وفاة متظاهرة مع بدء حركة “السترات الصفراء” في احتجاجات فرنسا
توفيت متظاهرة وأُصيب آخرون أثناء الاحتجاجات التي عطلت حركة السير في شوارع فرنسا ضد رفع أسعار الوقود.
وقالت تقارير إن متظاهرة توفيت بعد أن صدمتها سيارة أُصيب قائدها بالفزع مما دفعه إلى قيادة السيارة نحو جموع المتظاهرين.
وقال مسؤولون فرنسيون إن حوالي خمسة آلاف متظاهر، يٌطلق عليهم حركة “السترات الصفراء” نسبة إلى ستراتهم العاكسة للضوء، احتشدوا في ألف موقع في أنحاء فرنسا.
ويتهم المحتجون الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بإهمال “الفقراء”، وذلك بعد أيام من اعتراف ماكرون في وقت سابق من هذا الأسبوع بأنه لم ينجح في “مصالحة الشعب الفرنسي مع الزعماء”.
كما اتهم معارضيه السياسيين بأنهم يحاولون استغلال الحركة، “السترات الصفراء”، من أجل وضع العراقيل في طريق برنامجه الإصلاحي.
وقال كريستوف كاستنر، وزير الداخلية الفرنسي، لصحيفة لو باريسيان الفرنسية إنه “سوف يكون ضربا من الفشل إذا كلفنا ذلك أرواحًا”، معربا عن قلقه إزاء المظاهرات ومؤكدا على ضرورة تجنب المخاطر.
وأشارت تقارير إلى وقوع إصابات أثناء المظاهرات التي شهدتها أنحاء متفرقة من فرنسا مع ترجيح تقارير إعلامية لأن أعداد المصابين في تزايد مستمر.
وفي أراس، شمال فرنسا، تعرض متظاهر يبلغ من العمر 71 سنة لإصابات خطيرة بعد أن صدمته سيارة، مما أدى إلى تجمع المزيد من المتظاهرين بعد أن لاذ السائق بالفرار، لكن السلطات قبضت عليه فيما بعد، وفقا لصحيفة لافوا دي نور الفرنسية.
وأضافت الصحيفة أن اثنين من المتظاهرين أصيبوا بعد أن انحرفت شاحنة عن الطريق لتصعد أعلى رصيف الطريق بعد أن دخل السائق بالمركبة وسط المتظاهرين.
وحاول سائق الدوران إلى الخلف للتخلص من الزحام الذي كان عالقا فيه فاصطدم بسيارتين كانتا في اتجاهه في مدينة ببيزونسه الفرنسية، وفقا لصحفية ليز ريبوبليكا الفرنسية.
وفي سيليستا بالقرب من ستراسبورغ، دهس سائق أقدام المتظاهرين، وفقا لموقع دي إن أيه المحلي.
وفي غراس، أُصيب شرطي أثناء محاولته منع أحد السائقين الدول وسط المتظاهرين، ما أدى إلى إصابته والقبض على السائق، وفقا لصحيفة نيس ماتي.
لماذا يستهدف السائقون المتظاهرين؟
رُفع سعر وقود الديزل، الذي يستخدمه أغلب السيارات في فرنسا، بحوالي 23 في المئة على مدار السنة الماضية ليصل متوسط السعر إلى 1.51 يورو للتر، ما يشير إلى أعلى المستويات منذ عام 2000، وفقا لوكالة أنباء فرانسبرس.
وارتفعت أسعار النفط في الفترة الأخيرة قبل أن تعاود الهبوط مرة ثانية، مما دفع حكومة ماكرون إلى رفع ضريبة الهيدروكربون هذا العام فقط بحوالي 7.6 سنت لليتر الديزل و3.9 سنت لليتر البنزين في إطار حملة ترويج لاستخدام الوقود النظيف في تشغيل السيارات.
وتشير توقعات إلى أن الزيادة بواقع 6.5 سنت لليتر الديزل و2.9 سنت لليتر البنزين في الأول من يناير 2019 سوف تكون الزيادة الأخيرة في مسلسل رفع أسعار الوقود.
وبرر الرئيس الفرنسي الأربعاء الماضي رفع أسعار الوقود بارتفاع الأسعار العالمية للنفط في الفصول الثلاثة الماضية من العام الجاري. كما رجح وزير الداخلية الفرنسي كاستنر إن التراجع في أسعار النفط العالمية في الفترة الحالية سوف يعوض زيادة الضريبة.
ما مدى قوة هذه الحركة؟
تتمتع حركة “السترات الصفراء” بدعم على نطاق واسع، وهو الثابت في نتيجة استطلاع الرأي الذي أجراه معهد “إلاب” التي أشارت إلى أن حوالي ثلثي المشاركين أعلنوا دعمهم “للسترات الصفراء” بينما أبدى 70 في المئة من المشاركين رغبتهم في تراجع الحكومة عن قرار الرفع الأخير لأسعار الوقود.
وقال فنسنت ثيبولت، من معهد إلاب، إن 50 في المئة من المشاركين في المسح الذين صوتوا للرئيس ماكرون يدعمون الاحتجاجات.
وأضاف أن “التطلعات والاستياء حيال القدرة الإنفاقية تنتشر على نطاق واسع، وهو ما لا يقتصر على المناطق الريفية والطبقات الدنيا في فرنسا فقط.”
وهدد المتظاهرون بتعطيل الطرق السريعة والطرق المؤدية إلى مستودعات النفط، بما في ذلك كاليه الواقعة بالقرب من نفق شانيل، وفقا لوكالة أنباء رويترز.
كما يشارك البعض في مظاهرات بعيدا عن الطرق مرتدين سترات صفراء.
دور المعارضة
بالتأكيد حاولت المعارضة استغلال ما يجري، إذ أعلنت مارين لوبان، زعيمة اليمين المتشدد التي هُزمت على يد ماكرون في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، دعمها لحركة السترات الصفراء على حسابها على موقع التواصل الاجتماعي تويتر.
وقالت لوبان: “لا ينبغي أن تخاف الحكومة من شعب فرنسا الذي خرج للتعبير عن غضبهم بطريقة سلمية”.
وطالب لوران فوكيه، زعيم جمهوريي أقصى اليمين في فرنسا، الحكومة بالعدول عن الزيادة التي تخطط لها في ضريبة الكربون والوقود الحفري في يناير/ كانون الثاني المقبل لتعويض المواطنين عن زيادة أسعار الوقود.
من جهته، وصف كاستنر ما يجري في فرنسا بأنه مظاهرات سياسية “يحركها الجمهوريون”.
وتنبأ جان لوك ميلونشون، المحسوب على اليسار المتشدد، بأن يكون السبت هو “يوم طلاق الشعب الفرنسي من مشروع ماكرون”.
رغم ذلك، لا يوجد زعيم معروف للحركة التي لا تخضع أيضا لأي من الأشكال التنظيمية بأن تتبع أحد الاتحادات العمالية على سبيل المثال.
وقال أوليفر فوريه، زعيم الحزب الاشتراكي اليساري، إن هذه الحركة “ولدت خارج نطاق الأحزاب السياسية”.
وأضاف أن الناس يريدون من السياسيين أن ينصتوا إليهم وأن يردوا على تساؤلاتهم، مؤكدا أن مطلبهم هو “الحفاظ على القدرة الشرائية للعملة وإرساء العدالة المالية”.