هزّات ارتدادية تضرب بالو الأندونيسية بعد تسونامي مدمر
استمرت الهزات الارتداية القوية في جزيرة سولاوسي الأندونيسية بعدما ضربها زلزال قوي وأمواج عاتية (تسونامي)، الجمعة، راح ضحيتها أكثر من 400 قتيل و500 جريح.
ولا يزال العشرات في عداد المفقودين، يُعتقد بأن بعضهم محاصر تحت أنقاض المباني المنهارة في مدينة بالو.
وانتشرت جثث القتلى في شوارع المدينة، بينما يعالج المصابون في خيام بسبب الأضرار التي لحقت بالمستشفيات.
ولقي مراقب جوي في مطار بالو في زلزال مصرعه بعد بقائه في برج المراقبة وحده للتأكد من سلامة إقلاع إحدى الطائرات وقت وقوع الزلزال، الجمعة.
فيما لم يتضح حتى الآن حجم الخسائر البشرية والأضرار خارج المدينة.
وقضى الناجون في مدينة بالو ليل السبت مستلقين على أسرّتهم في الهواء، وحث المسؤولون السكان على عدم العودة إلى منازلهم كإجراء احترازي. وسويت بعض المنازل في المدينة بالأرض.
وتتعرض أندونيسيا باستمرار للزلازل لوجودها في منطقة “طوق النار”، وهي حزام من سلسلة من الزلازل المتواصلة والثورات البركانية التي تحيط بسواحل المحيط الهادي.
وفي عام 2004، ضربت أمواج عاتية في أعقاب زلزال شديد جزيرة سومطرة الأندونيسية، وقتلت 226 ألف شخص في أنحاء المحيط الهندي، من بينهم أكثر من 120 ألفا في أندونيسيا.
“لا نعرف مصيرهم”
ريبيكا هينشكي، بي بي سي نيوز، سولاوسي
أثناء سفرنا إلى المنطقة المنكوبة التي ضربها الزلزال والأمواج العاتية، قابلنا في طريقنا من يبحثون باستماتة عن ذويهم المفقودين.
وقال لي رجل في الطريق: “أعلم أنني فقدت ثلاثة من أفراد العائلة… منهم اثنان من المسنين والثالث أب لا يزال شابا”.
ولا يزال آخرون من أفراد عائلته في عداد المفقودين. ويمضي قائلا لي: “لا نعرف مصيرهم”.
وكانت صور الدمار في مدينة بالو مألوفة بشكل مخيف لدى عدد كبير من الأندونيسيين. فهي تغيد للأذهان ذكرى أمواج المد العاتية (تسونامي) التي ضربت إقليم آتشيه عام 2004.
لماذا قتل عدد كبير الجمعة؟
وقع زلزال شديد بلغت قوته 7.5 بمقياس ريختر على مسافة قصيرة بلغت 10 كيلومترات قبالة سواحل جزيرة سولاوسي في الساعة 18:03 (10:03 بتوقيت غرينتش)، بحسب المراقبين الأمريكيين.
وأطلقت السلطات تحذيرا بوقوع تسونامي، لكن التحذير ألغي بعد وقت قصير.
وواجهت وكالة الأرصاد الجوية الإندونيسية انتقادات شديدة بسبب تعاملها مع الحادث، لكن مسؤولين يقولون إن الأمواج العاتية ضربت الجزيرة أثناء سريان التحذير.
وكان كثيرون، من بينهم عدد من الراقصين، لا يزالون منشغلين على شاطئ بالو، التي يبلغ عدد سكانها 335 ألف نسمة، استعدادا لأحد المهرجانات، لكنهم علقوا عندما اجتاحت الأمواج التي بلغ ارتفاعها ثلاثة أمتار الساحل.
وأظهر فيديو نشر على مواقع التواصل الاجتماعي أشخاصا يصرخون ويفرون من الهلع.
وقال سوتوبو وغروهو، متحدث باسم وكالة الكوارث الأندونيسية، لوكالة رويترز: “تسونامي… جرف السيارات والأشجار والمنازل… لقد جرفت كل شيء على الأرض”.
وأضاف أن بعض السكان نجا من الأمواج عبر تسلق الأشجار التي بلغ ارتفاع بعضها ستة أمتار.
وإضافة إلى تدمير المنازل، دمر الزلزال مركز تسوق ومسجدا وفندقا وجسرا.
وما زالت التقارير ترد عن آثار الكارثة الطبيعية على المناطق المنكوبة، لا سيما الشريط الساحلي بداية من بالو والمناطق القريبة منها حتى مركز الزلزال، بما في ذلك بلدة دونغالا الصغيرة، حيث أبلغ عن حالة وفاة واحدة على الأقل، وأصيب 10 أشخاص.
ماذا يقول الناجون عن محنتهم؟
قال أنصار بشميد لوكالة الأنباء الفرنسية: “عندما وقع الزلزال فزعنا جميعا، وهربنا خارج المنزل… الناس هنا في حاجة إلى المساعدة، الغذاء والشراب والمياه النظيفة. لا نعلم ما الذي ستناوله في العشاء الليلة”.
وقال روسيدانتو، وهو أحد سكان مدينة بالو: “عندما رأيت الأمواج تضرب المنازل على الشريط الساحلي، لم أفعل شيئا سوى الهرب.”
وكان داوي هاريس، الذي كان في المدينة لحضور حفل زفاف، يقيم في أحد الفنادق مع زوجته وابنته عندما وقع الزلزال.
وتنقل السلطات الأندونيسية المساعدات من العاصمة، جاكراتا، إلى مطار بالو باستخدام مدرج للطائرات لم يتضرر من الزلزال.
كما نقل بعض المصابين والمتضررين من الزلزال وأجلوا على متن طائرة نقل عسكرية.
ويتلقى المرضى الرعاية الصحية في العراء أمام مستشفيات المدينة، وجرى إنشاء مستشفى ميداني عسكري واحد في المنطقة.
وخارج أحد المستشفيات، وضعت الجثث في حقائب على الأرض للسماح للأقارب تحديد هوياتها.
وطلب الرئيس الإقليمي لاتحاد الأطباء الإندونيسيين، كومانغ، من السلطات إرسال مساعدات فورية.
وأضاف: “نحن بحاجة إلى خيام وأدوية وأطقم طبية وأغطية بلاستيكية وبطاطين وغيرها”.
وتواجه جهود الإغاثة صعوبات كبيرة بسبب انقطاع التيار الكهربائي والأضرار التي لحقت بالطرق والبنى التحتية.
وأرسلت منظمة “أنقذوا الطفولة”، ومقرها بريطانيا، فريق تقييم إلى المنطقة المنكوبة.
وقال توم هاولز، المتحدث باسم المنظمة، لبي بي سي من جاكرتا، إنه “للأسف، كلما حصلنا على معلومات أكثر، ظهر أمامنا حجم الكارثة”.
ماذا حدث في المطار؟
تقول هيئة الإذاعة الأسترالية (إيه بي سي) إن أنطونيو غوناوان أغونغ، 21 عاما، كان الشخص الوحيد التي كان في برج المراقبة بالمطار بعد وقوع الزلزال.
وتضيف أن جميع الموظفين في البرج قد هربوا خوفا على حياتهم عندما بدأ برج المراقبة في الاهتزاز عدا أغونغ الذي قرر البقاء للتأكد من أن طائرة تابعة لشركة الباتيك للطيران ورحلتها 6321، التي كانت على المدرج، قد أقلعت بسلام.
ثم قفز من الطابق الرابع من البرج خوفا من أن ينهار عليه، لكنه أصيب بجروح مميتة.
وقال يوهانيس سيرايت، المتحدث باسم هيئة الملاحة الجوية في أندونيسيا، إن أغونغ كان على الأرجح السبب في إنقاذ مئات الأشخاص على متن الطائرة، لكنه فقد حياته مقابل هذا.
ونعى الموظفون في المطار أغونغ على تويتر، وتبادلوا صوره وصور تشييع جنازته في مراسم شرفية.
وعلى صعيد آخر، هرب أكثر من نصف السجناء في سجن بالو بعدما انهارت جدرانه.
وقال مسؤول السجن: “من الصعب للغاية على الحراس منع السجناء من الهرب لأنهم كانوا في حالة فزع شديدة”.
ويعتبر أكثر من نصف البراكين النشطة في العالم فوق سطح البحر جزءا من منطقة طوق النار.
وفي الشهر الماضي فقط، ضربت سلسلة من الزلازل المميتة جزيرة لومبوك الأندونيسية، خلف أقواها، الذي وقع في 5 أغسطس/آب، أكثر من 460 قتيلا.