هل تستطيع النهضة الإطاحة برئيس الحكومة التونسية؟ الأرقام في صالحها والفخفاخ بين خيارين صعبين
بعد أن حسمت حركة النهضة التونسية موقفها من حكومة إلياس الفخفاخ، عبر التأكيد على توجهها للبرلمان لسحب الثقة منه، بدأ يظهر عدد من التساؤلات، لعل أبرزها إذا ما كانت حركة النهضة تستطيع فعلاً سحب الثقة من رئيس الحكومة، وعلى مَن تعوّل داخل قبة البرلمان لتحقيق هذا الهدف؟
قامت حركة النهضة بالفعل، اليوم الأربعاء 15 يوليو 2020، بإيداع لائحة سحب الثقة من رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ بمكتب الضبط بالبرلمان.
النهضة واثقة من قدرتها على الإطاحة بالفخفاخ
بيان حركة النهضة الأخير الذي أكد بكل وضوح على التوجه لسحب الثقة من رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، كان بمثابة رد تصعيدي على رفض رئيس الجمهورية قيس سعيد إجراء أي مشاورات معها بشأن تغيير الحكومة.
ويأتي البيان وما تلاه من تعهد الفخفاخ بإجراء تعديل وزاري جزئي، من المنتظر أن يشمل وزراء الحركة، ليكشف أن النهضة أعدت العدة وحشدت حلفاءها بالفعل في البرلمان لتحقيق هذا الهدف.
أكد النائب عن حركة النهضة في مجلس نواب الشعب، محمد القوماني، لـ”عربي بوست”، أن النهضة بدأت بالفعل في إجراءات جمع التوقيعات لتقديم لائحة لوم ضد رئيس الحكومة بهدف سحب الثقة منه.
وتستوجب لائحة اللوم جمع 73 توقيعاً، لكن سحب الثقة من الفخفاخ يستوجب حشد 109 أصوات داخل البرلمان.
وفي هذا السياق شدّد القوماني على أن حركة النهضة على ثقة كبيرة في قدرتها على تجميع الأصوات الكافية لسحب الثقة من الفخفاخ، دون تقديم أسماء الكتل أو النواب الذين تعوّل عليهم الحركة لتحقيق هدفها.
وتضم لائحة سحب الثقة التي تقدمت بها النهضة 105 إمضاءات لنواب كُتل النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة والمستقبل، وعدد من النواب المستقلين، وما يتبقى الآن هو جلسة التصويت وضمان الوصول إلى 109 أصوات خلالها لسحب الثقة.
حلفاء النهضة لإسقاط الفخفاخ
في حين ضمنت النهضة (54 نائباً)، مساندة حزب قلب تونس (28 نائباً)، وائتلاف الكرامة (19 نائباً) لمبادرتها بسحب الثقة من رئيس الحكومة، فإن الحركة تحتاج على الأقل إلى 9 أصوات لسحب البساط من تحت قدمي إلياس الفخفاخ.
يأتي هذا في ظل معارضة شركاء الحركة في الائتلاف الحاكم (التيار الديمقراطي وحركة الشعب وحزب تحيا تونس) لخيار سحب الثقة من الفخفاخ، وانخراط كتل نيابية أخرى في مسعى لسحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي (الحزب الدستوري الحر والكتلة الوطنية وكتلة الإصلاح)، وبالتالي رفضهم الضمني لمبادرة الحركة.
وأشارت مصادر مطلعة داخل البرلمان التونسي لـ”عربي بوست”، أن النهضة تعول على دعم كتلة المستقبل (10نواب)، وعدد من النواب المستقلين (13 نائباً)، لضمان سحب الثقة من الفخفاخ.
وتؤكد ذات المصادر أن حركة النهضة حصلت بالفعل على ضمانات بأن كتلة المستقبل وعدد من النواب المستقلين سيصوتون لصالح سحب الثقة من رئيس الحكومة.
النهضة خارج الحكومة؟
وفي تعليقه على قرار حركة النهضة، أكد زهير المغزاوي، أمين عام حركة الشعب (شريك النهضة بالائتلاف الحاكم) لـ”عربي بوست”، أن الأحزاب المكونة للائتلاف الحكومي باستثناء النهضة اجتمعت برئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، وخيّرته بين خيارين؛ إما إجراء تعديل وزاري واستبعاد وزراء النهضة من الحكومة، أو تسليم الأمانة وتقديم استقالته لتخلفه شخصية أخرى.
يأتي هذا وسط أنباء متداولة عن طلب رئيس الجمهورية من رئيس الحكومة الاستقالة، في انتظار أن يخرج الفخفاخ لتصديق الخبر أو نفيه.
وأضاف المغزاوي أن الوضع الاجتماعي والسياسي في البلاد لم يعد يحتمل المناورات والابتزاز الذي تتعامل به حركة النهضة مع بقية الأطراف السياسية، على حد وصفه.
إجراءات تقديم لائحة اللوم
وفي سياق متصل، أكد رئيس كتلة حزب “قلب تونس”، أسامة الخليفي، أن “قلب تونس” يدعم لائحة سحب الثقة من رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، بسبب شبهات تضارب المصالح الموجهة إليه، وأدائه الضعيف، وعجزه عن إيجاد حلول للمشاكل الاقتصادية التي تعيشها البلاد، على حد قوله.
وتابع الخليفي أنه سيتم إيداع لائحة سحب الثقة برئاسة مجلس النواب قبل نهاية هذا الأسبوع، مشيراً إلى أنه تم ضمان عدد كافٍ من الأصوات لسحب الثقة من رئيس الحكومة الحالي.
انتخابات تشريعية مبكرة
من جهته، أكد المحلل السياسي محمد صالح العبيدي، أن حركة النهضة قد تنجح في سحب الثقة من إلياس الفخفاخ في البرلمان، لكن مهمتها في تعيين خليفة له في نفس الجلسة تبدو أمراً صعباً جداً، في ظل التوازنات والحسابات داخل قبة البرلمان.
وأضاف العبيدي أنه لا فائز في هذه المعركة، وأن أزمة تشكيل مشهد حكومي جديد لن تنتهي بسحب الثقة من الفخفاخ، مشدداً على أن النهضة غير قادرة على ضمان حزام حكومي قوي يسهل عمل الحكومة التي ستخلف حكومة الفخفاخ.
وتوقع العبيدي أن يقدم إلياس الفخفاخ استقالته، لإعادة مبادرة تكليف رئيس حكومة جديد لرئيس الجمهورية قيس سعيد، مؤكداً أن الأزمة السياسية الحالية ستتأبد في الحالتين حتى 2024، موعد الانتخابات المقبلة، لأن المشهد الذي أفرزته الانتخابات التشريعية غير قادر على ضمان استقرار حكومي.
وتابع “أبغض الحلال في هذه الوضعية هو الذهاب إلى انتخابات تشريعية مبكرة، وتنقيح القانون الانتخابي لإفراز مشهد سياسي جديد، وتوازنات جديدة قادرة على ضمان الاستقرار في البلاد”.