هل قصفت إسرائيل فعلاً مواقع إيرانية في العراق؟
طائرات الشبح المقاتلة من طراز F-35 هي طائرات خارقة، موجودة هنا وهناك، وفي كل مكان. في عام 2018، زعمت إسرائيل أن طائرات F -35 الخاصة بها هاجمت أهدافاً إيرانية في سوريا. وفي عام 2018 أيضاً، أصدرت الصحافة العربية ادعاءات غير موثوقة أن قوات الطيران الجوية طارت فوق إيران.
الآن ترد تقارير عن أن طائرات F-35 الإسرائيلية هاجمت أهدافاً إيرانية في العراق، وفقاً للإعلام العربي.
الأماكن التي استهدفتها إسرائيل
تزعم مصادر دبلوماسية غربية لصحيفة الشرق الأوسط التي تتخذ من لندن مقراً لها أنه في يوم 19 يوليو/تموز «تل أبيب نفذت غارة جوية على مستودع صواريخ إيراني شمالي شرق بغداد»، بحسب تقرير لمجلة The National Interest الأمريكية.
أفادت تقارير من قناة العربية السعودية بأن الغارة ضربت الصواريخ الباليستية الإيرانية التي تُنقل في شاحنات الطعام المجمد. وأفادت التقارير أيضاً بمقتل العديد من أفراد قوات حزب الله والحرس الثوري الإيراني.
ووفقاً لصحيفة الشرق الأوسط هناك غارة أخرى استهدفت قاعدة إيرانية أخرى. تقول الصحيفة: «تعرضت قاعدة الأشرف في العراق لغارة جوية، وهي قاعدة سابقة كان يستخدمها المعارضة الإيرانية «مجاهدي خلق»». وأضافت: «تقع القاعدة على بعد 80 كيلومتراً من الحدود العراقية مع إيران وعلى بعد 40 كيلومتراً شمالي شرق بغداد. وكشف المصدر أن الضربات استهدفت «مستشارين» إيرانيين، وشحنة الصواريخ الباليستية التي وصلت مؤخراً من إيران إلى العراق».
مما يزيد اللغز تعقيداً أن التقارير المبدئية أفادت بأن من نفذ هذه الهجمات كانت طائرات ذاتية القيادة غير معروفة.
قال عاموس يدلين، الرئيس السابق للاستخبارات الإسرائيلية الحربية، لمجلة Breaking Defense، إن إسرائيل على الأغلب هاجمت بالفعل أهدافاً إيرانية في العراق. وقال: «من الواضح أن إسرائيل حقاً تعمل في العراق». وأضاف: «من المنطقي أن إسرائيل لن تعلن عن مسؤوليتها عن مثل هذا الهجوم، لأنه قد يعقد الأمور بالنسبة للولايات المتحدة. دون الإشارة إلى الهجوم بعينه يمكنني القول إن طائرات F-35 هي الطائرات المثالية لهجوم مثل هذا».
كواليس حروب الظل
وبحسب المجلة الأمريكية، فإنه مثلما هو الحال عادة في الشرق الأوسط، خاصة في حرب الظل بين إسرائيل وإيران، من الصعب أن تعرف تحديداً ما حدث. فالحكاية تتغير مع تغير من يحكيها، وسبب حكايتها حتى. لكن ما زال بإمكاننا أن نقوم ببعض التخمينات التي تستند للحقائق.
التخمين الأول والأوّلى هو حقيقة أن إسرائيل رفضت قبول إحاطتها بقواعد الصواريخ الإيرانية على حدودها. حولت القوات الجوية سوريا إلى غرفة رماية، وكانت مئات الضربات الجوية تضرب المواكب الإيرانية التي تعبر سوريا لتمد حزب الله بالأسلحة في لبنان، بالإضافة إلى القواعد الإيرانية وقواعد حزب الله نفسها.
أخبرني أحد المسؤولين الإسرائيليين العسكريين في أثناء حوار في القدس في فبراير/شباط الماضي: «يمكننا، وننوي فعلاً، أن نُصعب بقدر المستطاع، ونوجع الإيرانيين بفاتورة لا يرغبون بدفعها». مما يشير إلى أن إسرائيل ستتجنب ضرب المنشآت الإيرانية في العراق، خاصة الآن نظراً لأن الولايات المتحدة لم يعد لديها تواجد عسكري كبير هناك.
ضربة إسرائيلية في إيران ستكون مخاطرة كبيرة، حتى مع طائرات F-35، نظراً لبعد المسافة حتى الهدف، تقريباً ألف ميل من تل أبيب إلى طهران، والدفاعات الجوية الإيرانية التي تشمل صواريخ S-300 الروسية المضادة للطائرات، والانتقام الإيراني المحتمل. لكن المسافة بين تل أبيب وبغداد أقل من 600 ميل. يمكن للطائرة الإسرائيلية الطيران فوق سوريا أو حتى الأردن، مثلما فعلت في هجومها في عام 1981 الذي دمرت فيه مفاعل الأزيرق النووي العراقي.
لن تشكل دفاعات العراق تهديداً بعد أن أضعفتها سنوات الحرب، والحكومة والقوات المسلحة المعطوبة. يمكن للعراق أن تكون اختباراً آمناً بينما تمتص القوات الجوية الإسرائيلية طائراتها من طراز F-35I.
لا يوجد مما سبق دليل حاسم على أن طائرات F-35 الإسرائيلية ضربت العراق. لكن مثلما في أي لغز قتل، لا بد أن يكون المشتبه به الرئيسي لديه الدافع، والفرصة، والقدرة.