هل حان الوقت لـ”ربيع عربي”… في الكنيست؟
يقف الوسط العربي في إسرائيل هذه الأيام أمام مفترق طرق واختبار نضج لم يشهد مثيلهما منذ قيام الدولة. فالوضع يتطلب من الوسط بكل شرائحه الخروج من الفقاعة التي يحشر فيها منذ نحو 72 سنة، فيشمر عن أكمامه ويسأل نفسه: ماذا الذي نحن، الذين نرى أنفسنا كمواطنين من الدرجة الثانية في هذه الدولة، ملزمون أن نفعله، وما الذي لم نفعله حتى اليوم كي ننقذ أنفسنا من موجة العنف والجريمة التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا؟
تكفي الشكاوى والبكاء والعويل غير المنقطع الذي يسمع كل يوم تجاه المؤسسة الرسمية والشرطة، وبدلاً من لجنة متابعة لنشاط المؤسسة الرسمية الإسرائيلية التي يزعم أنها تميز ضد الوسط العربي، فإن هذا ملزم بأن يشكل لجنة تفحص ما الذي على الوسط أن يفعله وما الذي يمكن أن يفعله لنفسه. هدف هذه اللجنة يجب أن يكون إقامة حرس مدني في كل بلدة عربية وتشجيع الجمهور في الوسط على التطوع، التجند للشرطة، وزيادة التعاون معها، وفقا لصحيفة “هآرتس” العبرية.
إن الانعزالية، والتذمر والشكاوى لن تجلب الخلاص للوسط. يمكن أن يتدهور الوضع، وهذا هو الوقت الذي يتعين فيه على كل عربي في إسرائيل أن يسأل نفسه: ما الأهم والأكثر إلحاحاً من ناحيته – المشكلة الفلسطينية، وقانون العودة، ووضع اللاجئين في مخيم اليرموك للاجئين في لبنان، أم الوضع في القرية والمدينة التي يعيش فيها؟ إضافة إلى ذلك، فإن عرب إسرائيل الذين نجح قسم مهم منهم في الاندماج على نحو جميل في حياة الدولة ملزمون بأن يعيدوا النظر في المسار، من الأقصى إلى الأقصى، ويفهموا أيضاً بأن من يطلب بطلف ينفذ بلطف. من يطلب بأن يكون مواطناً متساوي الحقوق ملزم أيضاً بأن يؤدي الواجبات التي تلقى على كل مواطن.
هذه الرسالة يجب أن تنتقل أيضاً إلى أعضاء الكنيست العرب، الذين بدلاً من خلق عناوين رئيسة حول التضامن مع الإرهاب الذي يمارس ضد بلدات غلاف غزة، ملزمون بأن يتبنوا سياسة الحياة في تعايش. عليهم أن يوضحوا لجمهور ناخبيهم بأن المشاكل اليومية في الوسط قريبة إلى قلوبهم. الكنيست هي الجسر الأفضل لخلق التعايش، وعلى مندوبي الوسط أن يستغلوا هذا الجسر كي يقتربوا ويوثقوا العلاقة بين عرب إسرائيل والجمهور اليهودي، العلاقة التي سيخرج منها الجميع رابحين.
إن إجمالي المقاعد الممكنة للأحزاب العربية يتجاوز الـ 17. إذا صوت نحو 70 في المئة منهم في صناديق الاقتراع، سيحصل الوسط على تمثيل كبير وغير مسبوق في الكنيست القادمة. والمعنى كفيل بأن يكون دوراً حقيقياً وتاريخياً لعرب إسرائيل في تشكيل الحكومة، وذلك بالطبع شريطة أن تجتاز القائمة المشتركة تحولاً وتكون براغماتية وأكثر وداً للمحيط اليهودي. وضع سياسي كهذا يمكنه أن يشكل قاعدة جيدة لاستئناف المحادثات مع الفلسطينيين، بعد زمن طويل من الجمود.
لا شك عندي بأن عرب إسرائيل على وعي بقوتهم الانتخابية اليوم ومعناها، وأن الأمر سيجد تعبيره في معطيات التصويت في حملة الانتخابات القريبة القادمة.