هل اقتربت نهاية داعش في مصر وليبيا؟
بعد إعلان قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة انتهاء العمليات العسكرية ضد آخر جيب لداعش في قرية الباغوز السورية، إضافة إلى طرد التنظيم الإرهابي من آخر معاقله في الموصل بالعراق، أصبحت الأنظار تتجه إلى مصر وليبيا.
فهزيمة تنظيم داعش في العراق وسوريا لا تعني انتهاء خطر التنظيم، الذي تمدد أيديولوجيا قبل أن يتمدد هيكليا من عاصمة ‘الخلافة’ المزعومة إلى اليمن ومصر وصولا إلى آسيا وأفريقيا.
ويقول الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة، ماهر فرغلي، لموقع “سكاي نيوز عربية” إن “التنظيم الإرهابي لا يزال متواجدا في مناطق من سوريا مثل ريف حمص ودير الزور والشريط الحدودي بين سوريا والعراق، إضافة إلى مناطق من صحراء الأنبار”.
وأضاف: “التنظيم الموجود في مصر لديه فرعين، الأول في سيناء ومرتبط بغزة بشكل كبير، كونه تم تشكيله من خلال اندماج عدد من القيادات الإرهابية”.
وتابع: “الجيش المصري من خلال العملية الشاملة نجح بنسبة 60 إلى 80 بالمئة في القضاء على التنظيم الإرهابي، إلا أن البيئة الحاضنة في هذه المناطق لا تزال تسمح بوجود مثل هذه العناصر”.
ولفت إلى أن مصر نجحت في مواجهة التنظيم الإرهابي دون دعم دولي، وقضت على مثلث الإرهاب والمخدرات وتهريب السلع، مما أضعف التنظيم بشكل كبير.
أما الفرع الثاني للتنظيم في مصر، وفقا لفرغلي، فهو “في محافظات الدلتا والوادي، وله قيادة منفصلة، إلا أن قوات الأمن نجحت في القضاء عليه بنسبة 95 بالمئة”.
وأوضح أن هذا الفرع كان مسؤولا عن عدد من العمليات الإرهابية في محافظات مصر في الآونة الأخيرة، بعضها استهدف كنائس.
وفي ليبيا، يرى فرغلي أن داعش موجود بقوة جنوبي البلاد تحت اسم “جيش الصحراء”، ويشكل تهديدا أمنيا كبيرا على البلاد.
وحذر الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة من “الترويج لنهاية داعش”، كون التنظيم الإرهابي يعتمد على هيكلية تتكون من جيش النخبة، وهو خليط بين قادة أمنيين “عراقيين فقط” ومقاتلين أجانب يحيطون بأبو بكر البغدادي، ومرتبطين بقادة الولايات التابعة له في فروع سيناء وخرسان وليبيا وبرقة وشرق آسيا.
ويتبع هذ التشكيل الخلايا الداعشية النائمة، وهي عناصر تابعة للتنظيم “كامنة” في مناطق خارجية، تنتظر التعليمات للقيام بعمليات إرهابية.
أما “الذئاب المنفردة”، فهي عناصر غير مرتبطة بالتنظيم، لكنها موالية لأفكاره الإرهابية، وتحصل على التعليمات بشن عملياتها من خلال تسجيلات القادة بمبادرات فردية.
وحذر فرغلي من أن إعلان النصر على التنظيم الإرهابي لا يعني نهايته أو انتهاء خطره، وأن العائدين منه سيشكلون تهديدا لبلدانهم، لافتا إلى وجود ظاهرة جديدة، وهي ظهور جماعات داعشية بأسماء جديدة في دول آسيوية، وجماعات أخرى في سوريا، وهو “تكتيك حركي للتنظيم المتطرف، يكشف شكل داعش بعد انهيار الدولة المركزية”.
كما اعتبر أن “التنظيم المتشدد سيعود إلى سياسته القديمة إلى ما قبل عام 2006، وأن هناك خطرا كبيرا في الفترة المقبلة، سيكون على دول شمال أفريقيا مثل ليبيا وتونس”.
من جانبه، أشار الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، إلى أن تنظيم داعش تحول إلى ما يشبه “شبكة سرية”، بما في ذلك في سوريا والعراق، إلا أنه يبقى تهديدا كمنظمة شاملة لها قيادة مركزية، وفقا لتقرير صدر أخيرا جاء فيه:
في اليمن، لا يزال التنظيم حاضرا في محافظة الجوف، لكنه ضعف إثر معارك خاضها مع الفرع المحلي لتنظيم القاعدة في محافظة البيضاء في يوليو 2018. وتقول الأمم المتحدة أنه “لا يزال لداعش معسكرات متحركة وعدد من المقاتلين يتراجع في مجمل البلاد”.
وفي أفريقيا ومنطقة الساحل تحديدا، بايعت مجموعتان التنظيم المتطرف ولا تزالان نشطتين، بحسب الأمم المتحدة.
الأولى هي “تنظيم داعش في الصحراء الكبرى” بقيادة عدنان أبو الوليد الصحراوي، وتضم بين 100 و200 مقاتل في وسط وشمال مالي.
أما منطقة بحيرة تشاد حيث تتقاطع الحدود بين تشاد والنيجر ونيجيريا، فتضم “الجماعة المتشددة في غرب أفريقيا”، وهي جناح لجماعة بوكو حرام، من 1500 إلى 3500 متشدد، بقيادة أبو مصعب البرناوي.
وفي الصومال، تهيمن حركة الشباب المرتبطة بالقاعدة على الحركات المتشددة بالبلاد، لكن مجموعة مرتبطة بتنظيم داعش “تتعايش” معها منذ منتصف 2018، بحسب الأمم المتحدة.
وفي منطقة بونتلاند المجاورة، يبقى مقاتلون من داعش نشطين في منطقتي كاندالا وبوصاصو، حيث أقاموا معسكرات تدريب وقاموا بتخزين السلاح، وافدين خصوصا من اليمن المجاور.
وفي أفغانستان، تضم المجموعة المتشددة المرتبطة بتنظيم داعش بين 2500 و4000 مقاتل في ولايات ننغرهار ونورستان ولغمان شرقي البلاد.
وتوضح الأمم المتحدة أن “تنظيم داعش يملك معسكرات تدريب في أفغانستان، وأقام شبكة خلايا سرية في عدة مدن أفغانية، بينها كابل”.
وفي آسيا الوسطى “يسعى تنظيم داعش إلى توسيع أنشطته” بحسب التقرير، الذي يشير إلى اغتيال 4 سياح أجانب في طاجيكستان في يوليو 2018.
وفي إندونيسيا، شنت “جماعة أنصار الله” المرتبطة بالتنظيم المتطرف سلسلة هجمات نفذها متشددون عائدون من سوريا أو العراق، وآخرون “محبطون” أرادوا التوجه إلى هذه المنطقة لكنهم منعوا من ذلك وأصبحوا ينشطون في بلادهم.
وبالتالي، فإن إعلان قوات “قسد” النصر على التنظيم في سوريا، لا يعني انتهاء خطره، في ظل قدرته على تحريك خلايا نائمة في المناطق الخارجة عن سيطرته، إضافة إلى إمكان استلهام “ذئاب منفردة” خطاب التنظيم لشن هجمات في أي مكان في العالم.