واشنطن تطرد 60 دبلوماسيا في إطار حملة منسقة دعما لبريطانيا
انضمت الولايات المتحدة الى حلفاء بريطانيا في أوروبا والعالم الإثنين وقررت طرد عشرات الدبلوماسيين الروس في خطوة غير مسبوقة، ردا على تسميم جاسوس روسي سابق بغاز أعصاب على الاراضي البريطانية.
وأمر 22 بلدا، بينها 16 بلدا عضوا في الاتحاد الاوروبي، بطرد 114 دبلوماسيا روسيا على الاقل، في اجراء اعتبر انتصارا للدبلوماسية البريطانية.
وأمرت واشنطن من جهتها بطرد 60 “جاسوسا روسيا”، في ضربة جديدة للعلاقات الاميركية الروسية بعد أقل من أسبوع من تهنئة الرئيس الاميركي دونالد ترامب نظيره الروسي فلاديمير بوتين لفوزه في الانتخابات.
كما أقدمت كل من كندا واوكرانيا والبانيا ومعظم دول الاتحاد الاوروبي على طرد دبلوماسيين روس لكن بأعداد أقل. وردت موسكو منددة بـ”تصرف مستفز” يؤشر الى “تصعيد في المواجهة يهدف الى زيادة الوضع خطورة”، وتوعدت بالرد.
وكانت بريطانيا دعت حلفاءها إلى الرد على تسميم العميل المزدوج سيرغي سكريبال وابنته يوليا، والذي اتُهمت موسكو بالوقوف وراءه.
ونفت روسيا أي علاقة لها بمحاولة الاغتيال التي أدخلت سكريبال وابنته في حال حرجة، في هجوم ربما يكون الاول من نوعه باستخدام غاز اعصاب في اوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف “نحن نأسف بشدة لهذه القرارات. السبب الذي تم تقديمه لنا هو ما يسمى بقضية سكريبال. لقد قلنا ونكرر مرة اخرى: روسيا لم تكن لها وليست لها أي علاقة بهذه القضية”، بحسب ما نقلت عنه وكالة الانباء الرسمية “تاس”.
وحذر من الرد بالمثل على هذه الدول التي “تتملق السلطات البريطانية” من دون ان تفهم تماماً ما حدث.
غير ان مسؤولين غربيين أوضحوا في إعلانهم عن طرد الدبلوماسيين، أنهم يوافقون على الخلاصة التي توصلت اليها بريطانيا بأن الكرملين هو الوحيد الذي يمكن ان يكون وراء الاعتداء الذي وقع في الرابع من آذار/مارس في مدينة سالزبري في انكلترا.
وصرحت المتحدثة باسم البيت الابيض سارة ساندرز ان واشنطن وحلفاءها يتصرفون “ردا على استخدام روسيا لسلاح كيميائي عسكري على أراضي المملكة المتحدة”.
وتتناقض هذه اللهجة الحادة مع الكلمات الدافئة التي توجه بها ترامب الى بوتين الاسبوع الماضي عندما قدم له التهنئة بالفوز في الانتخابات، على الرغم من نصائح مستشاريه بعدم الاتصال به.
وقالت ساندرز إن “الولايات المتحدة مستعدة للتعاون لأجل إقامة علاقات أفضل مع روسيا، لكن هذا غير ممكن إلا إذا غيرت الحكومة الروسية سلوكها”.
– اغلاق قنصلية –
قال مسؤولون أميركيون إن 48 “مسؤول استخبارات” يعملون في البعثات الدبلوماسية الروسية في الولايات المتحدة سيطردون، إضافة الى 12 يعملون في الامم المتحدة في نيويورك.
ورحبت سفيرة واشنطن في الامم المتحدة نيكي هايلي بهذه الخطوة، وقالت “هنا في نيويورك تستخدم روسيا الامم المتحدة كملاذ آمن لنشاطات خطيرة داخل حدودنا”.
ودان متحدثان باسم البيت الابيض ووزارة الخارجية اضافة الى هايلي والسفير الاميركي في موسكو جون هانتسمان، الهجوم الروسي المفترض.
الا ان ترامب نفسه لزم الصمت علما انه دائما ما يطلق التغريدات او يعقد مؤتمرا صحافيا للاعلانات المهمة.
وذكر مسؤولون في البيت الابيض أنه سيتم إغلاق القنصلية الروسية في سياتل بسبب قربها من قواعد غواصات أميركية ومصنع تديره شركة بوينغ العملاقة.
وتمثل هذه أكبر عملية طرد جماعية لعملاء روس او سوفيات في الولايات المتحدة، وتأتي بعد ان طرد الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما 35 دبلوماسيا في 2016 بسبب مزاعم بتدخل موسكو في الانتخابات.
وحذرت وزارة الخارجية الروسية بأن “هذه الخطوة غير الودية.. لن تمر بدون أثر، وسنرد عليها”.
وألمحت السفارة الروسية في واشنطن إلى ما يمكن ان يكون عليه هذا الرد.
ففي تغريدة طلبت البعثة الروسية من متابعيها التصويت على أي قنصلية أميركية يجب إغلاقها، مدرجة القنصليات في فلاديفوستوك وبطرسبرغ ويكاتيرينبرغ.
من جانبها، دانت المتحدثة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا ما وصفته بانه “مؤامرة التضامن ضد روسيا التي فرضها البريطانيون” على الدول الاوروبية، قائلة ان بريطانيا “تستغل عامل التضامن” الأوروبي وتسيء إلى علاقات هذه الدول مع دول أخرى.
ودان السفير الروسي في الولايات المتحدة القرار، وصرح لموقع سبوتنيك نيوز الاخباري ان هذه الخطوة هي “ضربة خطيرة كما ونوعا لطاقم السفارة الروسية في واشنطن العاصمة”.
ولم يتضح على الفور كم عدد الروس الذين يعملون في مختلف البعثات في الولايات المتحدة، إلا أنه في 2016 امر بوتين الولايات المتحدة بخفض عدد موظفيها في موسكو الى 455 لكي تكون الاعداد متساوية في البلدين.
وقبل الاعلان عن اجراءات الطرد اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بريطانيا ب”المحاولة الحثيثة لاجبار الحلفاء على اتخاذ خطوات مواجهة”.
وأكدت كندا انها ستطرد اربعة دبلوماسيين من روسيا، بينما قالت اوكرانيا انها ستطرد 13، والبانيا دبلوماسيين اثنين، والنروج دبلوماسيين اثنين. وقامت 16 دولة في الاتحاد على الاقل بطرد دبلوماسيين. كما قررت استراليا طرد دبلوماسيين روسيين اثنين.
وسيغادر الدبلوماسيون المطرودون الدول التي هم فيها خلال أيام او أسابيع.
ورحبت بريطانيا بقرار حليفاتها، ووصفته بأنه نصر أخلاقي ودبلوماسي، بعد مخاوف تحدثت عن احتمال تفضيل بعض تلك الدول عدم إغضاب موسكو رغم الاستياء الدولي بشأن الاعتداء على سكريبال.
وقد اعلنت ايسلندا، على غرار لندن، مقاطعةً دبلوماسية لكأس العالم لكرة القدم في روسيا في حزيران/يونيو وتموز/يوليو.
– “رد استثنائي”-
وقالت ماي امام البرلمان الاثنين “معا بعثنا رسالة بأننا لن نتهاون مع محاولات روسيا المستمرة لانتهاك القانون الدولي وتقويض قيمنا”.
واضافت “بوصفها ديموقراطية اوروبية ذات سيادة، ستقف بريطانيا جنبا الى جنب مع الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي لمواجهة هذه التهديدات معا”.
وبعد اكثر من ثلاثة اسابيع على الهجوم الذي تقول لندن إنه نُفذ بغاز أعصاب طورته روسيا بشكل حصري، لا يزال سكريبال وابنته في حال حرجة.
وقد تعرضت شرطية بريطانية لغاز الاعصاب عندما توجهت الى موقع الحادث. الا انها عولجت وخرجت من المستشفى.
وقال قاض بريطاني الاسبوع الماضي إن عينات دم أخذت من الجاسوس السابق وابنته يمكن ان ترسل الى منظمة حظر الاسلحة الكيميائية لاجراء اختبارات عليها.