واجهن الأزمة بهدوء وذكاء وتعاون.. لماذا تبدو القيادات النسائية ماهرات في التعامل مع كورونا؟
من تايوان وألمانيا إلى نيوزيلندا وأيسلندا، يُنظر إلى الطريقة التي تعاملت بها الدول التي تحكمها النساء بشكل عام على أنها الأكثر كفاءة، إذ إنها أدت إلى انخفاض أعداد الوفيات والسيطرة على انتشار المرض.
وأعلنت كل من أيسلندا ونيوزيلندا الإثنين 27 أبريل/نيسان نجاحهما في السيطرة على الوباء بالفعل، وخلو نيوزيلندا من حالات الانتقال المجتمعية ووجود عدد قليل منها فحسب في أيسلندا.
كيف نجحت القيادات النسائية بذلك؟
أشار الخبراء إلى مجموعة من العوامل التي تفسر ذلك مثل ميلهن إلى الأسلوب التعاوني، وأسباب أخرى متنوعة. تقول كلير وينهام، الأستاذة المساعدة في سياسة الصحة العالمية في كلية لندن للاقتصاد، لصحيفة The Telegraph البريطانية: “لماذا تبلي هؤلاء الزعيمات بلاء حسناً؟ أعتقد أنه لا توجد إجابة قاطعة، لكن البحوث السياسية في المجالات الأخرى بخلاف الصحة العالمية تبين أن وجود النساء في مناصب قيادية يعني المزيد من الشفافية والمساءلة وأساليب الحكم الرشيدة عادة. ونرى جلياً أن قيادات فنلندا ونيوزيلندا تقدم تحديثات يومية وتتخذ قرارات شفافة وهذا يعني أن هناك ثقة في الحكومة”.
وقالت وينهام إن القيادات النسائية على ما يبدو تصغي بدرجة أكبر إلى إرشادات منظمة الصحة العالمية، وتدرس الأساليب الناجحة في بلدان أخرى.
وبالفعل، قالت رئيسة وزراء أيسلندا، كاترين جاكوبسدوتير، يوم الإثنين إن هذا النهج كان “مرشدهم الرئيسي”.
الميل للأساليب التعاونية
تقول جينيفر توملينسون، أستاذة العلاقات بين النوع والتوظيف في كلية إدارة الأعمال بجامعة ليدز: “الأبحاث عن هذا الأمر متباينة، ولكن هناك بعض الصحة في فكرة أن القيادة النسائية تميل إلى الأساليب التعاونية أكثر من الرجال، لذلك قد تكون النساء أفضل في الاعتماد على مجموعة من الخبرات للتغلب على هذه الأزمة”.
ومن الجائز أن ذلك عند رئيسة تايوان تساي إنغ ون، التي ربما تكون أفضل من تعاملوا مع أزمة الفيروس بين قادة العالم، يعني الاستماع إلى نائبها، أحد خبراء الأوبئة البارزين، حول طريقة التعامل مع الفيروس التي خططوا لها منذ فترة طويلة. وقد نجحت: فعلى الرغم من أن البلاد تقع على بعد 130 كم فقط من ساحل الصين، لم تشهد سوى ست حالات وفاة جراء الإصابة بفيروس كورونا بعد اتخاذها إجراءات سريعة لوقف تفشي المرض.
تقول الدكتورة دريدري أندرسون من كلية كرانفيلد للإدارة: “يبدو أن أحد العوامل الرئيسية هو توقيت الإغلاق في أماكن مثل تايوان ونيوزيلندا”.
وقالت: “الصورة النمطية هي أن الرجال أكثر حسماً ولكن إذا نظرت إلى جميع أنواع الحالات، سترى أن النساء يتخذن القرارات استناداً إلى البيانات”.
التعامل مع الأزمة بهدوء ورباطة جأش
والبيانات هي ما وضعته أنجيلا ميركل، وهي نفسها عالمة، في جوهر الطريقة الألمانية للتعامل مع الفيروس، إذ جعلت الفحوصات ثم تتبع المخالطين أولوية منذ البداية، إلى جانب زيادة أسرَّة العناية المركزة للتعامل مع أي ذروة لتفشي الفيروس.
وفي الوقت نفسه، تعاملت أنجيلا مع الأزمة بهدوء ورباطة جأش، رغم تعرض قيادتها لهجوم حاد، إذ جاء في مقال افتتاحي نشر يوم الإثنين في صحيفة ألمانية بارزة: “ما يثير بالغ قلقي أن اقتصادنا تعرض لضرر بالغ لا يمكن إصلاحه، جزئياً، ولا تستطيع حكومتنا تحمل الاعتراف بأنها بالغت في اتخاذ قرارات صارمة”.
تقديس المسؤولية
تقول زعيمة حزب تحقيق المساواة للمرأة، ماندو ريد: “النساء معتادات على خضوعهن للتدقيق والحاجة إلى تبرير ما يفعلنه. ويدركن أن عليهن بذل مجهود مضاعف. وربما يدفعهن ذلك إلى تقديس الوظيفة والمسؤولية.. لكن الرجال والعديد من المؤسسات السياسية لا يتمتعون بالخبرة نفسها”.
وقالت إنها تعتقد أن العديد من القيادات النسائية، اللاتي واجهن عوائق طيلة مسيرتهن المهنية، تعلمن تحقيق التوازن بين الإيمان بالذات والوعي بها.
وفضلاً عن التوقيت والفحوصات، أشار كثيرون إلى أن الأساليب المختلفة التي اتخذتها القيادات النسائية لحمل شعوبهن على الالتزام بالتباعد الجسدي جزء من نجاحهن: ومن أمثلة ذلك مقاطع البث المباشر غير الرسمية لجاسيندا أرديرن على فيسبوك والتطوع بخفض أجرها بنسبة 20% تضامناً مع عاملين آخرين، أو المؤتمر الصحفي الذي عقدته رئيسة الوزراء الدنماركية متة فريدريكسن للأطفال.
ورغم عدم وجود بيانات منفصلة عن معدلات الوفاة أو الفحص في إسكتلندا، يُنظر إلى نيكولا ستارجن -التي كانت تنشر تغريدات إنسانية وكانت من بين أوائل القادة الذين شاركوا في التصفيق للأطباء مساء أيام الخميس- على أنها أيضاً أبلت بلاء حسناً أثناء تفشي المرض.
إنهن أهل للرعاية
تقول جينيفر: “النساء العاملات ما زلن يتحملن في كثير من الأحيان مسؤولية الرعاية في بيوتهن وأسرهن. ولعل هذه المعرفة تساعدهن في تشكيل نظرة أكثر شمولاً، خاصة فيما يتعلق بالفئات الضعيفة”.
لكنها قالت إنه يوجد عامل يتفوق على العوامل الأخرى وراء الأداء الممتاز للقيادات النسائية في مواجهة هذه الأزمة.
إذ تقول: “أعتقد أن العامل الأكثر حسماً وأهمية هو أنه يتعين على القيادات النسائية أن تكون رائعة واستثنائية لكي تفوز بالانتخابات”. وقالت “ولهذا السبب نرى القيادة القوية لهؤلاء النساء. إنهن مؤهلات بما يكفي وأكثر ليبرعن في النهوض بواجبهن”