نيويورك تايمز: ترامب أهان بولتون وجرده من مبادئه وسلطته
في مقال رأي كتبته المعلقة ميشيل جولدبيرج، قالت فيه إن داعية الحرب جون بولتون هو آخر شخص في إدارة ترامب يخسر كرامته.
وفي مقالها المنشور بصحيفة “نيويورك تايمز” “أهلا بإهانة جون بولتون” قالت فيه:”قل ما تشاء عن دونالد ترامب، فهو قد يقوم بتغيير النظام السياسي إلى عرض حقيقي لفاشية فاسدة ويقوم بتحويل بلد كان عظيما مرة إلى مضحكة عالمية، لكنه يقوم بإهانة جون بولتون في الطريق”. وقالت إن الكثيرين ممن عملوا مع هذا الرئيس انتهوا بدون ذكر ومحرجين وفي بعض الحالات مدانين.
وسيتم تذكر ريكس تيلرسون، الذي كان عملاق شركات بتلك الفترة القصيرة التي قضاها كوزير للخارجية غير فعال. أما مايكل كوهين، محامي الرئيس وبول مانفورت مدير حملته السابق فهما في السجن. لكن القصاص العادل من بولتون فهو مختلف، فمن خلال مشاركته في “فوكس نيوز” للتملق إلى ترامب أصبح مستشارا للأمن القومي، وهي وظيفة لم يكن أي رئيس آخر يمنحها لداعية حرب عديم الثقة. فموهبته تقوم على تكريسه حياته لتوسيع القوة الأمريكية عالميا إلا أنها قام وبعجز في المساعدة على تقلصها. فشخص مستعد لبيع مثله المفترضة من أجل نصر فارغ هو بمثابة دراما إغريقية لو كتب الإغريق مسرحيات عن رجال مثله. وعادة ما يوصف بولتون بأنه من المحافظين الجدد، ولكن هذا الوصف ليس صحيحا.
لأن المحافظين الجدد يدعون بالسعي لتوسيع القيم الأمريكية اما ما يريده بولتون فهو فرض القوة الامريكية. وعلى السطح يبدو مناسبا لترامب الذي لا يهتم أيضا بحقوق الإنسان ويحتقر المؤسسات الدولية. وهما قوميان مولعان بالقتال ولا يؤمنان بالتغييرات المناخية وحريصان على تقوية اليمين الإسرائيلي ومعاديان للإسلام ومهتمان بالسعودية. ولكن بولتون الصقر، الذي لا يزال يرفض الإعتراف بأن حرب العراق كانت خطأ، اعتقد دائما أن أعداء الولايات المتحدة الالداء هم كوريا الشمالية وروسيا وإيران.
ومن المنظمات المتعددة التي يقدرها ويثمن دورها هي حلف الناتو الذي وصفه مرة بأنه ” من أفضل وأنجح التحالفات السياسية- العسكرية في التاريخ الإنساني”، لكنه وهو في قمة عمله السياسي بالإدارة يسخر من فلسفته في السياسة الخارجية السابقة. وعندما قامت إدارة جورج دبليو بوش برفع بعض العقوبات عن كوريا الشمالية في عام 2008 بدا بولتون مريضا وقال: “لا شيء سيمسح الحزن المؤلم عن رئاسة أمريكية مثل هذه وانهيارها الفكري الكامل”. وتعلق غولدبيرغ أن أحدا لن يمسح الحزن المؤلم عن بولتون وهو يشاهد الرئيس دونالد ترامب يخطو خطواته الأولى على التراب الكوري الشمالي ومقابلته صديقة الزعيم الشمولي كيم جونج- أون.
وفي يوم الأحد، أوردت صحيفة “نيويورك تايمز” أن إدارة ترامب تفكر بالتخلي عن هدفها القاضي بتخلي كوريا الشمالية عن مشروعها النووي. وعوضا عن ذلك ستركز على منع كوريا الشمالية عن انتاج أسلحة نووية جديدة. وبناء على محدودية قدرات ترامب كرجل دولة، فهذا ما يمكن توقعه منه. وبالتأكيد فلم يكن بولتون يتوقع شيئا كهذا خاصة أنه عول قيام واشنطن بهجمات وقائية ضد كوريا الشمالية وقبل تعيين ترامب له مسؤولا للأمن القومي.
ورد بولتون غاضبا على تقرير “نيويورك تايمز” قائلا في تغريدة إنه لم يسمع بشيء من هذا القبيل. وربما لم يكن مطلعا، ففي الوقت الذي كان فيه ترامب يتملق لصديقه الكوري كان بولتون في منغوليا. وفي يوم الإثنين نشرت مجلة “بوليتكو” تقريرا عن ورقة بيضاء أعدتها هيئة الأركان المشتركة تتحدث فيها عن توسع القوة الروسية “أظهرت روسيا القدرة والإستعداد لكي تمارس قوتها الخبيثة في أوروبا وخارجها بما في ذلك الولايات المتحدة”.
وكان بولتون يشتكي من التأثير الروسي وكتب عام 2017 أن جهود فلاديمير بوتين التدخل في الإنتخابات الأمريكية عام 2016 هي “سبب للحرب وفعل حقيقي لها، وهو أمر لا يمكن لواشنطن التسامح معه”. وعندما كذب بوتين صراحة في وجه ترامب عندما التقاه أول مرة في هامبورغ بألمانيا أمل بوتين أن يكون هذا درس قوي للرئيس حول “شخصية القيادة الروسية”، وهو ما لم يتعلمه ترامب على ما يبدو.
وفي قمة العشرين الأسبوع الماضي بمدينة أوساكا في اليابان مازح ترامب بوتين حول التدخل في الإنتخابات ومقتل صحافي وهو مشهد سيكون من إرث بولتون. بقي موضوع واحد يمكن لبولتون تشكيل التاريخ من خلاله، ففي يوم الإثنين انتشرت أخبار عن انتهاك إيران الحد المسموح لها ضمن اتفاقية 2015 لتخصيب اليورانيوم، وهي نفسها الإتفاقية التي قرر ترامب تمزيقها العام الماضي. ويأتي القرار الإيراني بعد أشهر من التصعيد والتهديد لا يزال باق، ويمكن أن يقود بولتون ترامب المتقلب نحو حرب مع إيران. والشخص الذي منع إمكانية القيامة هو مذيع فوكس نيوز تاكر كارلسون الذي حث ترامب الإبتعاد عن المواجهة العسكرية مع إيران.
واستخدم كارلسون مقدمة لبرنامجه لتمزيق بولتون ووصفه “بالبيروقراطي الطفيلي” الذي يعتبر الحرب “عملا جيدا”. وفي إدارة جيدة كان مستشار الأمن القومي لديه سلطة أكثر من مذيع في قناة إخبارية حيث كان كارلسون مع ترامب في المنطقة المنزوعة السلاح في شبه الجزيرة الكورية. وقال كارلسون في مداخلة مع برنامج فوكس نيوز أند فريندز مبررا الجرائم في كوريا الشمالية حيث قال إن قيادة الناس تعني ارتكاب جرائم. وتختم قائلة “إنه أمر كابوسي أن تعيش في بلد باتت فيه السياسة الخارجية موضوعا داخليا بين الرجعيين في فوكس نيوز. ولا تزال توجد فرصة يتفوق فيها بولتون على الإنعزاليين. وفي الوقت الحالي هناك نوع من العزاء القليل أنه مثل غيره الذين عملوا مع ترامب ضحى بمبادئه من أجل السلطة ولن يحصل على أي منهما”.