هآرتس: نتنياهو يقدم للجمهور الإسرائيلي ما يريد سماعه
نتنياهو يحب نثر الوعود، ووعوده تلك لا تنفّذ بالضرورة، لكننا نعرف من خلالها مواقف الجمهور. يعرف نتنياهو كيف يشخص المزاج العام وما الذي يهم الإسرائيليين، ووفقاً لذلك يقدم وعوده. الهدف الذي يقف من وراء وعوده هو هدف واحد ووحيد: أن يقدم للجمهور ما يريد سماعه.
قبل انتخابات 1996 ادعى نتنياهو بأنه إذا انتخب سيحترم اتفاقات أوسلو. لقد شخص في تلك الفترة جزءاً كبيراً من الجمهور ما زال يؤمن بوهم “الشرق الأوسط الجديد” الذي سوق له مع التوقيع على اتفاقات أوسلو، وأراد جذب الأصوات التي أيدت الاتفاقات، وفقا لصحيفة “هآرتس” العبرية.
في عام 2009، ألقى نتنياهو خطاب “بار ايلان” الذي اعترف في إطاره بإمكانية قيام دولة فلسطينية إلى جانب الدولة اليهودية. وهنا تلاءم وعده مع الرياح التي هبت في أوساط الجمهور الإسرائيلي. في تلك الأيام التي تبدو الآن بعيدة جداً، الأغلبية الساحقة في إسرائيل أيدت إقامة دولة فلسطينية. تصريح نتنياهو استهدف بالأساس أذان براك أوباما، لكن لم تكن لتسمع لولا اعتقاده بوجود أغلبية في إسرائيل تؤيد إقامة دولة فلسطينية.
في عام 2013، قبل يومين على موعد الانتخابات، عقد نتنياهو مؤتمراً صحافياً وعد فيه بإعطاء تصريح مهم. أعلن أنه اتفق مع وزير الاتصالات موشيه كحلون على تعيين في منصب رئيس مجلس إدارة اراضي إسرائيل بعد الانتخابات. أجريت الانتخابات بعد ذلك، ويجب التذكير، بعد الاحتجاج الاجتماعي وبعد الإصلاح الذي قام به كحلون في سوق الهواتف المحمولة وكان أدى إلى انخفاض شديد في أسعار الهواتف المحمولة وارتفاع شديد لا يقل عن ذلك في شعبية كحلون… وعد نتنياهو بصورة غير مفاجئة، لكن الوعد لم ينفذ. هنا تم التعبير عن النموذج المعروف، وإعطاء تصريح دراماتيكي تملق مشاعر الجمهور الإسرائيلي في تلك الفترة.
عودة إلى الوقت الحالي. الآن، قبل أسبوع على موعد الانتخابات، يعد نتنياهو بفرض سيادة إسرائيل على الغور. ومن استمع بشكل جيد، سمع نتنياهو وهو يقول بأنه يجب فرض السيادة الإسرائيلية ليس على الغور وحسب، بل أيضاً “على بلداتنا في يهودا والسامرة، وعلى مناطق أخرى لها أهمية لأمننا وتراثنا ومستقبلنا”.
إن وعد نتنياهو ليس مهماً، فثمة شك كبير في تنفيذه بعد الانتخابات. الأهمية الموجودة فيه تكمن في الجمهور الذي توجه إليه. إذا كان المجتمع الإسرائيلي قبل عقد قد أراد أن تعترف القيادة بدولة فلسطينية، ها هو الدولاب ينقلب اليوم: الجمهور في إسرائيل القسم الأكبر منه، فهم أخيراً أنه علينا الاهتمام بأنفسنا قبل الاهتمام بأعدائنا، وأن الطريق إلى حل حقيقي تبدأ بترسيم حدود دولتنا، وتعزيزها وتحصينها، وأنه حان الوقت لتعزيز نظام الحكم في أرض إسرائيل وفرض السيادة الإسرائيلية أخيراً على البلدات في يهودا والسامرة.
في الثمانينيات سنت حكومة الليكود قانونين مهمين يتعلقان بالسيادة الإسرائيلية: في 1980 سُن قانون الأساس: القدس عاصمة إسرائيل، الذي تحدد في إطاره بأن “القدس الكاملة والموحدة هي عاصمة إسرائيل”. وفي عام 1981 جرى سن قانون هضبة الجولان، الذي نص على “القانون ونظام الدولة يسريان على أراضي هضبة الجولان”. أقوال نتنياهو ودعم الجمهور له تثبت أن الوقت عام 2019 نضج للخطوة الاستكمالية، سن قانون يهودا والسامرة، الذي يفرض السيادة الإسرائيلية أيضاً على هذه المنطقة.