نيويورك تايمز: هل ستردع الهجمات الإلكترونية إيران عن استهداف ناقلات النفط في الخليج؟
سمحت الولايات المتحدة بهجمات إلكترونية على أهداف إيرانية، في نفس اليوم الذي ألغى فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضربات عسكرية انتقاما لإسقاط الحرس الثوري الإيراني طائرة دون طيار الأسبوع الماضي متعللا بأنه يريد تجنب خسائر مدنية.
وفي الوقت الذي ألغى فيه العملية العسكرية، صادق على عملية للقيادة المركزية الإلكترونية، لأنها استخدمت نفس الأهداف السرية التي تعتمد عليها إيران.
وفي تقرير أعده كل من جوليان بارنز وتوماس جيبسون- نيف، في صحيفة “نيويورك تايمز” وكشفا أن القيادة المركزية الإلكترونية الأمريكية شنت يوم الخميس عددا من الهجمات ضد جماعة أمنية إيرانية يعتقد أنها أسهمت في التخطيط للهجوم ضد ناقلات النفط في الأسابيع الماضية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين مطلعين على العملية أن الهجوم الإلكتروني يتم الإعداد له منذ أسابيع وكان ردا مباشرا على الهجمات التي شنت على ناقلات نفط بمنطقة الخليج واتهمت الولايات المتحدة إيران بالوقوف وراءه.
ووضعت الولايات المتحدة وإيران أمام مواجهة عسكرية محتملة بعد إسقاط طائرة مسيرة أمريكية قالت طهران إنها اخترقت مجالها الجوي، فيما أكدت القيادة المركزية الأمريكية بالشرق الأوسط أنها كانت تحلق في فوق المياه الدولية.
وبحسب أشخاص عارفين، فقد تم استهداف عدد من أنظمة الكمبيوتر تستخدمها الجماعة الإستخباراتية الإيرانية التي خططت للهجمات على ناقلات النفط. وقال شخص آخر إنه تم استهداف نظام كمبيوتر له علاقة بتطوير الصواريخ الباليستية التي تقوم بالتحكم في إطلاقها.
وتعلق الصحيفة أن التأكد من فعالية الهجمات الإلكترونية أمر صعب، إلا أن فعاليتها يتم فهمها من خلال محاولة إيران إطلاق صواريخ وفشلت. وكشف موقع “ياهو نيوز” يوم الجمعة عن هجمات إلكترونية دون تقديم تفاصيل، إلا أن العملية قصد منها حجب عمل المجموعة الإستخباراتية وتعطيله لمدة من الوقت بنفس الطريقة التي عطلت فيها الوكالة الروسية لأبحاث الإنترنت في نوفمبر 2018 وذلك في فترة الإنتخابات النصفية.
ويوم السبت، أصدر كريستوفر سي كيرب، مدير وكالة الأمن الإلكتروني والبنى الأمنية، تحذيرا من هجمات إيرانية محتومة ضد الصناعات والمؤسسات الحكومية الأمريكية، وقال: “سنواصل العمل مع مجتمعنا الأمني وشركائنا في المجال الإلكتروني لمراقبة نشاطات إيران الالكترونية والتشارك في المعلومات واتخاذ الخطوات اللازمة لحماية أمريكا وحلفائنا”.
وقال كيرب إن الهجمات الإيرانية لا تقوم بسرقة معلومات أو أموال، بل تحاول حذف شبكات بأكملها. وبعيدا عن العملية على الإنترنت، تقوم المخابرات والجيش الأمريكي بالتخطيط لعمليات أخرى لا تؤدي في النهاية لتصعيد التوتر مع إيران، ولكنها تعمل على ردع أي عدوان إيراني وتدفع طهران إلى التوقف أو تخفف من حرب الظل التي تقوم بها.
وتقول الصحيفة إن إسقاط الطائرة الأمريكية المسيرة يوم الخميس، أكد على العلاقات المتوترة بين البلدين، خاصة بعد الاتهامات التي وجهها ترامب لإيران، وأنها هي السبب وراء إسقاط الطائرة الأمريكية.
وتضيف الصحيفة، أن قرار ترامب وقف العملية رغم تحليق الطائرات في الجو في طريقها لتنفيذ المهمة والسفن الحربية في مواقعها، ربما أعطى إيران فرصة لخفض التصعيد، ولكنها إن حاولت استهداف ناقلات نفط وإطلاق صواريخ فستجد الولايات المتحدة نفسها تحت ضغوط للرد وردع الجمهورية الإسلامية حسبما قال مسؤولون حاليون وسابقون.
وقالت الصحيفة إن بريطانيا وفرنسا حاولتا التواصل مع طهران لنزع فتيل المواجهة، وحثها على ضبط النفس.
وبدأت المواجهة مع طهران منذ مايو 2018، عندما أعلن الرئيس ترامب عن خروجه من الاتفاقية النووية الموقعة عام 2015 وأعاد فرض العقوبات عليها، كما فرض عقوبات أخرى كان آخرها محاولة خنق تصدير النفط الإيراني ووقفه أبدا، وتصنيف الخارجية الأمريكية الحرس الثوري ككيان إرهابي.
ويقول مسؤولون أمريكيون إن إيران ستتوقف عن هجماتها ولكنها قد تستأنفها إن لم تجد واشنطن وسيلة لردعها عن القيام بأعمال جديدة. وكرر ترامب يوم السبت تحذيراته لإيران بعدم القيام بهجوم جديد وأن إلغاءه الهجمات لا يعني أنه لن ينفذها.
وقال: “لدينا جيش قوي في المنطقة و(الهجوم) على الطاولة حتى يتم حل المشكلة”.
ورفض قادة إيران الحوار مع ترامب ولم يخففوا من مواقفهم. وأعلنت طهران يوم السبت أن السلطات أعدمت موظفا في وزارة الدفاع بتهمة التجسس لصالح المخابرات الأمريكية (سي آي إيه). ولا علاقة لإعدامه على ما يبدو بالهجمات الإلكترونية، لأن عقده مع وزارة الدفاع انتهى عام 2010، فيما حكم على زوجته بالسجن لمدة 15 عاما.
وكشف الإيرانيون يوم الإثنين عن خلية سرية تتعامل مع “سي آي إيه” لكن الزعم على ما يبدو مرتبط كما تقول الصحيفة بتفكيك عملية قديمة في طهران للمخابرات الأمريكية قبل 8 أعوام.
ومن المؤكد أن تردع الهجمات الإلكترونية طهران عن نشاط ولو بشكل مؤقت، فالأجهزة التي تضررت يتم إصلاحها بعد وقت. وستتمكن أجهزة المخابرات الإيرانية من إصلاح أجهزتها تماما كما فعلت الوكالة الروسية التي استهدفتها أمريكا بالهجمات.
وربما كانت العمليات الإلكترونية ضد كوريا الشمالية سببا في عدد من محاولات فاشلة لإطلاق الصواريخ، لكنها تمكنت لاحقا من إصلاح الضرر.