي لإدارة تداعيات مقتل قائد فيلق القدس سليماني قرب مطار بغداد الدولي.
وجاء فيها: “قد يكون من الجيد القول إن عمل الخير لا يحتاج إلى عقاب، لكن دونالد ترامب هو الشخص الوحيد الذي يأخذ على عاتقه معاقبة أفعاله الجيدة”. فعمل الخير الذي قصدته الصحيفة هو أمره باغتيال سليماني والذي كرس حياته لتصدير الثورة الإسلامية وقتل الناس. وكان من ضحاياه أمريكيون وعراقيون وإيرانيون وأوروبيون وسوريون وغيرهم حول العالم. وقالت إن سليماني كان يخطط قبل مقتله لقتل المزيد.
وتشير الصحيفة إلى أن ترامب تمتع بأيام جيدة وثناء بعد القتل، فقد كان بيانه حول القتل مدروسا ومضبوطا ومباشرا. ورغم ما تعرض له من نقد، ظل ترامب هادئا تاركا أفعاله تتحدث عن نفسها. إلا أن القرار كان كبيرا ويتعلق بمصالح الأمن القومي، وتساءل أتباعه في أمريكا عما سيحدث لاحقا. وما حدث كان واضحا حيث رد ترامب على نقاده وضد العراق.
ومع أن ترامب أبقى على الغطاء في وقت واصل فيه المعلقون والديمقراطيون هجماتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أنه لم يستطع الالتزام بالهدوء عندما قرر البرلمان العراقي طرد القوات الأمريكية من البلاد في تصويت تقول الصحيفة إن السنة والأكراد قاطعوه. وهدد وهو على متن الطائرة الرئاسية رقم واحد بفرض عقوبات على العراق وضرب المواقع الثقافية في إيران، وتحول القتل إلى نقاش حول معاهدات جنيف بشكل دعا عددا من الجمهوريين لإبعاد أنفسهم عن الرئيس.
وتقول الصحيفة: “نعتقد أن قرار الرئيس قتل سليماني مبرر بناء على إيجابياته حيث قضى وزير الخارجية مايك بومبيو صباح الأحد على التلفاز، وهو ما أضاف إلى الحملة الرئاسية في وقت يحاول فيه الديمقراطيون العثور على شخص يواجه ترامب”. وتعتقد الصحيفة أن ترامب لو فشل بمتابعة عملية القتل بإجراءات ضد إيران غير التهديدات والخطابات عبر “تويتر” ضد الإيرانيين والشعب العراقي فإنه سيمنح نقاده فتحة للنفاذ منها إليه.
وقللت الصحيفة من أهمية بيرني ساندرز وإليزابيث وارن في موضوعات السياسة الخارجية للديمقراطيين، لكن عدم متابعة ترامب للعملية يعني أن المرشحين لانتخابات الرئاسة في مركز الحزب مثل جوزيف بايدن سيجدون مبررا للهجوم على الرئيس وأن قراره المتهور هو دليل سوء إدارته لشؤون الأمن القومي. ويعرف هؤلاء أن فرصتهم الحقيقية هي الاستفادة من عدم ارتياح الناس من أداء القائد الأعلى للقوات المسلحة.
ومن واجب ترامب الآن هو إثبات أنهم على خطأ، وسيحاول الانعزاليون في الحزب الجمهوري إقناعه بعد مقتل سليماني بغسل يديه من المنطقة. وهذا ليس متاحا الآن فقد حرك ترامب قوى مهمة في الشرق الأوسط. فلو أجبر الأمريكيون على الخروج من العراق فلن يلوم ترامب إلا نفسه. وعليه أن يطمئن العراق بأن الولايات المتحدة موجودة لحماية السيادة العراقية لا استغلالها.
وقللت الصحيفة من تهديدات إيران بضرب واستهداف المواطنين الأمريكيين، مشيرة إلى أن تحللهم من التزاماتهم بشأن الاتفاقية النووية لن يكون أكثر مما يقومون بعمله الآن، وهي محاولة منهم لدق إسفين بين أوروبا وأمريكا بانتظار خليفته عام 2021. فمنذ خروجه من الاتفاقية النووية عام 2018 طور ترامب إستراتيجية ضغط كبيرة لضرب الاقتصاد الإيراني.
ولا يحب المواطنون الإيرانيون الملالي الذي لم يعد له حلفاء في الخارج، فيما خسروا الآن مخلب القط، سليماني. وترى الصحيفة أن مقتله يعني فرصا لتشكيل تحالف الحلفاء، وربما دفع بعض الديمقراطيين لدعم سياسات جديدة ضد إيران.
ولا تستبعد الصحيفة فتح مفاوضات مع النظام الإيراني وسياساته التدميرية للنفس التي يتبناها منذ 40 عاما. وتختم بالقول إن قتل سليماني كان عملا جريئا لم يكن لرئيس القيام به من أجل إعادة الردع. واحتفل به معظم الأمريكيين، ويجب على ترامب الآن إظهار أنه قادر على إدارة تداعياته، وأنه كان قرارا حكيما يخدم المصالح القومية.