هآرتس: الفلسطينيين لن يغفروا في أي يوم لإسرائيل أنها تجبرهم على حب إيران
بإعادة صياغة لمقولة جولدا مئير المشهورة، يمكن القول إن “الفلسطينيين لن يغفروا في أي يوم لإسرائيل أنها تجبرهم على حب إيران”. حيث تسيطر في إيران ديكتاتورية ظلامية تقمع شعبها وتعزله عن العالم، وتحت شعارات مناهضة لأمريكا وإسرائيل تحاول السيطرة على المنطقة، ومن أجل ذلك هي مستعدة لتأييد أنظمة دموية في المنطقة.
مع ذلك، الفلسطينيون هم إلى جانب إيران، لأنه وفي بحر الفشل العربي والعالمي إزاء المعاملة الوحشية لإسرائيل تجاه شعوبهم، تبدو إيران هي المتحدية الوحيدة لها. بعد ذلك، تندهش إسرائيل من كره الفلسطينيين لدولة اليهود ويسارعون إلى التشبث بهذه التعويذة البالية التي تسمى “اللاسامية”، وفقا لصحيفة “هآرتس” العبرية.
اذهب واشرح لعائلة معتقل إداري فلسطيني نخرت عظام ابنها في السجن الإسرائيلي دون محاكمة، بأن إيران لا تحترم حقوق الإنسان. اذهب وتحدث مع أحد الرعاة الفلسطينيين الذي يهاجم المستوطنون قطيعه، أن نظام إيران يقمع حرية التعبير. اذهب واهمس في أذن فلسطيني من سكان مناطق “ج”، الذي يصارع ضد التطهير العرقي الزاحف، بأن يتظاهر من أجل حقوق النساء في إيران.
إسهام إسرائيل خلال السنين في هذه التوجهات غير الديمقراطية في أوساط الشعوب العربية هو وصمة أخلاقية، حيث إن الرجعية العربية على أشكالها المتعصبة دينياً، القومية والاجتماعية، استغلت حتى القمع الإسرائيلي من أجل صرف الأنظار عما تفعله ضد شعوبها.
أتذكر شمعون بيرس المتوفى وهو يشرح في عرض متعجرف له عبر التلفزيون بأن الاحتلال الإسرائيلي يختلف عن أي احتلال آخر عرفته المنطقة، بفضل الديمقراطية التي يجلبها لمن يحتلونهم. لا يوجد تشويه أكبر من هذا للواقع، حيث زرعت تحت أجنحة الاحتلال الإسرائيلي وما زالت تزرع بذور التطرف في كل المجالات. إسرائيل هي التي خلقت اسم سيئاً للديمقراطية كمحتلة ومهجّرة ومحاصرة.
إسرائيل لم تجلب أي نور لشعوب المنطقة، إلا إذا اعتبر الاعتقال الإداري، أو القناصة الذين يقتلون عن بعد مئات الأمتار نوراً. وفي كل مرة كان فيها احتمال للتغيير في إحدى الدول واستبدال ديكتاتورية بقوى ديمقراطية، حاولت إسرائيل منع ذلك من خلال تأييد الديكتاتوريين. وعندما حدثت الثورة رغم ذلك، كان الثوار أقل ديمقراطية وأقل تسامحاً حتى مع أبناء شعبهم، واشتبهوا في كل ديمقراطية غربية، بالأساس لأن إسرائيل “صديقة الديمقراطيين” وضعت نفسها كوكيلة للديمقراطية الغربية في الشرق الأوسط أو حسب تعبير كثيرين هنا “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط”.
اليوم، بدلاً من أن تتعلم الزعامة الإسرائيلية الدرس من فشل مشروع حياة بنيامين نتنياهو، وإلغاء الاتفاق النووي ورد فعل إيران (التي خرقت الاتفاق، الذي تم خرقه في السابق بسبب نضال نتنياهو وانسحاب ترامب من كل هذه الصفقة التي تسبب وجع الرأس له)، وبدلاً من أن يقول معارضو نتنياهو ومن يؤيدونه أي كلمة إزاء هذا التحطم.. يسود هناك صمت وكأنه لم يتم تبديد عشرين سنة تقريباً على التحريض والتخويف.. وكأنه لم يتم تبذير أموال ضخمة.. وكأنه لم يتم تفويت فرص ثمينة للذهاب في مسار آخر، مسار الحوار مع شعوب المنطقة، حتى مع الشعب الإيراني الذي ساهم فيه أشخاص كثيرون بدورهم في ترسيخ الاتفاق النووي الذي شكل انتصاراً للمعتدلين في إيران وهزيمة للخط المتشدد هناك.
في هذه الأثناء، بالضبط نتنياهو، الذي سجل هذا الفشل الذريع على اسمه، يستغل الوضع ويستعد للمرحلة “ب”، عشرين سنة أخرى من حرب باردة في الشرق الأوسط. ولكن بغياب القديس أوباما، مع 38 مليار دولار، في هذه المرة. الآن، في فترة جفاف ترامب، فإن طلب نتنياهو لـ 12.5 مليون دولار لتسليح قوات الأمن الفلسطينية، رفض. حيث قال “يجب على إسرائيل أن تدفع”. يبدو أن ترامب وحده هو الذي يمكنه إعادة إسرائيل إلى واقع الشرق الأوسط.