هل حان الوقت لحكومة وحدة يتناوبها نتنياهو وجانتس؟
أظهر بني جانتس استقامة سياسية نادرة حين هاجم تصريحات ليبرمان البائسة في موضوع الكليات التمهيدية العسكرية، رغم أن ليبرمان صرح قبل بضعة أيام من ذلك بأن جانتس مرشح شرعي من ناحيته لرئاسة الوزراء. يخيل أن الاستعداد للنزاع مع حليف سياسي محتمل يثبت بأن غانتس رجل حقيقة شجاعة، وعلى الأقل من هذه الناحية، مرشح مناسب لرئاسة الوزراء.
وفي موضوع آخر أيضاً، هو المحاولة للمس بمكانة يئير لبيد في “أزرق أبيض”، أثبت غانتس نزاهته ورفض خرق الاتفاق التأسيسي لأزرق أبيض، والانضمام إلى المحاولة للتضحية بلبيد كي يتزلف للأصوليين. وفي النهاية، فإن غانتس هو الوحيد بين قادة أزرق أبيض الذي لم يستبعد بالقطع الجلوس في حكومة نتنياهو، مثلما فعل بفظاظة لبيد ويعلون، وانكشفا ببؤسهما المتزمت، إلى جانب إيهود باراك الذي انضم إلى الجوقة الباعثة على التثاؤب وأعلن: “لن أجلس بأي شكل وفي أي وضع مع نتنياهو”. ما الذي تقوله؟ انتظر يا باراك. فأنت لم تجتز بعد نسبة الحسم ويجدر بك أن تنصت إلى أقوال يئير جولان، الذي تحدث بشكل سوي أكثر في مسألة الجلوس مع نتنياهو، ولم يستبعد الإمكانية، وفقاً لصحيفة “معاريف” العبرية.
يتضح من كل هذا أن بني جانتس هو أحد يمكن بقدر كبير الاعتماد على تفكيره وعلى نزاهته، ويمكن بالتأكيد الوصول معه إلى اتفاق تداول حيوي في رئاسة الوزراء. ظاهرياً، رفاق جانتس في قيادة أزرق أبيض لن يسمحوا له بالوصول إلى اتفاق مع نتنياهو، ولكن حين تحين اللحظة، بعد الانتخابات القادمة، من المتوقع من جانتس أن يقف في وجههم هم أيضاً عند الحاجة. ولا شك في أن كل نواب أزرق أبيض تقريباً، بعضهم ممتازون حقاً (مثل الأصولية المتنورة عومر ينكلبيتش، أو مستشاره القريب الذكي حيلي تروبر)، سيفضلون السير مع غانتس، وليس مع كارهي نتنياهو المهنيين على نمط لبيد ويعلون ممن تعنيهم كراهية نتنياهو، ويحاولون التصرف كهيئة قضائية، رغم أن إجراءات الاستيضاح القانونية مع نتنياهو متواصلة حسب القانون، بما في ذلك الاستماع المتوقع أمام المستشار القانوني، ورغم أن قانون رئيس الوزراء يحمي نتنياهو تماماً ويسمح له بمواصلة مهامه حتى القرار النهائي والقاطع في هيئة الاستئناف الأخيرة، وحتى لو اضطر للانفصال عن الحكومة في نهاية ورديته في التداول لأن الوزير، بخلاف رئيس الوزراء، لا يمكنه أن يتولى منصبه في ظل لائحة اتهام.
عملياً، الخيار بين ائتلاف نتنياهو الأصولي المقرف مع ليتسمان ودرعي وبن جبير، ممن سينجحون في التسلل إلى الكنيست برعاية قانون نرويجي ما، وبين ائتلاف مقرف لغانتس المدعوم بهذا الشكل أو ذاك من أيمن عودة وأحمد الطيبي. لا يوجد خيار آخر، وبالتالي من الضروري تماماً إقامة حكومة وحدة وتداول. ويمكن لنا أن نرسم منذ الآن قواعدها الأولى ومبادئها الضرورية لمجرد وجودها.
قبل كل شيء، يجب أن يكون نتنياهو هو الأول، على الأقل حتى نهاية ولاية ترامب وعرض خطة القرن، حيث لا يوجد من يمكنه أن يتصرف معها أفضل من نتنياهو. وأزرق أبيض أيضاً يجب أن يعترف بذلك.
إضافة إلى ذلك، يجب الاتفاق على المبادئ الأساسية، وهذا ليس صعباً حقاً. في المجال السياسي، عدم الانسحاب وعدم إخلاء المستوطنات من جهة، ومن جهة أخرى عدم الضم وكذا استمرار التسوية حيال غزة والسعي إلى التهدئة مع سوريا وإيران، وفي المجال الداخلي: عقد زوجية وإلغاء التمييز الحاخامي في مجال الهجرة تجاه سليلي روسيا وإثيوبيا، بما في ذلك جلب الفلاشا وإلغاء فحوصات دي.أن.إيه المخجلة تجاه سليلي روسيا. وكذا النهاية أيضاً لإبعاد طالبي اللجوء، الأمهات الفلينيات وأطفالهن وباقي مضطهدي مديرية السكان، المتوافدين هنا منذ سنوات طويلة. كفى للظلم المتواصل الذي يوصمنا كلنا بالعار. هكذا تبدو حكومة أمل كبرى.