هآرتس: إسرائيل تضخ الغاز من حقل “لفيتان” إلى مصر والأردن
بعد مرور تسع سنوات على اكتشاف حقل الغاز الطبيعي “لفيتان” على شواطئ إسرائيل، يتوقع البدء بضخ الغاز إلى الزبائن في الأيام القريبة القادمة. يدور الحديث عن بشرى مزدوجة. أولاً، سيوفر هذا الحقل الأمان المطلوب للسوق، بعد أن كان في السنوات الأخيرة معتمداً على مزود واحد هو حقل “تمار”، وعلى الأنبوب الوحيد الذي ضخ الغاز إلى الشاطئ. من الآن سيكون للاقتصاد حقلان وأنبوبان للغاز منفصلين. ومن بداية 2021 سيضاف أيضاً حقل “كريش” مع أنبوب ثالث. البشرى الثانية هي أن الأمر يتعلق بالخزان الأكبر الذي اكتشف في المياه الاقتصادية لإسرائيل، واعتبر احتياطياً استراتيجياً لتوفير الغاز للسوق.
خزان لفيتان اكتشف في 2010، لكن عملية أعمال التطوير بدأت في العام 2017. نبع التأخير من ثلاثة أسباب: تركيز أصحاب الحقل الأساسيين، ديلك ونوبل اينرجي، على تطوير حقل تمار الذي اكتشف قبل ذلك؛ وظروف اقتصادية غير مريحة في أعقاب انخفاض حاد على أسعار الغاز في العالم وعدم الوضوح التنظيمي فيما يتعلق بقوانين سوق الغاز في إسرائيل وتشكيلة المالكين للحقل، وفقا لصحيفة “هآرتس” العبرية.
يشمل الحقل احتياطي غاز ثابت يقدر بـ 540 مليار متر مكعب، واحتياطي غاز مقدر يصل إلى 605 مليار متر مكعب. في المرحلة الأولى سيضخ الحقل 12 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي في السنة. ومن أجل المقارنة، فإن حقل تمار الذي ترتكز عليه السوق الآن يشمل احتياطياً ثابتاً يقدر بـ 280 مليار متر مكعب، ويوفر للسوق حوالي 10 مليارات متر مكعب في السنة. وقع أصحاب الحقل على اتفاقات لتزويد حوالي 40 مليار متر مكعب للسوق الإسرائيلية. الحديث يدور عن بيع سنوي بحوالي 9.5 مليار متر مكعب، وهذا لا يشمل التصدير لمصر والأردن، الذي يضيف التزاماً بشراء حوالي 100 مليار متر مكعب بالإجمال.
قدرة محطة الضخ اليوم هي 12 مليار متر مكعب سنوياً، وبتكلفة إضافية تبلغ مليار دولار يمكن إضافة منشآت ستزيد قدرة الإنتاج إلى 21 مليار متر مكعب في السنة، لكن هذه المرحلة بقيت على الورق حتى الآن. الاستثمار في تطوير المرحلة الأولى في الحقل تتلخص بحوالي 13 مليار شيكل، والبدء في مشروع تطوير الحقل تحقق بعد المصادقة على خطة المصالحة الحكومية مع محتكر الغاز “خطة الغاز”. في إطار هذه الخطة تنازلت الدولة عن إخراج نوبل اينرجي وديلك من ملكية الحقل، رغم أن ذلك يرتبط كما يبدو بخرق قوانين المنافسة، وهذا مقابل أن يبيعوا حقول كريش وتنين. إضافة إلى ذلك، وافقت الدولة على ألا تفرض رقابة على أسعار الغاز في السوق، وهو تعهد مكن من تمويل تطوير لفيتان. معنى ذلك أن الدولة نجحت في ضمان تطوير الحقل، لكن بثمن المس بالمنافسة وتكلفة الطاقة في السوق.
حقل لفيتان تمتلكه ديلك (45.33 في المئة)، ونوبل اينرجي (39.67 في المئة)، وريتشيو للتنقيب عن النفط (15 في المئة). وهو يقع على عمق 1.7 كم في أعماق البحر، و120 كم غربي حيفا، ومربوط بالشاطئ بواسطة أنبوب طوله 130 كم. الأنبوب ينقل الغاز إلى طوافة المعالجة التي تبعد عن الشاطئ 10 كم، مقابل زخرون يعقوب. طوافة المعالجة تشكل في السنوات الأخيرة هدفاً لاحتجاج السكان المعنيين بأبعادها إلى داخل البحر.
تحتاج السوق اليوم إلى 11 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي في السنة، التي تستخدم بالأساس لتشغيل محطات الطاقة، والقليل منه يصل إلى المصانع. في السنوات القريبة المقبلة يتوقع إقامة محطات صغيرة لتوليد الكهرباء في المصانع والمدن، إضافة إلى محطات توليد الكهرباء الكبيرة التي ستزيد استهلاك الغاز الطبيعي. هذا في موازاة تحويل عدد من وحدات إنتاج الكهرباء بالفحم القائمة الآن لتستخدم الغاز الطبيعي.
تأجيل دفع ضريبة شيشنسكي
زبائن لفيتان الرئيسيون الذين سيستفيدون من البدء بضخ الغاز: شركة الكهرباء الإسرائيلية وشركة الكهرباء الأردنية وشركة دولفينوس المصرية. اتفاقات أخرى وقعت بين الحقل وشركات اديلتك وآي.بي.ام وكيل وبنيتسيا وباز وطل منيع. في حين أن شركة الكهرباء تدفع مقابل الغاز من حقل تمار 6.3 دولار للوحدة الحرارية. وحسب التقديرات في سوق الطاقة، فإن صفقات لفيتان وقعت حول 4.8 دولار للوحدة. وبسبب الملكية المتشابكة بين تمار ولفيتان فإن الذي سيخلق المنافسة الحقيقية في السوق ستكون انيرجيان التي تمتلك حقلي كريش وتنين. حسب التقديرات في هذا الفرع فإن انيرجيان توقع على صفقات تزويد بتخفيض يبلغ 10 في المئة وأكثر عن تعرفة لفيتان.
حقل لفيتان يضمن مصدراً آخر للغاز، لكنه لا يضمن منافسة حقيقية في سوق الغاز، وهو بملكية احتكار الغاز الذي يشمل ديلك ونوبل، اللتين تمتلكان حقل تمار أيضاً. ديلك التي يسيطر عليها إسحق تشوفا يمكن أن تبيع أسهمها في تمار حتى نهاية العام 2021 من أجل تقليل المس بالمنافسة. ولكن نوبل ستواصل ملكيتها في تمار ولفيتان.
دليل آخر على عدم المنافسة بين الحقول يتمثل في “العطاء غير الرسمي لشركة الكهرباء من بداية 2019 لشراء 3.5 – 4 مليار متر مكعب من الغاز، بدءاً من اكتوبر 2019 وحتى نهاية العام 2021، الموعد المخطط له لبداية إنتاج الغاز من حقل كريش وحقل تنين. ستوفر الكمية حوالي نصف الغاز المتوقع لشركة الكهرباء للعام 2020 على الأقل. حقلا تمار ولفيتان قدما عروض أسعار مشابهة، 4.79 دولار للوحدة الحرارية، التي تعادل 600 – 700 مليون دولار للصفقة. واختارت شركة الكهرباء لفيتان كمزود وحيد لتنويع مصادر غازها، الذي يرتكز على حقل تمار.
غياب المنافسة وجد تعبيره الواضح في أقوال محامي احتكار الغاز، تسفي اغمون، الذي استدعي إلى نقاش قانوني حول نتائج العطاء بناء على طلب الشركاء في حقل تمار الذين تضرروا منه. وحسب أقوال اغمون، لا يمكن أن تكون هناك منافسة حقيقية بين حقول الغاز، على الأقل إلى أن تبيع ديلك نصيبها في تمار. “تمتلك ديلك ونوبل اليوم 85 في المئة من حقل لفيتان، وتحتفظان بـ 50 في المئة من حقل تمار. من يتوقع أنني سأتنافس مع نفسي على غازي؟ شركة الكهرباء؟ العالم؟”، قال اغمون.
مؤخراً، تبين أنه من المفيد لاحتكار الغاز تحويل جزء من مشتريات شركة الكهرباء للفيتان. بهذا نجح الاحتكار في تأجيل دفع حقل تمار لضريبة شيشنسكي (60 في المئة من الأرباح) لصندوق الثراء. يمكن لحقل تمار البدء في دفع الضريبة بعد أن يراكم أرباحاً بمبلغ 8 مليارات دولار. وسيبدأ حقل لفيتان بدفع الضريبة بعد أن يعيد لنفسه 150 في المئة من تكلفة تطوير الحقل.
خطط التصدير تمر من سيناء
في سوق الغاز الطبيعي يقدرون بأن تصديراً ناجحاً للغاز من لفيتان إلى مصر والأردن والذي يمكن أن يبدأ في 1يناير 2020، سيؤثر على كل نظام التنقيب عن الغاز في المستقبل في المياه الاقتصادية لإسرائيل، التي تعاني من ضمور في أعقاب استنفاد أسواق بيع جذابة للغاز في البلاد والعالم. إضافة إلى ذلك، ثمة تخوفات في موضوع التصدير لمصر على خلفية تمركز داعش في سيناء، حيث يمر أنبوب الغاز.
إن الأضرار بالأنبوب لن يؤثر مباشرة على سوق الطاقة في إسرائيل، بل على صفقة لفيتان مع دولفينوس المصرية. ورغم المخاوف، فإن مصادر مقربة من الاستخبارات الإسرائيلية تعتقد أن الجيش المصري في هذه المرحلة وبمساعدة استخبارية إسرائيلية، يمكنه الدفاع عن الأنبوب البري