هل أصبحت إيران أكثر تصميماً على وجودها في سوريا؟
التقارير من سوريا عن هجوم إسرائيلي آخر ليل السبت تشهد على أن الأعمال كالمعتاد. يبدو أن سلاح الجو يواصل مهاجمة أهداف في سوريا تتماثل مع تواجد إيران وحزب الله. هكذا كان، حسب التقارير، قبل شهر، حين أصيب ثلاثة سوريين في هجوم، هكذا أول أمس في الليل غرب دمشق، في منطقة الكيساوى، هوجمت قاعدة عدة مرات في الماضي ومعروفة كنقطة تخزين ونقل للصواريخ الإيرانية.
المعنى هو أن كل الأطراف في سوريا لم تغير نهجها واستراتيجيتها الأساسية. ربما بتقنين فقط. إسرائيل تهاجم في سوريا، وإن كان على ما يبدو بتواتر أدني مما في الماضي، وذلك في أعقاب احتجاج روسيا وطلبها بعد سقوط طائرة استطلاعاتها بصاروخ سوري أطلق بعد هجوم إسرائيلي.
تواصل إيران تثبيت تواجدها في سوريا، ولا ترتدع من هجمات سلاح الجو ضدها. وإذا كان ثمة تقليص في حجم نشاطها، فالأمر ينبع من مشاكل داخلية أكثر من أي شيء آخر. فالعقوبات القاسية التي فرضتها ـ وتواصل فرضها ـ الإدارة الأمريكية تمس المداخيل الإيرانية من النفط. والاقتصاد الإيراني يتدهور إلى أزمة اقتصادية. في مثل هذه الظروف، يفكر أصحاب القرار في إيران مرتين لكل ريال ينفقونه على مغامراتهم الخارجية ودعمهم لحزب الله والجهاد الإسلامي في غزة، وعلى تثبيت انتشارهم في سوريا.
كما أن نظام الأسد يواصل كالمعتاد. فقد اعتاد على هجمات إسرائيل في بلاده، وطالما مثل هذا الهجوم يقع، فإن وكالة الأنباء السورية والناطقين بلسان الشرطة يبلغون وينددون ويتباهون بأن الصواريخ التي أطلقت تم اعتراضها. يحتمل أن الأسد يريد أن يرى انسحاب القوات الإيرانية وحزب الله من الأراضي السورية، ولكن الدين الجسيم الذي يحمله لهما على ما سفكوه من دمائهما لإنقاذ نظامه (إلى جانب روسيا) وتواصل تعلقه بهما لا يسمح له بأن يطالب بذلك علناً وإجبارهم على مغادرة سوريا.
كما أن التوتر المتعاظم بين إيران والولايات المتحدة وشحذهما للسيوف يساهم بدوره في الوضع في سوريا. فالإنصات الإيراني معطى الآن أكثر لما يجري في الخليج الفارسي، وإسرائيل يمكنها أن تحاول استغلال ذلك لمواصلة جهودها لإبعاد إيران عن سوريا.
ولكن إذا لم تنشب حرب بين الولايات المتحدة وإيران، واحتمالات ذلك ضئيلة جداً، وترامب أوضح منذ الآن بأن وجهته ليست إلى هناك ـ فإن الوضع الراهن في سوريا سيستمر. لا إسرائيل ولا إيران ستتنازلان عن استراتيجيتيهما. إسرائيل ستواصل العمل ضد تواجد إيران وحزب الله طالما كانت لديها معلومات دقيقة عن نقل السلاح، في الجو أو البحر عبر العراق، لإقامة مخازن ومشاريع لإنتاج الصواريخ الدقيقة، وعندما تكون جدوى عملياتية. أما إيران، من جهتها، فلن تتنازل بسهولة عن رؤيا جسرها الشيعي للتواصل الإقليمي من أراضيها عبر العراق إلى سوريا وشواطئ البحر المتوسط في لبنان.