هل استغنت روسيا عن إيران وخدماتها في سوريا؟
رأت صحيفة Svabodnaya Pressa الروسية، أن تواجد روسيا في سوريا جعلها تحقق نجاحاً بالغ الأهمية، لا سيما أنها تعتبر من الجهات المساهمة في إنشاء مناطق خفض التصعيد.
وقالت الصحيفة، كان من الناحية النظرية يجب أن تلتزم الجهات المبرمة لاتفاق خفض التصعيد، الذي شمل العديد من المحافظات السورية، بأحكامه والعمل على نشر السلم في البلاد.
لكن من الناحية العملية، لم تستطع هذه الجهات تحقيق غايات الاتفاق، خاصة في ظل استمرار الخلافات الصغيرة والكبيرة، التي لا علاقة لها بتنظيم داعش، والتي قوّضت فرص التفاوض.
وكان لاتفاق خفض التصعيد القليل من المزايا. ففي المقام الأول، بذلت أنقرة جهداً كبيراً من أجل تقليص هجمات التشكيلات الموالية لها ضد الجيش الروسي والسوري، خاصة أنها تعد من البلدان المنادية باتفاق خفض التصعيد، وتعتبر من الجهات الرئيسية الداعمة لبعض المسلحين في شمال غربي سوريا.
في المقابل، لم يكن لروسيا أمور تقوم بها، ذلك أن الجهات الموالية للأسد نفسه كانت منشغلة بمسائل أخرى، ولم تول اهتماماً في ذلك الوقت للمعارضة الموجودة في درعا وإدلب.
اعتبرت روسيا انتصارات الجيش السوري نتيجة دعم بشار الأسد
وقالت الصحيفة الروسية، إنه في الأثناء ظلَّت الجهات الموالية لتركيا والتشكيلات الإيرانية تراقب الوضع عن كثب.
الجدير بالذكر أن الجيش العربي السوري دخل بمساعدة روسيا، في الوقت المناسب، إلى المناطق الخاضعة لاتفاق خفض التصعيد، الأمر الذي أدى إلى استعادة هذه المناطق.
وقد اعتبرت روسيا أن هذا النجاح بمثابة انتصار لحكومتها و دبلوماسييها.
ما جعل طهران تتذمر من موسكو، وتدفع بثقلها للداخل السوري
وقالت الصحيفة الروسية إن روسيا نجحت في انتهاج سياسة حظيت بموافقة جميع الجهات الأجنبية المشاركة في النزاع السوري.
أما الولايات المتحدة، فقد أشادت في العديد من المناسبات بمساهمة روسيا في انتصار سوريا على تنظيم الدولة.
وتعد قدرة روسيا على التعاون الوثيق مع إسرائيل، رغم أنها من الحلفاء الرئيسيين لإيران، وصداقتها مع البلدان التي على استعداد حتى لشنّ حرب نووية فيما بينها، أمراً مثيراً للاهتمام.
ومن غير المستبعد أن تشهد العلاقات الروسية الإيرانية نوعاً من التوتر، لا سيما أن إيران قد سئمت التضحية بمصالحها الخاصة من أجل نجاح روسيا.
زار وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي سوريا والتقى بشار الأسد
وفي الساعات القليلة الماضية، زار وزير الدفاع الإيراني، أمير حاتمي، سوريا، حيث عقد اجتماعات مع كبار المسؤولين الحكوميين في سوريا.
وكانت المحادثات التي جمعت بين حاتمي والرئيس السوري بمثابة تتويج لهذه الزيارة.
وفي الحقيقة، يبدو هذا الاجتماع من الأمور البديهية التي عادة ما تحدث لتجديد تأكيد التحالف والتعاون بين البلدين.
لكن، بات من الواضح أن الهدف من هذا الاجتماع كان مختلفاً عن سابقيه.
وكانت وكالة تسنيم للأنباء، قالت إن وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي وصل إلى سوريا، الأحد 26 أغسطس 2018، لعقد اجتماعات مع «مسؤولين دفاعيين وعسكريين كبار».
ونقلت وكالة فارس للأنباء عن حاتمي قوله: «نأمل القيام بدور مثمر في إعادة إعمار سوريا».
وكان جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأميركي، قال الأسبوع الماضي، إن إيران عليها سحب قواتها من سوريا.
وذكر مسؤولون إيرانيون كبار أن وجودهم العسكري في سوريا جاء بناء على دعوة من حكومة بشار الأسد، وأنه ليس لديهم أي نية فورية للخروج.
وتتردد أنباء عن عزم قوات النظام السوري شن هجوم على محافظة إدلب شمالي البلاد، التي تعد المعقل الأخير للفصائل المسلحة المناهضة لبشار الأسد.
وبشكل مفاجئ أيضاً، زار وزير الدفاع التركي خلوصي أكار روسيا مرتين خلال أسبوع، الأمر الذي استرعى انتباه المتابعين.
الزيارة تضمَّنت الاتفاق على التعاون لإعادة بناء الجيش السوري
ووقَّع وزير الدفاع الإيراني، أمير حاتمي، خلال زيارة لدمشق، اتفاقية تعاون عسكري بين إيران وسوريا، تهدف إلى إعادة بناء الجيش السوري، وفق ما أعلِن الإثنين 27 أغسطس 2018.
وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أن حاتمي وصل، الأحد 26 أغسطس 2018، إلى دمشق، في زيارة استمرت يومين، التقى خلالها الرئيس السوري بشار الأسد، فضلاً عن نظيره علي عبدالله أيوب.
وفي مقابلة مع قناة «الميادين» الفضائية، جرى بثها مساء الإثنين، أوضح حاتمي من دمشق أن «أهمّ بند في هذه الاتّفاقية هو إعادة بناء القوات المسلحة والصناعات العسكرية الدفاعية السورية، لتتمكّن من العودة إلى قدرتها الكاملة».
وأضاف في المقابلة التي تمت باللغة الفارسية وترجمتها قناة «الميادين» إلى العربية: «من خلال هذه الاتفاقية مهّدنا الطريق لنبدأ بإعادة بناء الصناعات الحربية السورية».
ورداً على سؤال عمَّا إذا كانت الاتفاقية تشمل كل القطاعات العسكرية، ومن ضمنها الصواريخ، قال حاتمي إنها تشمل «أي شيء تعلن الحكومة السورية أنها بحاجة إليه لحفظ أمنها، وتستطيع إيران أن تقدّمه».
واعتبر حاتمي أن الوضع في سوريا اليوم «أفضل بكثير»، مضيفاً في الوقت نفسه أن الحرب «لم تنتهِ بعدُ؛ لذلك يجب أن تستمر المواجهة حتى تطهير كل الأراضي السورية، وأعتقد أننا لسنا بعيدين عن هذا اليوم».
ترغب إيران من اتفاق التعاون مع بشار الأسد ضمان دعم روسيا لها داخل الأراضي السورية
وكشفت الصحيفة الروسية عن دوافع إيران لتوقيع اتفاقية تعاون مع بشار الأسد، وقالت: لا تريد طهران توقيع الأسد فقط على هذا المقترح، بل توقيع ممثلين عن روسيا أيضاً.
وتطالب إيران بموجب هذا المقترح حلفاءها بضمان مساعدتها في الدفاع عن منشآتها الواقعة على الأراضي السورية، من الهجمات الأميركية والإسرائيلية.
وترغب في تشكيل تحالف دولي ضد إسرائيل مدعوم من سوريا وروسيا
وقالت الصحيفة الروسية، إن إيران ترغب في إقامة تحالف معاد لإسرائيل ومناهض للولايات المتحدة.
وفي حال رفضت كل من دمشق وموسكو ذلك، ستقوم طهران بسحب قوات الحرس الثوري والتشكيلات الموالية لها من الأراضي السورية، علماً أن القوات الموالية لإيران لن تشارك في العمليات العسكرية المقبلة، التي سيشنّها الجيش السوري في إدلب.
وإلا، فستبحث سحب الحرس الثوري من سوريا وهو ما سيكلف روسيا الكثير
وقالت الصحيفة الروسية، إنه على الرغم من أن عدم مشاركة الميليشيات الإيرانية في العمليات القادمة لا تعد كارثة حقيقية، إلا أنها ستكون لها عواقب وخيمة.
ففي ظل هذه الظروف، ستضطر روسيا للاعتماد حصراً على القوات البرية السورية، نظراً لافتقارها لخيارات أخرى، الأمر الذي يقلل من فرص نجاح العمليات المرتقبة.
وترى المستشرقة الروسية، كارين جيفورجيان، أن انسحاب القوات الإيرانية ورفض مشاركة الميليشيات الموالية لإيران من الأمور الممكنة.
كما تعتقد الخبيرة الروسية أن الجهات الإيرانية لن تدلي بتصريحات حادة في هذا الشأن، لكن هذه المسألة لن تغيب عن المحادثات، حيث يمكن إجراء مفاوضات سرية، وهو ما سيحجب العديد من التفاصيل.
وقد تفرض إيران من جانبها بعض الشروط الصارمة، بحسب جيفورجيان.
وقالت الخبيرة الروسية: بالإضافة إلى التهديد، تستطيع إيران فعلاً سحب قواتها من الأراضي السورية، نتيجة لعدة عوامل، وخاصة مشروع العقوبات الأميركي ضد كل من روسيا وإيران وتركيا.
وتعتقد جيفورجيان، أنه بحلول سبتمبر، ستشارك الولايات المتحدة بشكل نشط في حل الصراعات القائمة في جنوب القوقاز وآسيا الوسطى، الأمر الذي يدفع كلاً من روسيا وإيران إلى تعزيز وسائل ضمان الأمن القومي.
في الأثناء، يتوجب على طهران تكريس المزيد من الجهود لمراقبة حدودها، فضلاً عن مراقبة انعدام الاستقرار في البلدان المجاورة، لضمان عدم انتقال ذلك إلى أراضيها.
ويعتبر انسحاب الوحدات الإيرانية من الأراضي السورية من الأمور التي قد تتحقق.
لكن، لا تستطيع جميع الأطراف التخلي عن سوريا، وخاصة إيران التي أمضت سبع سنوات هناك للدفاع عن مصالحها وتعزيز مشاريعها.