هل أجبر ترامب أطباءه على إخفاء حقيقة وضعه الصحي؟
كشفت شبكة NBC News الأمريكية، الخميس 8 أكتوبر 2020، أن الرئيس دونالد ترامب طلب من أفراد في مركز والتر ريد الطبي العسكري توقيع اتفاقات عدم إفصاح للمعلومات، قبل أن يتمكَّنوا من المشاركة في علاجه، وذلك بحسب أربعة أشخاص مطلعين على المسألة.
كانت الشفافية بشأن صحة ترامب مبعث قلق متزايد منذ أعلن البيت الأبيض الأسبوع الماضي إيجابية فحص الرئيس لفيروس كورونا، وبدا أنَّ الرئيس يُقيِّد بشدة المعلومات التي يُسمَح لأطبائه بإعلانها للعامة، وهو ما اتضح خلال إجابة الأطباء على أسئلة الصحفيين.
التزامات موقعة لعدم الإفصاح: مصادر الشبكة الأمريكية قالوا إنَّ ترامب طلب خلال زيارة مفاجئة لمستشفى والتر ريد، في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، اتفاقات عدم إفصاح مُوقَعة من الأطباء والعاملين غير الطبيين، ومعظمهم أفراد عاملون في الخدمة العسكرية.
كما قال اثنان من المصادر المطلعة إنَّه لم يُسمَح لطبيبين على الأقل في المستشفى رَفَضا التوقيع على اتفاقات عدم الإفصاح بأي مشاركة بعد ذلك في رعاية الرئيس، بينما لا يزال الغموض يكتنف سبب زيارته العام الماضي.
لا يعرف الأشخاص الأربعة المطلعون ما إن كان الرئيس طلب خلال آخر زياراته للمستشفى في عطلة الأسبوع الماضي نفس الاشتراط من أفراد طاقم المستشفى الذين لم يشاركوا من قبل في رعايته أم لا.
ماذا يقول القانون الأمريكي؟ إذ يحظر القانون الفيدرالي على أي شخص يُقدِّم خدمات طبية للرئيس -أو أي أمريكي آخر- تلقائياً الإفصاح عن المعلومات الصحية الشخصية للمريض دون موافقته. وهذه الحماية القانونية القائمة لكل المرضى بموجب “قانون قابلية التأمين الصحي والمساءلة” تثير تساؤلات بشأن السبب الذي قد يدفع ترامب للإصرار على توقيع طاقم مستشفى والتر ريد على اتفاقات عدم إفصاح.
قال جود دير، نائب المتحدث الصحفي للبيت الأبيض، في بيان: “أي طبيب يعتني بالرئيس ملزم بالسرية الطبية للمريض بموجب قانون قابلية التأمين الصحي والمساءلة، ولن أُعلِّق على إجراءات داخلية بخلاف ذلك”.
فضلاً عن ذلك، يتعين على كافة الأفراد المُعيَّنين في “الوحدة الطبية للبيت الأبيض”، والتي تعالج الرئيس ونائب الرئيس بصفة يومية، الحصول على تصريح أمني يُعرَف بـ”Yankee White”. وللحصول على هذا التصريح، يتعيَّن أن يكونوا مواطنين أمريكيين ويخضعوا لفحوصات خلفية مكثفة.
شكوك حول صحة الرئيس: كانت الشفافية بشأن صحة ترامب مبعث قلق متزايد منذ أعلن البيت الأبيض الأسبوع الماضي إيجابية فحص الرئيس لفيروس كورونا، وبدا أنَّ الرئيس يُقيِّد بشدة المعلومات التي يُسمَح لأطبائه بإعلانها للعامة.
إذ رفض د. شون كونلي، طبيب الرئيس، الإجابة عن أسئلة رئيسية، مثل متى كانت آخر مرة جاء فيها اختبار الرئيس سلبياً للفيروس، وما إن كان المرض سبَّب له التهاباً رئوياً.
فقال كونلي للصحفيين يوم الإثنين، 5 أكتوبر/تشرين الأول، عند سؤاله عما إذا كان الرئيس أُصِيب بأي التهاب رئوي أو التهابات في رئتيه: “أجرينا تصويراً روتينياً بالأشعة. ولستُ مطلق الحرية لمناقشة الأمر”.
يكتب كونلي تحديثات الحالة الصحية للرئيس ترامب مُتضمِّنةً الملاحظة “أصدرتُ المعلومات التالية بإذنٍ من الرئيس دونالد ترامب”.
ترامب اعتاد على ذلك حتى قبل الرئاسة: فيما يطلب ترامب بصورة روتينية من الموظفين في شركته، مؤسسة ترامب، توقيع اتفاقات عدم إفصاح. وواصل هذه العادة حين ترشَّح للرئاسة، بل وحتى مع بعض مسؤولي البيت الأبيض بعد توليه منصبه.
بينما قال آرثر كابلان، مدير الأخلاقيات الطبية بكلية غروسمان للطب التابعة لجامعة نيويورك: “من الناحية الأخلاقية والقانونية يمكنك طلب اتفاق عدم إفصاح. لكنَّك لا تحتاج إلى واحد، فالأطباء لا يمكنهم مشاركة المعلومات مع أي أحد باستثناء مَن يهتمون بالمريض أو أي شخص يتحمل تكاليف المريض. وفي النهاية الأمر منوط بالمريض لتقرير ما إن كان بإمكان الطبيب مشاركة المعلومات أم لا”.
كيف ظهر ترامب للإعلام؟ سعى ترامب منذ إعلان تشخيصه بفيروس كورونا في الأول من أكتوبر لإظهار صورة من القوة، من خلال الظهور علناً بصورة يجري تصميمها بعناية، وقد ينظر إلى أي معلومات مُناقِضة لهذا بشأن صحته باعتبارها تُقوِّض روايته.
بعد زيارة ترامب غير المجدولة لمستشفى والتر ريد، العام الماضي، قال البيت الأبيض إنَّه كان هناك لإتمام أجزاء من فحصه الطبي السنوي، والذي عادةً ما يجري في زيارة واحدة بعد السنة الجديدة.
كان فحْصَا ترامب الطبيَّيْن السنويين اللذين أجراهما من قبل قد أُعلِن عنهما سابقاً، وكان الطاقم الطبي في مستشفى والتر ريد يُخطَر على نطاق واسع بتوقع وصول زيارة رفيعة المستوى، لكن لم يحدث أيٌّ من تلك الخطوات قبيل زيارة ترامب العام الماضي.