واشنطن بوست: مدراء سابقون للمخابرات يحذرون ترامب من استهدافها وسط تهديدات كورونا
وجه عدد من مدراء الاستخبارات الأمريكيين السابقين رسالة عبر صحيفة “واشنطن بوست” حذروا فيها من استبعاد الرئيس دونالد ترامب الخبرة العلمية في مكافحة فيروس كورونا قائلين إنها مدمرة لسلامة الأمة الأمريكية.
وأضاف المدراء السابقون أن الولايات المتحدة والعالم تواجه تهديدا خطيرا على صحتها ورفاهها واقتصادها. ويعتبر كوفيد- 19 الذي أصبح عالميا تهديدا علينا جميعا: الرأي العام والمدن والولايات والحكومة الفدرالية بالطبع.
و”في الوقت الذي نقاتل فيه جميعا هذا المرض القاتل فإن المؤسسات الإستخباراتية التي تعمل على حماية الأمة من التهديدات الحالية والمستقبلية تتعرض لهجوم من عدو غادر وهو السياسة المحلية”. و”علينا ألا نسمح لوباء كوفيد-19 أن يغطي الطريق المدمر الذي يسير باتجاهه الرئيس دونالد ترامب”.
وأشاروا إلى أن أوضح مثال على هذا الطريق وغير المسبوق، هو هجومه المستمر وتجاهله لعمل رجال الإستخبارات الذين كرسوا حياتهم لعملهم، وخدموا في الإدارات الجمهورية والديمقراطية بعيدا عن ميولهم السياسية.
ولفتوا إلى عزل ترامب قيادة المركز الوطني لمكافحة الإرهاب. ومع أنه ليس معترفا به ككيان مثل “سي آي أيه” و”أف بي أي” ووكالة الأمن القومي، إلا أنه كان نتاجا لما بعد هجمات أيلول (سبتمبر) 2001. وتم إنشاؤه من أجل ربط الخيوط وتنسيق التخطيط لعمليات مكافحة الإرهاب وجمع ممثلين من الحكومات الفدرالية لتحديد المشاكل ومراقبة التهديدات في الوقت الحقيقي والتأكد من قدرة العناصر الفدرالية المتباينة على الرد بطريقة منسقة.
وباختصار قام المركز الوطني لمكافحة الإرهاب ومنذ 9/11 بجمع الخيوط ضد التهديدات الحيوية. ورغم ترحيب القيادات السابقة بتعيين ضابط مجرب في العمليات الخاصة كمدير جديد للمركز، إلا أنهم يشعرون بالقلق من قرار ترامب التخلص من قيادته في فترة حرجة. فقد تم عزل القائم بأعمال المركز راسل ترافيرز الذي بدأ عمله في الإستخبارات العسكرية قبل 40 عاما. وقام ببناء قائمة الرقابة للإرهابيين حول العالم.
وكان ترافيرز ونائبه تجسيدا لما يتطلع إليه قادة الأمن: “خبرة بعيدة عن التحزب لتخدم الرئيس والشعب الأمريكي بعيدا عن الولاءات السياسية”. وتم التخلص منهما، بانتظار تعيين قائم بأعمال المدير، والذي لن يكون بخبرة سابقه، وسيكون أسيرا للقيادة الأمنية المسيسة. وقد يذهب المكلفون بإدارة المركز بالإنابة بعد أشهر، إذا تم التأكيد على تعيين الشخص الذي اختاره الرئيس مديرا جديدا.
وفي ظل الفراغ الحالي فمن سيقوم بمتابعة قائمة الرقابة الإرهابية والتأكد من رد الوكالات الفدرالية على التهديدات بطريقة منسقة؟
وفي الوضع الذي تواجه فيه الولايات أزمة صحية، يجب ألا ننسى الأثر المدمر الذي ستتركه هذه القرارات على سلامة الشعب الأمريكي. فهذا الكلام ليس من أجل حماية ضباط بارزين، بل تعتبر عملية العزل الخبيثة رسالة إلى كل المجتمع الأمني. وكل ضابط يتجرأ على قول الحقيقة أمام هذه الإدارة فسيكتشف أن مصيره انتهى. وسيعرف أي شخص يريد العمل في المؤسسات الأمنية أن هذا لا يختلف عن العمل في البيروقراطية الفدرالية المسيسة.
وسيتوصل الشبان الأمريكيون إلى أن العمل في الخدمات الفدرالية أو العامة لا يستحق التضحية. ولا يعني أن إصلاحات ما بعد 9/11 محفورة على الحجر ولا تتغير، فالمؤسسات يجب أن تتطور بطريقة صحية وبناء على الظروف. وعلى المركز الوطني لمكافحة الإرهاب وكذا مؤسسات الدولة التكيف والتطور بناء على الظروف. ولكن إفراغ المؤسسات من المهنيين المجربين لا يعتبر إصلاحا، بل تسييسا بكل ما تحمله الكلمة من معنى. وهو أمر مدمر لقيم الأمة ويعرضها للخطر. وعلى الكونغرس التحرك وإنعاش الرقابة للحفاظ على ما تبقى من قيادات مهنية في المجتمع الأمني.
وحصلت الإصلاحات في مرحلة ما بعد 9/11 لأسباب حقيقية، وهي أن البيروقراطية الأمريكية لم تكن جاهزة لتهديدات جديدة. ويعتبر المركز الوطني لمكافحة الإرهاب نموذجا لما يجب على الحكومة العمل والتنسيق وبجهود موحدة في ظل الأزمة. واستمرار الإدارة تسييس المجتمع الأمني سيبعد الأمة عن أهدافها ويعرضها للخطر أيا كان مصدره.
وشارك في كتابة المقال جوزيف ماغوبر وجون برينان ومايكل لايتر وماثيو جي أولسين ونيكولاس راسموسين وأندرو ليبرمان وجيفري أوكونيل ومايكل هايدن وجيمس كلابر.