هل بدأت نهاية النفوذ الإيراني في العراق؟
طال غضب المتظاهرين العراقيين المكان الذي تدار منه عملية اختطاف مدينة البصرة طيلة 15 عاما، فأضيفت القنصلية الإيرانية إلى مصاف مقار الأحزاب والميليشيات التابعة لنظام الملالي، التي أقدمت الحشود على اقتحامها.
ويعد حرق أعلام الدولة الجارة وصور رموز نظامها، واقتحام الممثلية الدبلوماسية لأحد أبرز اللاعبين الأساسيين في الساحة العراقية، تحولا كبيرا في احتجاجات البصرة التي انطلقت شرارتها على خلفية استشراء الفساد، بعدما أدى تلوث المياه في المحافظة إلى تسمم أكثر من 30 ألف شخص.
وتصاعدت هتافات “إيران بره بره” في احتجاجات متظاهري البصرة الغاضبين من إهمال البنية التحتية المتداعية بمدينتهم.
وهذه ليست المرة الأولى، التي يلقي فيها المتظاهرون باللوم على الأحزاب والميليشيات الموالية لإيران في الفساد المستشري في العراق، ففي يوليو الماضي، هاجم المتظاهرون مقرات هذه الجماعات، وأحرقوا صور المرشد الإيراني الراحل الخميني، أثناء احتجاجاتهم في الشارع، الذي يحمل اسمه.
وفي الأسبوع الماضي، أضرم متظاهرون النيران في عدد من مقار الأحزاب والميليشيات الموالية في غالبيتها لطهران لتناهز الحصيلة النهائية 20 مقرا، في مقدمتها مقرات حزب “الدعوة الإسلامية”، الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء المؤقت، حيدر العبادي، ورئيس الوزراء السابق، نوري المالكي.
كما أقدم المتظاهرون على حرق مقرات فصائل “الحشد الشعبي”، ومنظمة بدر، التي يتزعمها رئيس تحالف الفتح، هادي العامري، وعصائب أهل الحق لزعيمها، قيس الخزعلي، وكتائب حزب الله وحركة الأوفياء.
ويفسر المتابعون للشأن العراقي هذه التطورات بأنها حركة عفوية بسبب التدخلات، التي زادت عن حدها كثيرا لإيران في الشأن الداخلي العراقي وتحريكها للأحزاب والميليشيات العراقية كما يحلو لها، فكانت النتيجة خرابا أصاب المحافظة الجنوبية، الغنية بالنفط.
ويريد متظاهرو البصرة محافظة ودولة خالية من الأحزاب، التي تقف وراء الفساد المستشري في البلاد، وتحركها قوى خارجية من أجل تنفيذ أجتدتها، وربما يوضح ذلك السبب وراء عدم مهاجمة المحتجين لمقار التيارات الأخرى، التي كان لها رأيا واضحا ضد التدخل الإيراني في البلاد.
لكن تبقى نتيجة هذه التطورات مرهونة بالعملية السياسية العراقية، التي تشهد اضطرابا شديدا بسبب التحالفات والتكتلات المدعومة من طهران، التي يتزعمها المالكي والعامري، المعروفان بـ”رجلي إيران في العراق”.
فأمام هذه الأحداث المتواصلة، لم تصمت الميليشيات، التي كان الدعم والتوجيه الإيراني سببا في ظهورها للعلن، وتمتعها بسطوة لا تضاهي سطوة المؤسسات الأمنية والرسمية العراقية، فخرجت عصائب أهل الحق لترد على المتظاهرين بالرصاص، وتقتل وتجرح عددا منهم.
ويوضح رد فعل عصائب أهل الحق أن هذه التطورات لن يكون تأثيرها هينا على الميليشيات التي اعتادت على التمويل والدعم الإيراني.
كما لم تفوت كتلة الفتح التي يتزعمها هادي العامري، وتنضوي تحتها معظم فصائل ميليشيات الحشد الشعبي الموالية لإيران، هذه الفرصة، في محاولة منها للإطاحة بتحالف “الصدر-العبادي” المضاد الذي يسعى لتشكيل الحكومة.
ومن الموقف المزعوم بحرصها على مصلحة البصرة وأهلها، أصدرت الكتلة بيانا وجهت فيه سهام الاتهام فيما يحدث للحكومة العراقية، وطالبت رئيس الوزراء حيدر العبادي بالاستقالة فورا، لفشله الواضح في إدارة جميع الملفات، وفق تعبير البيان.