هل تدخل الجزائر في متاهة الفترة الانتقالية؟
بعد رفض الحكومة المؤقتة في الجزائر ورئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح هذا الأسبوع الشروط المسبقة التي وضعتها لجنة الحوار والوساطة، تكتشف المعارضة الجزائرية إلى أي مدى يمكنها الضغط على «السلطة» صاحبة القرار في البلاد. وتعتبر اللجنة المؤلفة من 6 أعضاء جزءاً من عملية الحوار حول خارطة طريق الجزائر نحو الانتخابات وما بعدها.
ماذا حدث؟
تتمثل الشروط التي طالبت بها لجنة الحوار، في إطلاق سراح سجناء الرأي ورفع الإجراءات الأمنية المشددة حول العاصمة. واجتمعت اللجنة، التي يرأسها رئيس المجلس الشعبي الوطني السابق، كريم يونس، يوم الخميس الأول من أغسطس لتقييم موقف الحكومة وتحديد الخطوات المستقبلية. واستقال عضوان بارزان من أعضاء اللجنة (كان يونس لينضم إليهما، لولا أن أقنعه زملاؤه في الوفد بالبقاء)، تعبيراً عن خيبة أملهما لرفض السلطات التفاوض، رغم أن اللجنة دعت أعضاء جدداً للانضمام إليها.
ما أهمية هذا الأمر؟
يقول مركز Stratfor الأمريكي للدراسات الاستراتيجية والأمنية، إن الرفض يمثّل «ضربة قاصمة لحركة المعارضة الجزائرية والاحتجاجات الشعبية، التي تحاول إصلاح النظام السياسي في البلاد إصلاحاً جذرياً».
وقالت الحكومة المؤقتة والجيش، بوضوح، إن هناك عدداً من المطالب التي لن تجري الموافقة عليها. في الوقت نفسه، أبرزت طبيعة الانتقادات مدى أهمية الجيش في دعم الحكومة. إذ مارس الجيش الجزائري درجة هائلة من السيطرة باعتباره عنصراً أساسياً في «السلطة»، لكنها لم تكن بالقدر نفسه من الوضوح والعلانية مثلما هي الآن.
وفي الوقت نفسه، كلما طالت مدة تعثر اللجنة في محادثاتها مع الحكومة المؤقتة، زادت خطورة فقدان مصداقيتها بين بعض أطياف المعارضة. وقد اتهم بعض المحتجين في الشوارع بالفعل اللجنة بأنها تتحول لأداة في يد الجيش لخفض مستوى مطالب المعارضة، وهو أحد الأمور التي دفعت البعض للخروج من اللجنة هذا الأسبوع.
تنفيس للغضب الشعبي ليس أكثر
استمرت محاكمات الموالين للرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة المتهمين بالفساد، جزئياً لتخفيف الغضب الشعبي إزاء الحكومة، وعلى الأغلب للمساعدة في تهميش المعارضين المحتملين لأجندة صالح المفضلة.
وقد أقال الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح هذا الأسبوع مديري بنكين حكوميين لأنهما أصبحا متهمين في قضايا كسب غير مشروع وعرضة للتحقيق. كما أقال بن صالح وزير العدل سليمان براهمي، وعين بلقاسم زغماتي، الذي كان يشغل منصب النائب العام، خلفاً له.
الاحتجاجات مستمرة
ومن الجائز أن وزير العدل الجديد يمثل خياراً حكومياً براغماتياً، لأنه معروف بمعارضته للموالين لبوتفليقة، لكن هذا التغيير الوزاري يمثل نوعية القرارات الحكومية التي تثير الغضب الشعبي.
إذ لا تملك الحكومة المؤقتة فعلياً السلطة الدستورية لإعادة تشكيل الحكومة. ودفعت مثل هذه القرارات الحكومية المفاجئة المتظاهرين إلى الاحتجاج في الشوارع لأسابيع (وصلت إلى 24 أسبوعاً يوم 2 أغسطس، وآخذة في الازدياد) ومن المرجح أن يستمروا في احتجاجاتهم، بغض النظر عن الخطوط الحمراء التي وضعتها السلطة.