هل يدفع ترامب إيران لخيارٍ انتحاريٍّ للرد على العقوبات؟
تبدو خيارات إيران في مواجهة العقوبات الأمريكية محدودة، بعد إلغاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الإعفاءات التي كانت لثماني دول لشراء النفط الإيراني، وبعض هذه الخيارات قد يؤدي إلى تدهور الأوضاع بإيران لمرحلة أسوأ من العقوبات.
ومنحت الولايات المتحدة، في ديسمبر 2018، ثماني دول إعفاءات من العقوبات التي فرضتها تجاه إيران، وسمحت لها باستيراد النفط، في اتفاق مؤقت.
والبلدان الثمانية هي: تركيا، والصين، والهند، وإيطاليا، واليونان، واليابان، وكوريا الجنوبية، وتايوان.
ولكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أعلن الإثنين 22 أبريل 2019، وقف إعفاءات شراء النفط الإيراني.
وشدَّدت إدارة الرئيس ترامب على أنها لن تمدد الإعفاءات لثماني دول، كان قد تم السماح لها بشراء النفط من إيران رغم العقوبات.
سنُعاقب حلفاءنا
ولم تكتفِ واشنطن بذلك، بل توعَّدت بفرض عقوبات على الدول الحليفة لها أيضاً، في حال واصلت شراء النفط الإيراني.
القرار الذي اتخذته إدارة ترامب ويهدف إلى تصفير صادرات النفط الإيراني بحلول الثالث من مايو المقبل، أي بعد نحو 10 أيام فقط، يعني وضع الاقتصاد الإيراني في كارثة محققة، وبالتالي تم وضع طهران الآن بالزاوية كما يقال، أي ضاقت الخيارات تماماً، وربما هذا بالتحديد ما يسعى إليه ترامب.
ترامب من جهته يراهن على إسقاط النظام الإيراني من الداخل عن طريق العقوبات الاقتصادية، ولكن هذا السيناريو يبدو غير واقعي في ضوء وجود العقوبات الأمريكية بصورة أو بأخرى، على مدى العقود الأربعة الأخيرة، دون أن تحقق ذلك الهدف.
المشكلة أن الاقتصاد الإيراني كان قد اعتاد على العقوبات، ولكن هذا الوضع تغيّر وأصبح لدى الإيرانيين أمل أن يعيشوا في دولة طبيعية، عقب الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران مع الدول الست الكبرى: الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، وفرنسا، وبريطانيا، وألمانيا في عام 2015.
والآن بعد أن ألغى ترامب هذه الإعفاءات ما هي خيارات إيران في مواجهة العقوبات الأمريكية.
خيارات إيران في مواجهة العقوبات الأمريكية
إنها الحرب إذن.. هل تنفذ إيران تهديدها بإغلاق مضيق هرمز؟
بعد أن اتخذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراره المفاجئ، مستهدفاً تضييق الخناق على اقتصاد طهران المنهك أصلاً بفعل العقوبات الأمريكية، جاء الرد الإيراني بالتهديد بإغلاق مضيق هرمز في وجه ناقلات النفط.
من الناحية النظرية البحرية الإيرانية تمتلك القدرة على إغلاق المضيق، ولكن عملية اتخاذ القرار نفسه لن تكون بسيطة، ولا يتوقع أن تكون متسرعة.
لأن ذلك ليس له إلا معنى واحد وهو الحرب، والنظام الإيراني يدرك ذلك جيداً، ويدرك أن هذا ما يسعى إليه ترامب، ومن خلفه أعداء إيران في المنطقة.
ورغم وقوع أكثر من حادث «تحرش بحري» بين القوارب الحربية الإيرانية والسفن الحربية الأمريكية التي تجوب الخليج، وأبرزها في عامَي 2007 و2008، وكادت تتحول لاشتباكات فعلية، فإن طهران لم تقدم أبداً على إغلاقه من قبل.
ومفهوم أن التهديد بإغلاق المضيق يمثل ورقة الضغط الأبرز لدى طهران.
أما الإغلاق الفعلي فنتيجته الحتمية هي الحرب؛ لأنه لا السعودية ولا باقي دول الخليج ولا حتى الصين ستتحمل النتائج الكارثية على اقتصاداتها.
والأسطول الخامس الأمريكي متمركز في البحرين، وتجوب سفنه مياه الخليج باستمرار، لضمان عدم وجود عوائق أمام حركة ناقلات النفط من الخليج إلى المحيط الهندي، مروراً بمضيق هرمز.
وأثناء فترة التوتر عام 2011، أكد المتحدث باسم البنتاغون وقتها، كابتن جون كيربي حرص واشنطن أن يكون وجودها العسكري في محيط هرمز «كافياً للالتزام بتعهداتنا الأمنية تجاه الأصدقاء والشركاء في المنطقة، بالإضافة للمجتمع الدولي»، في إشارة واضحة للاستعداد العسكري الأمريكي لأي محاولات إيرانية لإغلاق هرمز.
وبصرف عن التهديدات الإيرانية، فمعروف نتيجة أي حرب مباشرة إذا كانت الولايات المتحدة طرفاً فيها.
محاولة الاعتماد على شركائها الكبار الذين يشترون منها النفط
الهند.. وضعت خطة محكمة لحل الأزمة
بالنسبة للهند التي تعد من أهم مستوردي النفط الإيراني، ولكنها في الوقت ذاته صديق لخصوم طهران، دول الخليج والولايات المتحدة، فإنه من الواضح أنه لا يمكن لإيران التعويل عليها.
حيث قال وزير النفط والغاز الطبيعي الهندي دارمندرا برادان، الثلاثاء 23 أبريل/نيسان 2019، إن الهند ستحصل على مزيد من الإمدادات من دول أخرى من كبار منتجي النفط لتعويض فقد النفط الإيراني.
وقال برادان على صفحته الشخصية في تويتر إن الهند وضعت خطة محكمة لإمداد المصافي بكميات كافية من النفط الخام.
كانت رويترز قالت الأسبوع الماضي، إن شركات التكرير الهندية تزيد مشترياتها المزمعة من دول منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) والمكسيك والولايات المتحدة للتحوط من فقد النفط الإيراني.
وواشنطن تطلب من السعودية والإمارات توفير البديل
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الإثنين 23 أبريل 2019، إن السعودية ودولاً أخرى بأوبك يمكنها أن «تعوض وزيادة» أي نقص في إمدادات النفط الإيراني للأسواق العالمية فور انتهاء الإعفاءات.
وقالت السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، الإثنين إنها ستنسق مع منتجي نفط آخرين لضمان إمداد كافٍ من الخام وسوق متوازنة.
أما اليابان فترى أن قرار واشنطن ليس ذا تأثير قوي لأنها تخلَّت عن النفط الإيراني أصلاً
وقال وزير التجارة والصناعة الياباني هيروشيجي سيكو، الثلاثاء، إن اليابان تتوقع أثراً محدوداً لقرار الولايات المتحدة عدم تجديد الإعفاءات التي منحتها في السابق من عقوبات استيراد نفط إيران.
وأضاف أن الحكومة لا ترى أي حاجة للسحب من احتياطيات النفط المحلية بعد القرار الأمريكي.
وقلصت اليابان، رابع أكبر مستهلك للنفط في العالم، اعتمادها على إمدادات الخام الإيراني. وقال سيكو إن نفط إيران يشكل حوالي 3% من المشتريات.
لكن تركيا كان لها رأي مختلف
انتقدت وزارة الخارجية التركية على موقع تويتر، الإثنين، قرار الولايات المتحدة بخصوص إنهاء الإعفاءات من العقوبات النفطية المفروضة على إيران، قائلة إنها لن تخدم السلم والاستقرار في المنطقة.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو على تويتر «لا نقبل العقوبات الأحادية الجانب وفرض الإملاءات بشأن كيفية بناء علاقتنا مع جيراننا».
وأشار إلى أن ما تفعله الولايات المتحدة هو اتخاذ قرار أحادي الجانب وجعل الدول الأخرى تدفع ثمن ذلك.
وتابع: «قول وزير الخارجية الأمريكي (مايك بومبيو) للدول الأخرى بأن تشتري النفط من دولة ما أو من دول أخرى خاطئ للغاية. أياً كانت الزاوية التي تنظرون منها فهو غير صحيح».
وأكد الوزير التركي أن واشنطن تعلم بأن أسعار النفط التي ستشتريها تركيا من الدول الأخرى ستكون باهظة، وأن بلاده على دراية بذلك.
وتابع: «خاطئ للغاية أن يحاول وزير خارجية دولة ما العمل على التسويق نيابة عن الدول الأخرى».
وقال تشاووش أوغلو إن تصرف واشنطن خاطئ من الناحية التجارية والأخلاق السياسية، ومخالف لمبادئ منظمة التجارة العالمية.
وحول سؤال بشأن الجهة المستفيدة من الإجراءات الأمريكية قال تشاووش أوغلو: «ستعمل الولايات المتحدة على معاداة إيران بدعم من إسرائيل، وستزيد مبيعات الدول التي تعمل معها بشكل وثيق من النفط».
واعتبر الوزير التركي أن العالم لم يشهد من قبل موقفاً من هذا القبيل.
ومأزق تركيا أكبر من غيرها، فأنقره جارة لإيران والعلاقات الاقتصادية بين البلدين وثيقة خاصة أن لدى إيران النفط والغاز اللذين تفتقدهما تركيا.
وهو ما عبر عنه وزير الخارجية التركي عندما قال إنه من غير السهل بالنسبة لتركيا والدول الأخرى تنويع مصادرها فيما يخص النفط، وأن أنابيب النفط القادمة من العراق تضرَّرت عقب احتلال تنظيم داعش وترميمها يتطلب وقتاً.
وفي الوقت ذاته فإن الولايات المتحدة رغم كل خلافاتها مع تركيا تبقى حليفاً لأنقرة، والبلدان خرجا للتو من توتر في العلاقات بينهما كان ضحيته الليرة التركية، كما أن إيران رغم علاقتها القوية مع تركيا هي الدولة التي هزمت حلفاء أنقره في سوريا.
الصين تشكو أمريكا وتتعهد بمواصلة التعاون مع إيران
أكدت وزارة الخارجية الصينية أن «التعاون الاقتصادي بين الصين وإيران سيستمر تماشياً مع القانون الدولي»، مشيرةً إلى أن «إيران شريك استراتيجي للصين، ولدينا تعاون مكثف مع طهران في مختلف المجالات».
وقالت الخارجية الصينية يوم الثلاثاء، إنها شكت رسمياً للولايات المتحدة على خلفية قرارها إنهاء الإعفاء من العقوبات على واردات النفط الإيراني، لتخطّ بذلك شرخاً جديداً في العلاقات المعقدة بالفعل بين بكين وواشنطن.
والصين أكبر مشترٍ للنفط الخام الإيراني بإجمالي واردات بلغ العام الماضي 29.27 مليون طن، بما يعادل حوالي 585 ألفاً و400 برميل يومياً، وهو ما يشكل نحو 6% من إجمالي واردات الصين النفطية.
وقال جنغ شوانغ المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، إن الصين تعارض بحزم فرض الولايات المتحدة عقوبات أحادية الجانب.
وأضاف «سيسهم قرار الولايات المتحدة في عدم الاستقرار بالشرق الأوسط وفي سوق الطاقة العالمية. نحث الولايات المتحدة على اتباع نهج مسؤول والاضطلاع بدور بنّاء وليس العكس».
وأضاف أن التعاون «الطبيعي» للصين ودول أخرى في مجال الطاقة مع إيران في إطار القانون الدولي هو تعاون مشروع ومعقول ويجب احترامه.
وقال «تحث الصين الجانب الأمريكي بأن يحترم بصدق مصالح الصين وبواعث قلقها وألا يتخذ أي خطوات خاطئة تضر بمصالح الصين».
وقال جنغ إن الصين ستواصل العمل لحماية الحقوق الشرعية للشركات الصينية.
الاتحاد الأوروبي.. مواقفه أدنى من الحبر على الورق
الموقف المحرج الذي وضعت فيه الدول الثماني، تعرض له الاتحاد الأوروبي منذ عدة أشهر عندما خرج ترامب من الاتفاق النووي وفرض العقوبات التي استثنى منها ثماني دول لم يكن بينها أي دولة أوروبية.
ورد الاتحاد الأوروبي آنذاك بإعلانه رفض الانسحاب الأمريكي من الاتفاق وقرار فرض العقوبات، ووعد بالاستمرار في الاتفاق والعمل على حماية الشركات الأوروبية التي تتعامل مع إيران.
ولكن يبدو أن وعود الاتحاد الأوروبي أصبحت حبراً على ورق، بل لم تعد حبراً على ورق حتى.
ففعلياً الشركات الأوروبية الكبيرة ليست على استعداد لأن تقع تحت مقصلة العقوبات الأمريكية، حتى لو لم تكن لها تعاملات كبيرة مع الولايات المتحدة الأمريكية.
والمثال على ذلك شركة بيجو الفرنسية للسيارات التي ليس وجود تقريباً في الولايات المتحدة، بينما تعتبر السوق الإيراني مهماً لها للغاية (كان تخطط مستقبلاً لأن يصبح أهم من السوق الفرنسي) ولكنها انسحبت خوفاً من مقصلة العقوبات الأمريكية.
صغار الاتحاد الأوروبي يتمردون على الثلاثة الكبار
وهناك خلافات أوروبية حول موضوع التعامل مع إيران، حالت دون الاتفاق على آلية التعامل المالي (SPV) لتجنب على العقوبات الأمريكية، وانتهى الأمر بإعلان عن الآليةمن قبل الترويكا الأوروبية المعنية بالأزمة وهي فرنسا، وألمانيا، وبريطانيا، فقط دون باقي الدول مع الإعلان أنها ستدعم المشروعات المشروعة، المرتبطة باحتياجات الشعب الإيراني، مع مراعاة التزام إيران بقواعد مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال.
وتقلل الآلية من تعرض إيران للتعامل عبر النظام المصرفي العالمي الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة.
ولكن فعلياً الآلية تسمح بالتعامل المالي في المجالات المسموح بها وفقاً للعقوبات الأمريكية، أي إنها لا تتجاوز العقوبات التي فرضها ترامب، كما يأمل الإيرانيون.
كما أن الأوروبيين بدأوا يفتحون ملف البرنامج الصاروخي الإيراني، حيث هدد وزير خارجية فرنسا بفرض عقوبات على إيران إذا لم تحقق تقدماً فيما يتعلق ببرنامجها الصاروخي.
وكانت مشاركة عدد كبير من الدول الأوروبية في مؤتمر وارسو لمواجهة النفوذ الإيراني، دليلاً على ضعف موقف الترويكا الأوروبية المطالبة بالحفاظ على الاتفاق النووي والإيراني والتي تحاول التقليل من آثار العقوبات الأمريكية.
وفي الأزمة الأخيرة التي انفجرت بعد إلغاء ترامب الاستثناءات الممنوحة للدول الثماني، لا يُسمع صوت قوي للاتحاد الأوروبي.
ربما باستثناء روسيا والصين، ولأسباب سياسية وتنافسية مع الولايات المتحدة الأمريكية، ستجد كثيراً من الدول، وضمنها الدول الأوروبية نفسها، مضطرة إلى إيقاف التعامل الاقتصادي مع إيران
وأملُ الإيرانيين يتركز على هذه الدول
وتسعى طهران إلى تعزيز علاقاتها التجارية مع العراق وتركيا وروسيا، كمنافذ لاقتصادها بعد القرار الأمريكي.
وفي موسكو، قالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زهاروفا، إن بلادها «ستواصل التعاون الشامل مع إيران، وضمن ذلك في مجال الطاقة النووية، رغم كل الضغوط من الولايات المتحدة».
وأضافت أن الجهود الأمريكية الرامية إلى «تخويف» روسيا من التجارة مع إيران، غير مقبولة. وكثيراً ما تساند موسكو مواقف طهران في نزاعاتها مع الولايات المتحدة.
وتعتبر طهران أن العمل مع العراق وتركيا وروسيا هو مفتاح مساعدتها في التغلب على العقوبات الأمريكية، وإبقاء اقتصادها المتعثر على قدميه.
الخيار الماكر.. التحايل على العقوبات
يمتلك الإيرانيون خبرة طويلة في التحايل على العقوبات، ولكن هذا التحايل لا يعني في الأغلب تخطي آثار العقوبات، بقدر ما يؤدي إلى تقليلها بنسب تكون في الأغلب محدودة.
وقال علي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران: «لدينا خيارات أخرى بخلاف إغلاق مضيق هرمز لوقف تدفق النفط إذا تعرضنا للتهديد… لدى إيران خطط جاهزة لتحييد العقوبات الأمريكية غير المشروعة على صادراتها النفطية… لدينا كثير من السبل لبيع نفطنا».
وفي الحالة الإيرانية، فإن الحرس الثوري والمؤسسات المحسوبة عليه تكون هي الوسيلة الأمثل للتحايل على العقوبات، والاعتماد على سياسة التهريب والتحايل وتنشيط خلاياها الاقتصادية النائمة من كيانات وأفراد، للإسهام في مساعدة الاقتصاد الإيراني خلال هذه الفترة العصيبة.
ويرى مراقبون أن هذا الخيار ممكن التحقُّق على المديَين القريب والمتوسط، خاصَّة إذا تراخت واشنطن في موقفها وفي تطبيق استراتيجيتها بدقة، ولم تجد تعاوُناً كافياً من الدول الإقليمية، وبالأخص دول الجوار الإيراني التي قد تعتمد عليها إيران كثيراً في التهرُّب من العقوبات.
الخيار الخشن.. استخدام الأذرع الخارجية: الحوثيين والحشد وحزب الله
يبدو هذا الخيار واحداً من أقوى الخيارات الإيرانية، إنه خيار خشن، ولكن لا يصل إلى درجة الحرب.
كما أن التوتر الناتج عنه يقع خارج الأراضي الإيرانية ويتحمل أعباءه شعوب أخرى.
لذا لم تكن مجرد مصادفة أنه بالتزامن مع قرار ترامب إلغاء الإعفاءات من العقوبات، وجَّه الحوثيون تهديداتهم إلى الإمارات والسعودية.
وخرج عبدالملك بدر الدين الحوثي، زعيم الحوثيين في اليمن، بنفسه يوم الإثنين 22 أبريل/نيسان 2019، ليعلن أن قواته لديها صواريخ يمكنها الوصول إلى الرياض ودبي وأبوظبي إذا تصاعد العنف في مدينة الحديدة اليمنية؛ حيث جرى التوصل إلى اتفاق هشّ لوقف إطلاق النار.
وقال الحوثي لقناة «المسيرة»، التي تديرها جماعته: «صواريخنا قادرة على الوصول إلى الرياض وما بعد الرياض، إلى دبي وأبوظبي».
وأضاف: «لدينا أهداف استراتيجية وحيوية وحساسة ومؤثرة يمكن استهدافها في حال القيام بأي تصعيد في الحديدة». وتابع قائلاً: «قادرون على هز الاقتصاد الإماراتي بقوة».
وتطلق قوات الحوثي من وقت إلى آخر، صواريخ على جنوب السعودية، وتستهدف في بعض الأحيان العاصمة الرياض أو مرافق لشركة أرامكو، وتمكن الجيش السعودي من اعتراض معظم هذه الصواريخ.
ولكن هذا الخيار له مخاطره
ويقول الباحث اللبناني المتخصص بالحركات الإسلامية لـ «عربي بوست»، إن تركيز إيران حتى الآن هو على العمل على استيعاب العقوبات والبحث عن بدائل، لكن كل الخيارات مطروحة.
ورداً على سؤال عن إمكانية استهداف الحشد الشعبي وغيره من الميليشيات الموالية لإيران القوات الأمريكية في العراق مثلاً، قال قصير: «حالياً كلا، إلا إذا تصاعدت التطورات، قد تحدث عمليات غير مباشرة، لكن ليس حالياً».
مشكلة هذا الخيار خاصة إذا استُخدم بإفراط، أنه قد يعزز قرار الاتحاد الأوروبي اتخاذ موقف قريب من الموقف الأمريكي، خاصة في ظل استمرار برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية، ومِن ثَمَّ فرض بعض العقوبات على طهران، مع تأكيد أوروبا التزامها الاتفاق النووي.
وقد يكون رد الفعل الغربي أكبر بكثير من الفعل ذاته، خاصة أن مواقف الأوروبيين هي أن السير وراء ترامب الذي يحنث بوعوده، أقل تكلفة من التزام الاتفاق النووي مع الإيرانيين.
الخيار الأخير.. الخروج من الاتفاق النووي
رغم أنه كان يبدو خياراً مستبعَداً، فإنه مع استمرار تضييق الخناق على إيران، فلا شيء مستبعَداً.
وقبيل إعلان ترامب الخروج من الاتفاق في 15 مايو 2018، لوَّحت طهران بأنها قد تنسحب منه رداً على القرار الأمريكي.
وهدد وزيرُ الخارجية الإيراني، جواد ظريف، قائلاً إن بلاده ستعود فوراً لأنشطتها النووية وبشكل أكبر من ذي قبل، لو خرجت واشنطن من الاتفاق، داعياً أوروبا إلى مواجهة الحظر الأمريكي لو خرجت واشنطن من الاتفاق النووي.
وتقليدياً تنتقد الدوائر المحافظة، وفي مقدمتها المرشد على خامنئي والحرس الثوري، هذا الاتفاق الذي يُعتبر «ظريف» مهندسَه، ولكن دون الإعلان رسمياً عن الخروج منه.
ورغم الخروج الأمريكي من الاتفاق وضعف الرد الأوروبي، فإن إيران لم تلعب بعد بكارت الخروج من الاتفاق، وهو الأمر الذي يوحي بأنه قد يكون كارتها الأخير.
وهو خيار لن يعيد علاقات إيران إلى وضعها السابق قبل الاتفاق النووي، بل قد يُدخلها في أزمة أكبر مما هي معرَّضة له الآن.