هل يعزل الديمقراطيون ترامب؟
قبل فترةٍ طويلة من صدور نسخةٍ مُنقَّحة من تقرير تحقيق مولر في الأسبوع الجاري، كانت ظلال العزل تُخيِّم على رئاسة دونالد ترامب، فما موقف الديمقراطيين من عزل ترامب بعد صدور نتائج التقرير.
النتائج الواردة في التقرير المكون من 448 صفحة، التي تشمل 11 حالة شهدت تورُّط ترامب أو أفراد حملته في عرقلةٍ محتملة للعدالة، زادت من الضغط على الديمقراطيين البارزين لاتخاذ موقفٍ بشأن هذه القضية، حسب ما ورد في تقرير لصحيفة “الجارديان” البريطانية.
«يستحق العزل جراء أكاذيبه، ونريد استدعاء مولر للشهادة»
ويطالب عدد من النواب الديمقراطيين بعزل الرئيس بعدما أظهرت نتائج تحقيق المحقق الفيدرالي روبورت مولر أكاذيب ترامب وتورطه في عرقلة سير العدالة، كما يريد كثيرون منهم استدعاء الأخير للشهادة أمام الكونجرس.
ولكن الأمر ليس بهذه السهولة.
إذ يجب أن تمر قضايا العزل عبر مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون، لكنَّعزل الرئيس من منصبه يستلزم موافقة ثلثي مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون.
لماذا تعترض أكبر مسؤولة ديمقراطية على فكرة عزل ترامب؟
إنَّ الديمقراطية نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب، عارضت دعوات العزل مراراً، رغم أنها توصف بأنها واحدة من ألد أعدائه، وكان لها موقف قوي في مواجهته أثناء الخلاف الشهير على الميزانية التي طلبها ترامب وتضمنت بندا لإنشاء الجدار على حدود المكسيك.
إذ تخشى هي وغيرها من الديمقراطيين من أنَّ عملية العزل، التي سيُجهضها مجلس الشيوخ غالباً، قد تُشكِّل انحرافاً سياسياً، وترى أنَّ الحزب يجب أن يعتمد على صناديق الاقتراع في عام 2020 لإخراج ترامب من البيت الأبيض.
لكن في أعقاب ظهور تقرير مولر، فإنَّ الديمقراطيين البارزين، بمن فيهم المتنافسون على ترشيح الحزب لانتخابات الرئاسة ورؤساء اللجان والمُشرِّعون العاديون، وجدوا أنفسهم مضطرين إلى اتخاذ موقفٍ بشأن العزل، إمَّا تأييده أو رفضه أو اتخاذ موقفٍ وسط.
رافضو العزل.. مثاليون يخشون الاتهام بإساءة السلطة
نانسي بيلوسي: تحاول رئيسة مجلس النواب التعامل بحذرٍ بالغ مع تلك المسألة، ولم تجعل الناخبين يعتقدون أنَّها ستمضي قدماً في إجراءات العزل، بل أشارت بدلاً من ذلك إلى الاعتماد على إشرافٍ شديد على البيت الأبيض من جانب لجانٍ يقودها ديمقراطيون.
وقالت للصحفيين هذا الأسبوع: «دعوني أؤكِّد لكم أنَّه مهما كانت القضية والتحدي اللذان نواجههما، فإنَّ كونغرس الولايات المتحدة سيحترم اليمين الدستورية التي أقسم فيها بحماية دستور الولايات المتحدة والدفاع عنه لحماية ديمقراطيتنا. نعتقد أنَّ المادة الأولى، أي البند التشريعي في المادة الأولى- تمنحنا مسؤولية الإشراف على ديمقراطيتنا، وسوف نمارس هذه المسؤولية».
حكيم جيفريز: ذكر ممثل ولاية نيويورك، الذي يتزعم كتلة الديمقراطيين في مجلس النواب، أنَّ الناخبين أكثر اهتماماً بقضايا أخرى غير العزل. إذ قال هذا الأسبوع: «الحل ليس العزل، بل المزيد من الشفافية أمام الشعب الأمريكي».
أنغوس كينغ: قال السيناتور المستقل من ولاية ماين، المتحالف مع الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، إنَّ قرار عزل ترامب من الرئاسة يجب أن يُتخَذ من جانب الناخبين.
وأضاف لشبكة CNN يوم الجمعة: «أرى أنَّ هناك عملية سياسية مُقبلة أفضل ستستغرق الوقت نفسه تقريباً، وهي انتخابات 2020. فإجراءات العزل ستستغرق 18 شهراً على الأرجح، وستؤدي إلى إجراء انتخاباتٍ مباشرةً في نهاية المطاف، فضلاً عن أنَّها ستكون مثيرة للخلافات».
أصحاب الموقف الوسطي.. يريدون استدعاء مولر قبل اتخاذ القرار
بيت بيتيغيغ: قال عمدة مدينة ساوث بِند بولاية إنديانا، الذي يرغب كذلك في خوض الانتخابات الرئاسية في العام المقبل وارتفعت حظوظه في استطلاعات الرأي، إنَّ هناك «دليلاً على أنَّ هذا الرئيس يستحق العزل». لكنَّه ذكر أيضاً أنَّ الأمر متروك للكونغرس ليقرر ما إذا كان يجب المضي قدماً في إجراءات العزل، مما أثار جدلاً حول موقفه الحقيقي.
جيرولد نادلر: قال نائب ولاية نيويورك ورئيس اللجنة القضائية بمجلس النواب إنَّ لجنته ستعقد «جلسات استماع كبيرة» مع شخصياتٍ بارزة وردت في تقرير مولر. وقد ناقش نادلر، الذي طلب نسخةً غير منقحة من التقرير، مسألة العزل مراراً كما لو أنَّ لجنته هي صاحبة الفكرة. لكنَّه لم يُعرب في الأسبوع الجاري عن إصراره على العزل.
إذ قال: «الفكرة ليست مناقشة بنود قرار العزل، بل معرفة ما حدث بالضبط، ومَن فعل ماذا، وما الإجراءات الوقائية المؤسسية التي جرى الالتفاف عليها، وكيف حدث ذلك، ثم تحديد ما يجب فعله حيال ذلك».
إيمي كلوبوشار: تُفضِّل عضوة مجلس الشيوخ عن ولاية مينيسوتا، التي تسعى للحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة، مبدأ «إجراء مزيدٍ من التحقيق».
وقالت للصحفيين يوم الجمعة إنَّها تريد أن ترى مولر يشهد أمام اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ، التي تشغل عضويتها. وقالت: «أعتقد أنَّكم رأيتم جميع أعضاء مجلس الشيوخ حذرين للغاية في الحديث عن ذلك الأمر، لأننا سنكون هيئة المحلفين إذا مُرِّرَ إلينا أي إجراءٍ بخصوص ذلك من مجلس النواب».
كامالا هاريس: قالت عضوة مجلس الشيوخ عن ولاية كاليفورنيا، التي ترغب في الترشُّح للرئاسة الأمريكية، لشبكة MSNBC الأمريكية يوم الخميس: «أعتقد أنَّ هناك بالتأكيد محادثةً يجب إجراؤها حول هذا الموضوع. لكنَّني أولاً أريد أن أسمع من بوب مولر، وأن أفهم حقاً ما هو بالضبط الدليل الذي يدعم الملخص الذي حصلنا عليه اليوم».
كوري بوكر: في حديثه في ولاية نيفادا يوم الجمعة، قال عضو مجلس الشيوخ عن ولاية نيوجيرسي، الذي يشغل كذلك عضوية اللجنة القضائية ويأمل في خوض الانتخابات الرئاسية المُقبلة، إنَّ مناقشة العزل أمرٌ سابق لأوانه، لأنَّ الكونغرس لم ير التقرير غير المُنقَّح، ولم تتح له فرصة لإجراء مقابلةٍ مع مولر.
وأضاف: «هناك المزيد من التحقيقات التي يجب أن تُجرى قبل أن يتوصل الكونغرس إلى أي استنتاجاتٍ من هذا القبيل».
بيرني ساندرز: في أحد مؤتمرات حملته الانتخابية بولاية كارولينا الجنوبية يوم الجمعة، تجاهل عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فيرمونت أسئلة الصحفيين عن العزل. وبدلاً من ذلك، كتب تغريدةً قال فيها: «بينما وفَّر لنا تقرير اليوم تفاصيل أكثر مما كان لدينا سابقاً، يجب على الكونغرس مواصلة التحقيق في سلوك ترامب وأي محاولات أجنبية للتأثير على انتخاباتنا».
وأضاف: «يجب علينا كذلك أن نعمل على بذل كل ما في وسعنا لحماية انتخاباتنا المستقبلية من تهديد التدخُّل الأجنبي، وأدعو الرئيس ترامب والقيادة الجمهورية إلى التوقف عن عرقلة الجهود الضرورية لحماية ديمقراطيتنا».
بيتو أورورك: قال أورورك، الممثل السابق لولاية تكساس في مجلس النواب والذي ترشَّح للانتخابات الرئاسية المُقبلة، إنَّه يعتقد أن الناخبين يهتمون بالمناقشات السياسية أكثر مما يهتمون بالعزل، وقال للصحفيين يوم الخميس: «لا أعرف ما إذا كان العزل وتلك الإجراءات بمجلس النواب والمحاكمة المحتملة في مجلس الشيوخ ستجيب عن هذه الأسئلة للشعب أم لن تجيب عنها».
إيليا كامينغز: قال رئيس لجنة الرقابة في مجلس النواب، لشبكة MSNBC، يوم الجمعة، إنَّ تقرير مولر كشف عن أفعالٍ «أسوأ 100 مرة على الأقل» من تلك التي أدت إلى محاولة عزل الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون في عام 1998.
وأضاف: «علينا أن نعارض ذلك، ونفضح كل شيء. كثير من الناس يتساءلون عن العزل. لكن في الوقت الحالي، دعونا نتيقن من أنَّنا نفهم ما كان مولر يفعله، وما كان بار يفعله، ونرى النسخة غير المُنقَّحة من التقرير، وجميع المستندات المُتضمَّنة».
إريك سوالويل: قال ممثل ولاية كاليفورنيا، الذي أعلن ترشحه كذلك لمنصب الرئيس، لشبكة MSNBC، إنَّ مسألة العزل أمرٌ «تجب مناقشته حتى لو وصل الأمر لمحاسبة الرئيس»، لكنَّه لم يذكر ما إذا كان يؤيد البدء في إجراءات العزل أم لا. وقال: «أفضِّل استدعاء بوب مولر إلى المجلس ومعرفة الأدلة».
ستيني هوير: قال زعيم الأغلبية في مجلس النواب والممثل لولاية ميريلاند، إنَّ تقرير مولر «يسرد مجموعة فظيعة من الأكاذيب والمعلومات المضللة والمخالفات»، تضع أساساً «لاتهاماتٍ بارتكاب بعض الجرائم في الواقع». لكنَّه لم يذكر العزل بحديثه.
مؤيدو العزل من الديمقراطيين.. بعضهم طامحون إلى الرئاسة
إليزابيث وارن: كانت عضوة مجلس الشيوخ عن ولاية ماساتشوستس هي أوَّل مرشحة رئاسية في انتخابات عام 2020 تدعو إلى عزل ترامب، وكتبت أنَّ عدم المُضي قدماً في إجراءات العزل «قد يوحي بأنَّ الرئيس الحالي والرؤساء المستقبليين أحرارٌ في إساءة استخدام سلطتهم بطرقٍ مماثلة».
إذ قالت في تغريدةٍ نشرتها على تويتر: «قرأتُ تقرير مولر، وعندما وصلتُ إلى نهايته، أدركتُ أنَّ هذه مسألة مبدأ، لأنَّها لا تتعلق فقط بذلك الرئيس، بل بجميع الرؤساء المستقبليين أيضاً. لا أحد فوق القانون».
وأضافت: «حِدَّة سوء السلوك تتطلَّب من المسؤولين المُنتخَبين في كلا الحزبين تنحية الاعتبارات السياسية جانباً، وأداء واجبهم الدستوري. وهذا يعني أنَّ مجلس النواب يجب أن يبدأ إجراءات عزل رئيس الولايات المتحدة».
جوليان كاسترو: قال وزير الإسكان السابق الذي يأمل الحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة، إنَّه سيدعم الكونغرس في إجراءات العزل، وأضاف لشبكة CNN الأمريكية: «سيكون من المعقول تماماً للكونغرس» أن يفعل ذلك.
توم ستاير: كان الملياردير الأمريكي يُفكِّر في الترشح للرئاسة حتى شهر يناير/كانون الثاني 2019، وكان عزل ترامب سيكون جزءاً رئيسياً من برنامجه. وصحيحٌ أنَّه قرَّر عدم الترشح، لكنَّه واصل السعي إلى عزل ترامب.
ورداً على دعمه إليزابيث وارن، قال ستاير إنَّها «واحدة من الأشخاص في واشنطن الذين لديهم الشجاعة الأخلاقية لفعل الصواب».
رشيدة طليب: قبل شهرٍ من نشر تقرير مولر المُنقَّح، قدَّمت ممثلة ولاية ميشيجان مقترحاً بعزل ترامب. وكتبت آنذاك في خطابٍ إلى زملائها بالكونغرس: «لقد أقسمنا جميعاً على حماية أمتنا، وهذا يبدأ بضمان فرض القانون على الجميع، ومن ضمنهم رئيس الولايات المتحدة».
ويُذكَر أنَّها دعت كذلك إلى عزل ترامب في يومها الأول بالكونجرس في يناير 2019، في مقالة رأي بصحيفة Detroit Free Press، وفي احتفاليةٍ لأداء اليمين الدستورية بمناسبة منصبها الجديد، حيث علَّقت قائلةً: «سنعزل ابن الساقطة».
ألكسندريا أوكاسيو كورتيز: قالت ألكسندريا الخميس 18 أبريل 2019، إنَّها ستوقِّع على مقترح رشيدة طليب، في أعقاب تقرير مولر. وكتبت النائبة التقدمية البارزة وممثلة ولاية نيويورك على تويتر: «يعلم كثيرون أنَّني لا أستمتع بمناقشات العزل. لم أحاول الحضَّ على ذلك، ونادراً ما أناقش الأمر. فنحن جميعاً نفضل العمل على أولوياتنا: مثل دفع قانون الرعاية الصحية للجميع، ومعالجة مشكلة قروض الطلاب، وبرنامج Green New Deal.
لكنَّ هذا التقرير يضع الأمر ضِمن مسؤولياتنا مباشرةً».
ماكسين ووترز: دعمت نائبة ولاية كاليفورنيا التي ترأس لجنة الشؤون المالية في مجلس النواب -والتي تعرَّضت لهجومٍ من ترامب سابقاً- مقترح عزله يوم الخميس. وقالت: «فشلُ الكونغرس في عزل الرئيس يعد رضا عن تآكل ديمقراطيتنا وقواعدنا الدستورية، ومن شأنه أن يُشكِّل سابقةً خطرة ويُعرِّض الأمة للخطر، لأنَّه سيركِّز سلطاتٍ أكثر من اللازم في يد السلطة التنفيذية، ويُشجِّع الرؤساء المستقبليين على الحطِّ من قدر الرئاسة الأمريكية أكثر فأكثر، إذا لم يكن قدرها قد وصل إلى أدنى منزلةٍ بالفعل».
أل جرين: سعى ممثل ولاية تكساس إلى عزل ترامب من منصبه منذ أن أقال مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي في مايو من عام 2017، وفرض على الكونغرس عقد تصويتين على على قرار العزل، لكنَّهما فشلا.
بيد أنَّه واصل السعي إلى تحقيق ذلك. وقال غرين في مؤتمر صحفي بثه على موقع فيسبوك: «أدعو إلى عزل رئيس الولايات المتحدة الأمريكية. وهذا الأمر صار الآن مسؤولية الكونجرس وحده».