هل سيظهر التهديد الداخلي في إدلب بعد تلاشي خطر الأسد وبوتين؟
لماذا أخّر بوتين والأسد الهجوم على إدلب، وهل أعيد فعلاً نشر الوحدات العسكرية للنظام في مناطق أخرى، وما هو مصير الجماعات المسلحة في إدلب؟
يرى روي غوتمان في موقع «دايلي بيست» أن الهجوم على إدلب كان محتوماً في الأسبوع الماضي، إلا أن الآلاف خرجوا إلى شوارع المدينة يهتفون ويطالبون برحيل بشار الأسد. وربما لن يتحقق هذا المطلب إلا أن التهديد بتدمير المدينة وموجات جديدة من القتل والدمار قد ابتعدت. فالعملية العسكرية التي كانت ستشن على الأرض وشجبتها تركيا والدول الأوروبية والولايات المتحدة لم تحدث. وأشار غوتمان إلى توقف الغارات الجوية في الأيام الأربعة الماضية وكذا توقف القصف المدفعي ولم يلحظ أي تحرك مثير للخوف للقوات التابعة للنظام. وعلى ما يبدو فالتهديد المقبل من الروس والنظام توقف في الوقت الحالي.
ونقل الكاتب عن مسؤول أمريكي دفاعي قوله إن التوقف لم يتم الإعلان عنه «ولم نر أي تحرك منذ الثلاثاء» و»نحن لسنا مستعدين لتعريف ماهيته عند هذه النقطة». ويرى غوتمان أن النبرة للوضع قد حددت في جنيف عندما قال المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتيف إن الأمر متعلق بتركيا كي تخلص المنطقة من الإرهابيين و»نقول إن الوضع في إدلب يجب أن يتم حله بالطرق السلمية، ومن الممكن الإمتناع عن استخدام القوة العسكرية».
وقف التصعيد
وأضاف حسبما نقلت عنه وكالة انباء «رويترز» «إدلب هي محور يقع تحت مسؤولية تركيا، وهم مسؤولون عن فصل المعارضة المعتدلة من المتطرفة ومن جبهة النصرة وبقية الجماعات المتطرفة». ولم تعلق وزارة الخارجية التركية على التطورات الجديدة فيما أحالت السفارة الروسية في أنقرة كل الأسئلة إلى وزارة الخارجية في موسكو. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها تراقب عن كثب «التعليق الممكن» للعمليات. وقال مسؤول في الخارجية الأمريكية «لا نعلم عن اي اتفاق حول وقف إطلاق النار ولكن وقف التصعيد العسكري من قبل نظام الأسد هي خطوة مرحب بها».
وكانت الخارجية الأمريكية قد حذرت المسؤولين الروس من أي تصعيد عسكري سيكون «عملاً متهوراً». لكن لافرنتيف قدم نبرة مختلفة عن تلك التي استخدمها الرئيس فلاديمير بوتين والذي رفض قبل اسبوع المناشدة التركية بوقف العملية على المنطقة التي يعيش فيها أكثر من 3 ملايين نسمة معظمهم مشردون من مناطق سوريا الأخرى. ويعلق غوتمان أن روسيا وإيران هما القوتان اللتان قدمتا الدعم للنظام السوري وساعدتاه على هزيمة المعارضة المعتدلة، فيما قامت الولايات المتحدة وحلفاءها بقتال تنظيم الدولة في سوريا. وحتى اسبوع كانتا على حافة شن هجوم عسكري لاستعادة المحافظة.
وجاءت الإشارة الأولى للتراجع عن العملية من الرئيس حسن روحاني والذي تحدث عن أهمية حماية المدنيين في أي عملية عسكرية. وقد تمت ترجمة هذا عبر تحول مهم على الأرض حيث لم يتم نشر مقاتلي حزب الله ولا الميليشيات الشيعية التي تدعمها طهران في إدلب. أما التطور الثاني فهو غياب الحشود العسكرية التابعة للنظام والذي تراجعت قوته العسكرية بعد سبعة أعوام من الحرب وعمليات هروب كبيرة من صفوفه التي انضمت إلى جماعات المعارضة المعتدلة. ولا يملك النظام على الأكثر سوى 25.000 جندي في محافظة إدلب منهم 5.000 من المقاتلين الذين وافقوا على تسليم أسلحتهم والتعاون مع النظام. وتقول مصادر المعارضة ان عدداً من المقاتلين الذين تم إحضارهم من درعا التي سيطر عليها النظام في الصيف انشقوا عن جيش النظام بعد فترة قليلة من نقلهم إلى جبهة إدلب.
وأعيد نشر قوات النمر التي يقودها سهيل الحسن وهي من أفضل الوحدات العسكرية الباقية في الجيش السوري، ونقلت حسب مصادر المعارضة إلى منطقة تدمر. ويقول مسؤولون أمريكيون إن القوات التي حشدها النظام لم تكن كافية لعملية برية وربما تم تأجيل العملية لأسابيع و «لا نعتقد أن لديهم القوات الكافية للقيام بالعملية» حسب مسؤول أمريكي. ونقل عن كولمب ستراك، المحلل في شؤون الشرق الأوسط بـ أي أتش أس ماركت قوله إن «تصريح لافرنتيف والحكومة السورية حول إعادة نشر قوات النمر التي يقودها سهيل الحسن، لو تم تأكيدها هي إشارات قوية عن تأخيرهم الهجوم وأعطوا تركيا الضوء الأخضر للتحرك من أجل سحق هيئة تحريرالشام».
تظاهرات تعيد الثقة
وقال إن نشر قوات مدفعية تركية في إدلب ينسجم مع هذا السيناريو. وأدت التطورات الجديدة إلى تظاهرات عدة داخل المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة التي شعرت بنوع من الثقة. وهتف المتظاهرون بشعارات مثل «إرفع إيديك وقل لا نريد بشار» و»لن نركع إلا لله» وقال آخرون «الموت لا المذلة». وشهدت محافظة إدلب تظاهرات في 47 بلدة وقرية و 20 منطقة في حلب وحماة وذلك بناء على إحصاء على متابعة للانترنت قام بها موقع ديلي بيست وفرنت لاين. وكان شعار المتظاهرين بشكل عام وهو ان لاخيار عن الإطاحة بالنظام. وفي بعض المناطق حمل المتظاهرون الأعلام التركية وعلم الثورة السورية دلالة على الشعبية التي تحظى بها تركيا والدور الذي تقوم به لحماية المدنيين من هجوم عسكري.
ويرى الكاتب أن إدلب تواجه مشكلة أخرى غير الهجوم المحتوم من النظام وهي نابعة من الجماعات المقاتلة فيها، خاصة تلك المرتبطة بتنظيم القاعدة. وربما كان بقاء هؤلاء المقاتلين مبرراً لتدخل عسكري روسي مع قوات النظام.
في مخيم اطمة القريب من الحدود التركية واجه المقيمون فيه والذين كانوا يحملون العلم التركي مجموعة من مؤيدي هيئة تحرير الشام واندلع عراك بالأيدي حيث تم تفريق المتظاهرين. وفي إدلب، عاصمة المحافظة تسيطر هيئة تحرير الشام على الأمن ونشرت عدداً ما بين 60- 70 مؤيداً حملوا أعلامها لكنهم تجنبوا التظاهرات الكبرى. وفي سراقب حيث احتشد المتظاهرون في ملعب رياضي ظهر عدد من مؤيدي هيئة تحرير الشام بأعلامها لكنهم تركوا بعد دقائق.