هآرتس: هكذا أقنع الخليفة عمر بن الخطاب 70 عائلة يهودية بالعودة إلى القدس
سُجل في الأسبوع الماضي رقم قياسي جديد لتملق أوروبا، الذي يشكل قعراً جديداً في البؤس الأخلاقي، عندما صادق البرلمان الفرنسي على قانون ينص على أن مناهضة الصهيونية شكل من أشكال اللاسامية. بالذات هذه القارة المغلفة بشعارات الحرية والمساواة والأخوة، ولكن خلافاً للشرق الذي وصف من قبلها بأوصاف وحشية، ونكلت باليهود على مدى أجيال، جاءت لتعلمنا قيم الأخلاق، وفقا لصحيفة “هآرتس” العبرية.
في القرن السابع، أقنع الخليفة الثاني عمر بن الخطاب –حسب كتاب سايمون صباغ مونتفيوري “القدس: السيرة الذاتية”– 70 عائلة يهودية في طبرية بالعودة إلى القدس التي تقع تحت حكم المسلمين. وفي القرن العشرين بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، أدارت أوروبا ظهرها للاجئين يهود كثيرين. ومن أجل شرح التوازن –مرة أخرى حسب مونتفيوري الذي يقتبس الراهب الأرمني سباوس– نذكر بأن “الحاكم الأول للقدس العربية كان يهودياً”. وليس هذا فقط؛ فبعد فظائع اوشفيتس والإبادة رفضت القارة الخائنة دفع ثمن جرائمها ضد اليهود، كما قال الكاتب المتوفى عاموس كينان، “الدين الذي للعالم الحر تجاه اليهود ألقاه بسهولة على كاهل العرب”. هكذا، معظم الشعب الفلسطيني تم طرده من وطنه إلى الدول العربية، وحتى الآن، 70 سنة بعد ذلك، ما زالوا يعيشون في مخيمات اللاجئين في ظروف صعبة جداً.
دولة إسرائيل تحولت إلى جزء من أوروبا المتملقة في جميع المجالات: الاقتصاد والغناء والرياضة. وفي سلوكها السياسي أيضاً هي جزء من القارة البيضاء. فمن جهة يلوحون بقيم إنسانية تصل عنان السماء، ومن جهة أخرى ينزلون الكوارث على شعوب الشرق. انظروا إلى قيمة الجزائر لدى فرنسا وقيمة النكبة لدى إسرائيل. الآن تأتي القارة البيضاء مع حمولة من الأخلاق النتنة، وتطلب بوقاحة من الفلسطينيين، ضحايا ضحيتها، الصمت على المظالم التي حلت بهم كجزء من الممارسة الصهيونية: الطرد والهدم والتمييز. الشاعر العراقي مظفر النواب، صرخ في مناسبة مشابهة: “كيف تصمت مغتصبة؟”. أجل، لنراكم، يا أعضاء البرلمان الفرنسي، وأنتم مطرودون من بيوتكم ومطلوب منكم شكر من طردوكم.
من المهم أن نذكر الفرنسيين بأن اختبار من يحارب اللاسامية ليس بالتملق لحكومة دولة تمتلك القوة العسكرية الخامسة في العالم ولديها علاقات محبة عاصفة مع رؤساء حكومات يجسدون الديكتاتورية واللاسامية والعنصرية، مثل اوربان ودوترتا وبولسنارو وغيرهم. الاختبار للنضال ضد اللاسامية هو بتغيير الواقع الذي ما زال فيه اليهود يعيشون في أنظمة تحرض ضدهم. هذا هو اختباركم: الوقوف أمام موجة اللاسامية في الولايات المتحدة، التي ازدادت بشكل بارز منذ انتخاب دونالد ترامب، الصديق المطلق لحكومة بنيامين نتنياهو.
والأكثر من ذلك هو أن من ينقش على رايته محاربة اللاسامية دون ربطها بالعنصرية ضد جماعات عرقية ودينية أخرى، مثل المسلمين والمكسيكيين والسود، هو عميل للاساميين الحقيقيين، الذين خبزهم اليومي هو التحريض والفصل.
في النهاية، نشير إلى أن قرار فرنسا يعزز الإسرائيليين الذين يرفضون تشكيل حكومة مع العرب. ولكن إليكم هذا التناقض: العرب لا يمكنهم معارضة الصهيونية التي أوقعت عليهم الكوارث. وفي المقابل، يعتبر اليهود في إسرائيل أنفسهم بأغلبيتهم صهاينة،كل واحد وصهيونيته، فالبعض مع صهيونية أرض إسرائيل الكاملة، والبعض الآخر مع دولتين لشعبين. مع ذلك، من هذه الأدغال نمت في السنوات الأخيرة أشجار يانعة من التعاون بين اليهود والعرب، على قاعدة مبادئ عالمية ودون النبش في خيوط المتدينين، من هو صهيوني ومن هو غير صهيوني. هذا الأمر يقض مضاجع المتطرفين في إسرائيل.
في هذه الأثناء جاءت المساعدة من اليمين الفرنسي. “الطيور على أشكالها تقع”، كما يقول المثل العربي. مبروك عليكم، أيها الفرنسيون الأعزاء، أحبابكم العنصريون الجدد.