نيويورك تايمز: استهداف أمريكا للسياسة الخارجية الإيرانية يعجل بحرب في كل المنطقة
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تحليلا قالت فيه إن توجيه ضربة لإيران بسبب سياستها خارجيتها قد يعجل بالحرب. وقال إداورد ونغ إن الرئيس دونالد ترامب كرر استعداده للتوصل إلى اتفاقية نووية مع إيران إلا أنه لم يذكر أثناء حديثه هدف إدارته إعاقة ما يصفه مسؤولون “السياسة الخارجية التوسعية” وهي أولوية قد تقود إلولايات المتحدة إلى حرب.
ويرى مشرعون في الكونجرس ومحللون أن المهمة المفتوحة والواسعة لمواجهة دبلوماسية إيران ونشاطاتها العسكرية قد يدفع لمواجهة عسكرية قبل أي معركة حاسمة معها بشأن البرنامج النووي. وتضيف الصحيفة أن التوتر المتزايد هذا الشهر بين الولايات المتحدة وإيران نابع من شكوك واشنطن بوجود نشاطات عسكرية إيرانية.
ولا توجد أدلة عن تخلي القادة الإيرانبون الذين يعتبرون أنفسهم ورثة الإمبراطورية الإيرانية عن طموحات التأثير في منطقة الشرق الأوسط. وتشير الصحيفة لتصريحات مستشار البيت الأبيض لشؤون الأمن القومي جون بولتون التي أكد فيها بدون تقديم أدلة أن الضربات على ناقلات النفط جاءت “مؤكدا من إيران. ويقول القادة الإيرانيون إن الإتهامات “سخيفة” فيما أعلن المرشد الأعلى للجمهورية أية الله علي خامنئي أن بلاده لن تتفاوض مع أمريكا. وحتى في المحادثات مع الأوروبيين قال إن إيران لا “تناقش قدراتها العسكرية”.
وتعلق الصحيفة أنه منذ العام الماضي يدفع كل من مايك بومبيو، وزير الخارجية وبولتون وبقوة لمواجهة إيران. وأغضب التأثير الإيراني الواسع الذي يقوم على دعم الميليشيات المسلحة والأحزاب السياسية التي تضم الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان وكوكبة من الجماعات الشيعية في العراق إسرائيل والسعودية. وقال النائب الديمقراطي عن أريزونا روبن جاليجو “قد نجد أنفسنا في حرب مع إيران”مضيفا “وهذا خطر ما يقوم بولتون بعمله وما تعمله الإدارة الآن”.
واطلع جاليجو الذي شارك في العراق وعضو في لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب على المعلومات الإستخباراتية المتعلقة بإيران معلقا أن المسؤولين في إدارة ترامب “يريدون الإستماع لما يريدون سماعه وتغذو على ما أردوا تناوله من أجل الدفع باتجاه الحرب”. وبالمقارنة تحتاج إيران لعدة شهور لكي تحصل على ما يكفي من مواد إنشطارية لبناء القنبلة النووية- حتى لو كانت راغبة.
وتقول مورجان أورتاجوس، المتحدثة باسم الخارجية ” ليس الامر هو عن الأسلحة النووية، كما تعلمون” بل “عن دعم إيران للإرهاب في المنطقة وتصرفاتهم الخبيثة فيها “. وتعلق الصحيفة أن التركيز المستمر على إيران أدى لصدام داخل إدارة دونالد ترامب، الجيش والإستخبارات التي قال مسؤولوها إن تنظيم الدولة والقاعدة يمثلان تهديدا أعظم على مصالح الولايات المتحدة. ووصف بعض المحللين اللغة المعادية لإيران التي استخدمها بومبيو وبولتون بالداعية للحرب وتعمل على إثارة المخاوف وفيها تناقض ظاهري. ويؤكد أهم مستشاران للرئيس في شؤون السياسة الخارجية إن الحكومة الإيرانية أضعفتها العقوبات حتى مع أنهما يتهمان طهران بأنها اللاعب الأسوأ والأقوى في الشرق الأوسط. ويقول على فائز، الخبير في مجموعة الأزمات الدولية “تتعرض إيران للعقوبات ومحاولات الإحتواء منذ أربعة عقود” و “مع ذلك يعتقد المسؤولون الأمريكيون أن نفوذ إيران وتهديدها وزاد في هذه الفترة. وربما حان الوقت لكي تعيد واشنطن التفكير في سياستها تجاه طهران بدلا من مضاعفة سياساتها الفاشلة التي استخدمتها في الماضي”.
وتستدرك الصحيفة أن ترامب لم يعبر عن رغبة باحتواء إيران على كل الجبهات كما هو حال بومبيو وبولتون. ففي يوم الجمعة أعلن ترامب عن إرسال 1.500 من الجنود إلى الشرق الأوسط وهو عدد أقل مما توقعه الصقور في الإدارة. وكان قراره تعبير عن تردده خاصة أنه دعا لسياسة انعزالية اثناء حملته الإنتخابية في عام 2016 وتجنب الحروب التي تدخل أمريكا في مستنقع الشرق الأوسط. إلا أن موقفه هذا جاء على تناقض مع المسؤولين في إدارة.
ففي الخريف الماضي تحدث جيمس جيفري، مبعوث الخارجية إلى سوريا عن عدم خروج القوات الأمريكية طالما ظلت إيران والقوات الموالية لها من هناك. وفي ذروة الحرب ضد تنظيم الدولة كانت القوات الموالية لطهران تعمل بالتوازي مع تلك التي يدعمها التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، وليس معا. وفي كانون الأول (ديسمبر) أعلن ترامب عن الإنتصار على تنظيم الدولة ووافق على بقاء عدد قليل من الجنود ولم يذكر “مراقبة إيران من العراق” إلا مرة واحدة. وبالمقابل كان بومبيو وبولتون مصممان على مواجهة إيران وإخضاعها في المنطقة ووضعا الشروط لذلك. ففي 5 مايو أعلنت الإدارة عن معلومات أمنية تشير لتهديد من إيران ولهذا قام بولتون بتحريك البوارج وهدد بمواجهة أي ضربة للمصالح الأمريكية وأصدقاء واشنطن بالقوة.
وقال النقاد إنه لو كان هناك تهديد كبير فإن واشنطن هي التي استفزت إيران عندما خرجت من الإتفاقية النووية وأعادت فرض العقوبات عليها وصنفت الجيش الإيراني كمنظمة إرهابية. ويقول مسؤولون أمريكيون أنه منذ عام 2011 الذي خرجت فيه القوات الأمريكية من العراق إلى عام 2018 حيث خرج ترامب من الإتفاقية النووية لم يتم تسجيل أي هجوم إيراني ضد المصالح الأمريكية، مما يعني أن الدبلوماسية التي قادها أوباما كانت ناجحة.
وتقول إن تحذيرات بولتون الواسعة تعني أن أمريكا ستتخذ أفعالا ضد طائرات الحوثيين المسيرة والقنابل التي أطلقت على المنطقة الخضراء في بغداد. وبالمثل عندما فرضت أمريكا العقوبات على طهران فقد عبرت عن رغبتها بالسيطرة على سياسة إيران الخارجية.
وقال بريان هوك المبعوث الأمريكي للملف الإيراني “بهذا القرار اليوم، نتوقع رؤية نتيجة إيجابية تحرم إيران من الموارد التي تحتاجها لسياستها الخارجية وتمويل الجماعات الوكيلة لها في المنطقة وتمويل برامجها الصاروخية”. ولو كان الهدف العام هو مواجهة السياسة الإيرانية فواشنطن تقوم بالتخلي عن وسائلها الدبلوماسية في العراق الذي يعتبر ساحة حيوية للنفوذ الإيراني منذ عام 2003. ففي 15 مايو أمر بومبيو بخروج كل الدبلوماسيين الأمريكيين تقريبا من بغداد. وفي العام الماضي أغلقت القنصلية في البصرة. وقامت الخارجية بتعديل التحذير من زيارة العراق وهو ما دفع إكسون موبيل وغيرها من الشركات الأمريكية لسحب عمالها من المشاريع التي تهدف لمساعدة حكومة بغداد الإعتماد على نفسها.
وقد أغضب التحرك المسؤولين العراقيين الذي تعاملوا مع الوجود الأمريكي كمواز للوجود الإيراني. ولاحظ مسؤول أمريكي أن الولايات المتحدة لم تسحب دبلوماسييها عندما احتل تنظيم الدولة ثلث العراق. وقال المبعوث السابق لدول التحالف بريت ماكغريك “إن الحكومة هي التي تريد وجودنا” و “لو تخليت عن الساحة دبلوماسيا فإنك تتنازل لإيران”.