هل فجّر الأمريكيون والإسرائيليون مصنع صواريخ إيرانياً عبر الإنترنت؟
لم يستبعد جنرال إيراني أنَّ الانفجار الضخم الذي وقع شرقي طهران، الأسبوع الماضي، سببه “قرصنة”، وسط تكهنات بأنَّه عمل تخريبي أدّى إلى تدمير مجمع إيراني لتصنيع الصواريخ، في إطار حرب سيبرانية أمريكية إسرائيلية مع إيران.
وحاولت السلطات الإيرانية التخفيف من أهمية الانفجار -الذي أصاب مصنع صواريخ في شرقي طهران- وقالوا إنَّ سببه انفجار خزّان غاز في ساحة صناعية أخرى، لكنّ مسؤولاً إيرانياً لم يستبعد احتمالية أن يكون الهجومُ تخريباً سيبرانياً، حسبما ورد في تقريرلمجلة The National Interest الأمريكية.
ففي مؤتمر حول الدفاع ضد الأسلحة الكيميائية، قال الجنرال غلام رضا جلالي، رئيس مؤسسة الدفاع السلبي الإيرانية: “عند انفجار منشآت غاز بارشين، ذُكِر أنَّ الحادث نتج عن اختراق أنظمة الكمبيوتر في المركز، لكن إلى أن نصل لاستنتاج حول أبعاد هذا الحادث والمسؤول عنه لا يمكننا التعليق”.
تدمير مجمع إيراني لتصنيع الصواريخ
أدى الانفجار إلى تدمير مجمع خجير لإنتاج الصواريخ، ووفقاً لصور مُلتَقَطة بالأقمار الصناعية.
لكن السلطات الإيرانية أصرَّت على أنه وقع فعلاً في حديقة بارشين الصناعية، على بُعد 40 كيلومتراً.
وأثارت محاولات التعتيم الواضحة، يُضاف إليها التوترات الدولية إزاء برنامج الصواريخ الإيراني، شكوكاً بأنَّ الهجوم هو حادث إجرامي مقصود.
وكانت الصواريخ الإيرانية موضع نقاش في مجلس الأمن الدولي، يوم الثلاثاء 30 يونيو، الذي جادل ما إذا كان سيمدِّد الحظر الدولي على مبيعات الأسلحة لإيران أم لا. وتستخدم الولايات المتحدة إطلاق إيران قمراً صناعياً مؤخراً للدفع برواية أنَّ طهران تسعى إلى تنفيذ برنامج صواريخ باليستية خطير.
حرب سيبرانية أمريكية إسرائيلية مع إيران قائمة منذ سنوات
وتعاونت الولايات المتحدة مع إسرائيل في الماضي لتخريب برنامج إيران النووي، من خلال تأجير مجموعة قَتَلة يركبون دراجات نارية، لاغتيال العلماء واستخدام سلاح سيبراني يسمى Stuxnet (ستوكسنت) لتدمير منشآت نووية، عبر استخدام فيروس لتشغيل أجهزة الطرد المركزي رغماً عن الإيرانيين (ودون معرفتهم لبعض الوقت) بطريقة أضرت ببرنامجهم النووي، وتسببت في تأخير عمليات تخصيب اليورانيوم.
وهي العملية التي تحدث عنها تأليف: الكاتب الأمريكي فرد كابلان في كتابه، “المنطقة المعتمة.. التاريخ السري للحرب السيبرانية”
وسيكون موقع مثل مجمع خجير في مرمى النيران لأية حملة مشابهة تستهدف صواريخ إيران التقليدية.
وسأل الصحفي الإسرائيلي باراك رافيد، المبعوث الأمريكي لإيران براين هوك، عن تفجير الأسبوع الماضي، في مقابلة على القناة الإسرائيلية الـ13.
أجاب هوك: “ليس لدينا أي ملاحظات نبديها” عن هذا الحادث. وأضاف أنَّ برنامج الصواريخ الإيراني “مقلق للغاية”.
بدورهم، صرَّح مسؤولون إسرائيليون، إلى صحيفة The New York Times الأمريكية، أنَّهم لا يد لهم في الهجوم.
إيران تلي روسيا والصين وتتعاون معهما
“عندما تستخدم سلاحاً إلكترونياً فهناك دافع لترك حالة من الغموض حول من المسؤول… حتى لا يتخطى الصراع السيبراني عتبة النزاع المسلح، ولتقويض مخاطر التداعيات الجيوسياسية”، حسبما يقول دانييل فراي، المحقق في التهديدات السيبرانية في شركة Advanced Intelligence Systems.
كان برنامج “ستوكسنت” سلاحاً متطوراً للغاية، ومُصمَّماً لتجنب اكتشافه. ويعمل البرنامج من خلال اعتراض أنظمة التحكم في أجهزة الطرد المركزي النووية؛ ما يتسبب في دورانها بسرعة كبيرة أو بطيئة جداً، مع إعطاء قراءات خاطئة لوحدة التحكم.
بيد أنَّ الأوضاع تغيرت منذ عهد برنامج “ستوكسنت”.
وقال فراي إنَّ إيران وكوريا الشمالية الآن “في المرتبة الثانية بعد روسيا والصين”، فيما يتعلق بقدرات الحرب السيبرانية.
“آخيل الفارسي” نموذج للحروب العالمية السيبرانية
من الواضح أنَّ إيران أصبحت تشكل الآن تهديداً للبنية التحتية الحيوية، وحكومة الولايات المتحدة نفسها تعترف بذلك”.
إذ حذَّر مسؤولون أمريكيون من أنَّ ترسانة إيران السيبرانية تزداد تطوراً. ووجدت شركة Advanced Intelligence أنَّ كياناً إلكترونياً إيرانياً يُدعى أخيل ربما يكون قد هاجم حسابات الحكومة البريطانية وصناعة الدفاع الأسترالية.
ويقول يلسي بوغسلافسكي، رئيس الأبحاث في Advanced Intelligence، إنَّ أخيل “ليس نشطاً فحسب، بل يعمل أيضاً على توسيع أنشطة القرصنة التي تستهدف البنية التحتية الأمريكية الحرجة”، بالتعاون مع القراصنة الروس الذين يستخدمون برامج الفدية.
وأشار بوغسلافسكي إلى أنَّ أخيل حاول في الأسبوع الماضي بيع “3.5 تيرابايت من البيانات الخاصة بشركة تصنيع دفاعية رفيعة المستوى، توفر حلولاً لتصنيع السفن والغواصات، وتحديثات لأنظمة الحرب البرية، وخدمات البحث والتطوير لأنظمة رادار الطائرات العسكرية، وغيرها”.
وطهران قد ترد على الهجوم
بدوره، قال فراي: “إنَّ إيران لديها نوع من الردع السيبراني ضد الولايات المتحدة، ويمكن أن يؤثر ذلك على حساب المخاطر للولايات المتحدة -أو إسرائيل- في هذا الصدد”.
بيد أنَّ هذا لم يردع القوات الأمريكية عن مهاجمة قاعدة بيانات لناقلة نفط إيرانية، في أبريل الماضي.
لكن هناك خطورة أخرى.
في هذا الصدد، أوضح فراي: “عندما يهاجم فاعلٌ كياناً في الفضاء الإلكتروني، فإنه يخاطر بتنبيه الضحية إلى وجود الثغرة الأمنية المُستغَلة؛ ما قد يؤدي إلى تصحيحها، وبالتالي فقد المعلومات الاستخبارية”.