هل يحقق ترامب وعوده في عام 2019؟
بالرغم من التزامه بتعهدات كثيرة، وتحقيقه لقسم منها كالانسحاب من سوريا، فإن تلك المرتبطة بأجندة السياسة الخارجية للبلاد، وذات الأهمية الجيوسياسية، لم يتم الوفاء بها بعد، مما يرجح إظهار ترامب لمزيد من الاندفاع نحو تحقيقها على أمل أن تدعم تلك الإنجازات ملفه في الانتخابات المقبلة.
سحب القوات الأميركية من أفغانستان
أعلن ترامب في أغسطس 2017، عزم بلاده زيادة أعداد قواتها في أفغانستان، مضيفا أنه يفعل ذلك على مضض. ومنذ ذلك التاريخ، أشارت تقارير إلى أن الرئيس بحث باستمرار سبل خفض القوات هناك، وآخرها التوجه لسحب أكثر من 5 آلاف جندي أميركي من أصل 14 ألفا في أفغانستان.
ويرى خبراء أن سحب الولايات المتحدة لأعداد كبيرة من جنودها، سيقوي حركة “طالبان”، التي سيكون بمقدورها الضغط في أي مفاوضات مستقبلية تتعلق بمصيرها، كما سيفتح الباب أمام باكستان وإيران والصين وحتى روسيا لتعزيز تواجدها في ذلك البلد، وفق ما نقل موقع “ستارتفور”.
هل تكون العراق التالية؟
وإلى جانب القوات المنتشرة في أفغانستان، هناك 5 آلاف جندي قد يقوم ترامب بسحبهم من العراق. ولكن بقاء تهديد تنظيم “داعش” الإرهابي في سوريا بالرغم من تراجع حدته في العراق، قد يحول دون إقدام الرئيس الأميركي على مثل هذه الخطوة.
فمن بين 20 ألف إلى 30 ألف عضو في “داعش” بسوريا والعراق، يعتقد أن نصفهم متواجدين في الأخيرة، مما يجعل فكرة سحب القوات غير واردة، بسبب التخوف من إعادة التنظيم المتطرف تجميع قواه، وتنامي النفوذ الإيراني في العراق مع مثل هذا السيناريو.
التعريفات الجمركية
انتقد ترامب خلال حملته الرئاسية الفائض التجاري الهائل في الحسابات الجارية بألمانيا، مشيرا إلى أن اليورو كان منخفضا.
كذلك أدان الإنفاق العسكري المنخفض لبرلين، مهددا بالانسحاب من اتفاقية الحماية الجماعية الخاصة بحلف شمال الأطلسي “الناتو”، إن لم ترفع بعض الدول من ميزانياتها الدفاعية.
وتظل زيادة الرسوم الجمركية على الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة، التهديد الرئيسي لدول الاتحاد. وستكون ألمانيا في طليعة الدول المتضررة في حال أقر البيت الأبيض فرض تعريفات أعلى، وذلك لكونها المصدر الرئيسي للسيارات في الاتحاد، بينما تعد أميركا الزبون الأهم من خارج أوروبا.
وتوصل الاتحاد الأوروبي صيف هذا العام لهدنة تجارية مع الولايات المتحدة، إلا أن الاتفاق يعتبر هشا وقابلا للانهيار في أي لحظة.
الحرب التجارية مع الصين
مثلت الصين محور حملة ترامب الرئاسية في 2016، إذ أكد على ضرورة العمل لإصلاح ما يراه “ممارسات تجارية غير عادلة”.
وكجزء من أولويات واشنطن للتعامل مع الملف الصيني، أطلق البيت الأبيض ثلاث حزمات من التعرفات الجمركية على ما تصل قيمته 250 مليار دولار من البضائع الصينية.
والآن تخوض واشنطن وبكين مفاوضات لوقف الحرب التجارية بينهما حتى الأول من مارس القادم، وسط توقعات بألا تسفر تلك المباحثات عن اتفاق تجاري نظرا لمبالغة الولايات المتحدة في طلباتها بأن تقدم الصين تنازلات كبيرة تطال سياستها الصناعية في الصميم.
تعطيل منظمة التجارة العالمية
ركز ترامب أيضا بشكل مكثف على منظمة التجارة العالمية مهددا بالانسحاب منها بسبب تعاظم دور الصين بها.
ولتحفيز إصلاح منظمة التجارة العالمية، رفض فريق ترامب إجراء تعيينات جديدة في هيئة الاستئناف، أعلى محكمة تجارية في العالم، وهي عملية تتطلب موافقة جميع الدول الأعضاء بالمنظمة. وبناء على ذلك، خلت الهيئة من القضاة، ولن تستطيع إصدار أحكام ملزمة في النزاعات.
صفقة إسرائيلية- فلسطينية
روّج ترامب لـ”صفقة القرن” التي وعد من خلالها بحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، إلا أنه من المستبعد تنفيذها في العام القادم.
وبدلا من ذلك، يتوقع أن يدفع ترامب ومؤيديه في الكونغرس نحو الاعتراف بضم إسرائيل لمرتفعات الجولان السورية، وذلك لإثبات التزامه الشخصي بدعم تل أبيب.
كذلك فإن نقل واشنطن لسفارتها إلى القدس، قد يعني ضمنيا أن الولايات المتحدة قد تعترف في 2019 بالتغييرات الحدودية الأخرى حول العالم، والتي تمت باستخدام القوة العسكرية.
البنية التحتية الأميركية والجدار الحدودي
في حملته الانتخابية، قدم ترامب خطة بقيمة تريليون دولار لبناء بنية تحتية أميركية متطورة. وبعد ذلك بعامين، تم تقليص الميزانية، ولم يتحقق سوى تقدم ضئيل في التنفيذ. لكن الرئيس تعهد بالعمل مع الديمقراطيين لتحسين البنية التحتية للبلاد.
ويمكن أن تكون هذه الخطة واحدة من أكبر إنجازات ترامب في 2019، خاصة إذا قام مجلس النواب بحظر مقترحاته التشريعية الأخرى.
ومع ذلك، فإنها لن تكون عملية سهلة لأن الديمقراطيين يريدون تضمين مبادرات تغير المناخ. وأصر ترامب على أنه بدون تمويل جداره على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، لن يكون هناك تعاون في البنية التحتية.
الملف الإيراني
بعد انسحابه من الاتفاق النووي المبرم مع إيران، أشار ترامب إلى إمكانية موافقته على اتفاق جديد في حال كان أفضل، وحقق تحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة.
وبينما استقال وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، تبدو احتمالات تطبيق سياسات صارمة تجاه إيران أكبر.
كوريا الشمالية
في الفترة التي سبقت انتخابات عام 2016، انتقد ترامب سلفه لعدم تواصله مع بيونغ يانغ على أعلى المستويات، مؤكدا استعداده للاجتماع بالزعيم كيم جونغ أون.
ومع إصرار كوريا الشمالية على تجاربها الصاروخية وبرنامجها النووي في 2017، سعت إدارة ترامب لبناء مصداقية حول فكرة التهديد بضرب بيونغ يانغ.
ونجحت هذه السياسة في دفع كوريا الشمالية للحوار، وحدث اللقاء المرتقب بين ترامب وكيم في يونيو 2018، مستبعدا احتمال أي مواجهة بين البلدين.
ومع انتهاء ولاية الرئيس الأميركي في يناير 2021، والعمل على الحملات الانتخابية لولاية ثانية، ستكون فرص عقد مزيد من الاتفاقيات النهائية مع بيونغ يانغ غير واردة في 2019.