هل يسقط حكم حماس في غزة بإنهاء الاحتلال؟
نفتالي بينيت أخطأ عندما قال إنه يمكن اجتثاث حكم حماس في غزة بعملية مركزة، على صورة ضربة واحدة وانتهى الأمر، دون الأخذ في الحسبان ما سيحدث في اليوم التالي. لقد أخطأ بشكل عام عندما اعتقد أنه يمكن استبدال سلطة فلسطينية شرعية في نظر المواطنين بوسائل عسكرية. ولكنه في أمر لم يخطئ: في نهاية المطاف يجب إسقاط حماس وليس إنقاذها.
ليس كثيرون في النظام في إسرائيل، الائتلاف والمعارضة، من يدعون إلى إسقاط حماس بنية كاملة. في اليمن ـ وسط لا يريدون التعهد بإنجاز هذه المهمة التي يتوقع أن يكون ثمنها معركة دموية، وفي اليسار يحذرون من الظهور كمن يميلون إلى إطلاق تهديدات تخويف أو من يتدخلون في الشؤون الفلسطينية. فعلياً، يسود في إسرائيل توافق مبدئي بأن النموذج المعقول لمواجهة حماس يتكون من اندماج بين الردع بالقوة مع إغراءات اقتصادية ومساعدة إنسانية. النقاش يجري حول التناسب الصحيح بين مكونات السياسة المناسبة للتسوية، وليس حول تغيير استراتيجي في مكانة القطاع.
غياب نقاش جوهري حول مسألة غزة يخدم من يعارضون السلام ومن يؤيدون الوضع القائم في إسرائيل، حيث يضعف البديل لسياسة نتنياهو. طالما أن حماس تسيطر على غزة وتشغل منها الإرهاب ضد إسرائيل، وطالما أنه لا يوجد لليسار عرض حقيقي لمعالجة تحدي حماس، فإن الحل السياسي لمستقبل الضفة الغربية والعلاقة مع السلطة الفلسطينية يبقي ضعيفاً.
يجب علينا عدم التوقع، وبحق، أن الكثير من الإسرائيليين سيفحصون بجدية حل الدولتين طالما أن منظمة معادية تسعى إلى القضاء على إسرائيل هي التي تتولى السيادة على جزء مهم من المناطق الفلسطينية ومن السكان، المسلح بآلاف الصواريخ. هذا الوضع مناسب لنتنياهو، ولا حاجة إلى الذهاب بعيداً والادعاء بأنه يعمل بشكل متعمد للحفاظ على قوة حماس. من بين كل ذرائعه للجمود السياسي، فإن حماس هي الوحيدة التي لديها وزن حقيقي. في المقابل عندما تقف حماس آمنة في حكمها لغزة، فإن الذرائع السياسية لمعسكر السلام ستعتبر منتهية تقريباً.
واليسار أيضاً مثل بينيت، عليه القول بوضوح «يجب إسقاط حكم حماس. هناك طريقة غير عنيفة لفعل ذلك حتى لو كانت مركبة. الطريقة هي التوصل إلى مسودة اتفاق سياسي مع الفلسطينيين ووضع الشعب الفلسطيني كله أمام خيارين: الاستقلال أو البقاء مع حماس. ولأن حماس ليست منظمة وجسماً عنيفاً، بل فكرة اجتماعية متجذرة ـ فكرة المقاومة ـ التي تحظى الآن بدعم مطلق في أوساط الفلسطينيين، فإن الطريقة الوحيدة لهزيمتها هي وضع فكرة منافسة جذابة أكثر تطلب من الجمهور أن يكره حماس.
هذه الفكرة هي إنهاء الاحتلال، وهي الراية التي ما زالت تحظى في كل الاستطلاعات بتأييد ساحق من قبل الفلسطينيين. وإذا كان الفلسطينيون يؤمنون بأن لهم حقاً أخلاقياً في مقاومة إسرائيل، بما في ذلك العنف، وحماس تحظى بالثقة والتقدير لتحقيق هذه الفكرة، فهناك قيمة واحدة يمكنها التفوق بالنسبة لهم على المقاومة، وهي إلغاء سببها: التحرر من الحذاء الإسرائيلي ومن تحقيق حريتهم.
عندما يترك لهم الخيار، في استفتاء أو انتخابات عامة بين فتح وحماس، المنظمة المتطرفة، ستصاب بضربة شديدة، وستفقد الشرعية أو ستضطر إلى تغيير طبيعتها، وستزاح عن الحكم. هل هذه سذاجة؟ ليس أكثر من التفكير بأنه يمكن حل مشكلة حماس بكل الطرق التي سبق أن جربت.