نيويوركر: الصفقة الحقيقية وراء تبادل السجناء بين الولايات المتحدة وإيران
تحت عنوان “الصفقة الحقيقية وراء تبادل السجناء بين الولايات المتحدة وإيران”، نشرت مجلة “نيويوركر” تقريرا لروبن رايت قالت فيه إن الرئيس دونالد ترامب استفاد من عملية تبادل السجناء وحولها لانتصار شخصي، حيث شكر إيران على “المفاوضات العادلة، وانظر نستطيع التوصل إلى صفقة معا” التي أنهت معاناة طالب أمريكي سجن في عام 2016 بتهمة التجسس وعالم إيراني اعتقل العام الماضي.
وكانت عملية التبادل لحظة نادرة من التقارب بعد أشهر من التصعيد العدواني والذي كاد أن يقود لمواجهة عسكرية في حزيران (يونيو) بعدما أسقطت إيران طائرة أمريكية مسيرة. وأنهى التبادل ملحمة الطالب شيوي وانغ والعالم مسعود سليماني، الذي اعتقل وهو في طريقه إلى مركز مايو كلينك حيث كان في زيارة بحثية له.
ووجد الرجلان نفسيهما وسط نزاع استخدما فيه كورقتي ضغط. وقال مسؤول بارز في إدارة ترامب إنه يأمل بإطلاق سراح وانغ أن تكون إيران قد تعلمت أن دبلوماسية اختطاف الرهائن قد وصلت إلى نهايتها، رغم وجود 6 أمريكيين في السجون الإيرانية بمن فيهم روبرت ليفينسون الذي اختفى في البلد قبل 12 عاما. فيما اعتقلت إدارة ترامب 13 إيرانيا في الولايات المتحدة خلال العامين الماضيين. وتضيف رايت أن ترامب قام بنسب نجاح العملية لنفسه حيث شكر الحكومة السويسرية التي ترعى سفارتها في طهران المصالح الأمريكية هناك منذ قطع العلاقات مع إيران عام 1980.
ويرى مشاركون في عملية التفاوض أن إدارة ترامب قامت باستغلال السرد وتجاهل 3 أعوام من الدبلوماسية الكسولة. وقالوا إنهم قاموا بالجهد الأكبر رغم المعوقات التي وضعها مبعوث ترامب الحالي لإيران براين هوك، وهو الذي تسلم وانغ في زيوريخ، ونشرت وزارة الخارجية صورة للاثنين وهما في مدرج المطار، مع أن هوك كان من بين المعارضين الأشداء لأي محادثات مع إيران، ولم ينضم إليها إلا في الأسابيع القليلة الماضية.
وكان هوك قد أصدر قبل يومين من عملية التبادل تصريحات دعا فيها “كل الشعوب للوقوف مع الشعب الإيراني” و”عزل النظام الإيراني دبلوماسيا”. ويعد هوك من الصقور في الملف الإيراني وتعرض للتحقيق من قبل المفتش العام لوزارة الخارجية بتهمة التمييز ضد الأمريكيين من أصول إيرانية العاملين في الوزارة. وتقول رايت إن الإفراج عن الرهائن الأمريكيين عملية صعبة وفوضوية وتحتاج لمشاركين من خارج الحكومة الأمريكية وتتشابك فيها المصالح.
ولأن محامي وانغ جيسون بوبليت شعر بالإحباط من موقف الإدارة فقد قام بالاتصال مع النائب السابق عن كنساس جيم سلاتري. وشارك سلاتري وخلال الأعوام الماضية في حوارات دينية متعددة، وسافر إلى إيران ويعرف وزير الخارجية محمد جواد ظريف والسفير الإيراني في الأمم المتحدة مجيد تخت روانجي الذي تخرج من جامعة كنساس. وقال بوبليت: “كنت أنا وسلاتري نبحث عن خيارات محتملة لمساعدة وانغ، بما فيها الطرق الإنسانية المفتوحة دائما، خاصة في الوقت الذي تكون فيه العلاقات بين البلدين صعبة. فهذه الطرق قد تكون مفيدة لتأمين إطلاق سراح الأمريكيين”. وعملا لعدة أشهر مع أمريكيين إيرانيين وعائلة وانغ في جهد وصفه بوبليت بأنه “معقد جدا”، وبعد ذلك “أخذنا عملنا للإدارة والتي وجدت طريقا لتحقيقه”. وقال السفير الأمريكي السابق لدى الأمم المتحدة بيل ريتشاردسون إنه استنفد 20 شهرا من المفاوضات السرية مع إيران: “أرفض رواية الإدارة لأننا كنا المفاوضين الحقيقيين للصفقة”.
والتقى مسؤولون بارزون من البيت الأبيض ووزارتي العدل والخارجية ومحامي الدفاع عن سليماني. ولدى ريتشاردسون النائب والوزير السابق خبرة في التفاوض حول رهائن مع كوريا والسودان وبيرو وبنغلاديش وكوبا وكولومبيا. وجاءت نقطة التحول في (إبريل) عندما أصدر ظريف إشارات عن إمكانية -في كلمة أمام الجمعية الأسيوية بنيويورك- “تبادل السجناء، وكل الأشخاص في السجون الأمريكية أو ينتظرون ترحيلهم نعتقد أن الاتهامات ضدهم زائفة”. وأضاف: “تعتقد الولايات المتحدة أن الاتهامات ضد السجناء في إيران زائفة، حسنا، لنتوقف عن الحديث عن هذا ونتبادل وأنا مستعد لعمل هذا ولدي سلطة لعمله”.
وعمل ريتشاردسون مع ظريف حول التفاصيل عندما التقيا في (سبتمبر) على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة. وكان سلاتري جزءا من عملية التبادل لوانغ وسليماني. وتزامنت أول عملية تقدم مع رحيل مستشار الأمن القومي المتشدد جون بولتون في أسبتمبر واستبداله بروبرت أوبراين، المفاوض السابق للرهائن في الخارجية. وعمل ريتشاردسون مع أوبراين الذي اهتم بملف الرهائن. وتوقع كل من ريتشاردسون وسلاتري وبوبليت أن تنتهي صفقة الرهائن في الأسبوع المقبل.
وفي صفقة توصل إليها سلاتري مع محامي سليماني كان من المتوقع أن يظهر أمام محكمة في أتلانتا يوم 11 (ديسمبر) حيث كان سيعترف بذنبه ويصدر عليه حكم بالمدة التي قضاها في السجن ويتم ترحيله بعد أيام. وبالمقابل تقوم إيران بالإفراج عن وانغ بعد أيام من صدور الحكم عليه وتسليمه للسفارة السويسرية بطهران. والتقى ريتشاردسون مع السفير الإيراني بالأمم المتحدة يوم 4 ديسمبر لمناقشة تفاصيل الصفقة. وكانت المعضلة التي تواجه المفاوضات هي الوضع القانوني لسليماني. فوزارة العدل كانت تريد متابعة القضية حتى لا تظهر بمظهر من يخرق القانون الأمريكي من أجل الإفراج عن إيراني خرق القانون لمبادلته مع أمريكي سجنته إيران بتهم مزيفة.
وتم تأخير عملية التبادل التي توصل إليها ريتشاردسون وسلاتري وبوبليت حتى يتسنى لوزارة العدل التدقيق. ولم تكن الوزارة راغبة بالمشاركة بعملية تبادل بحيث تكون سابقة خطيرة لما تبقى من الرهائن، ولهذا كان الاعتراف هو محاولة للتحايل. وفي تحرك مفاجئ من وزارة العدل قامت بإلغاء كل التهم عن سليماني. وقال المسؤول في الإدارة إن استخدام مصلحة إيران في عودة سليماني ومبادلته مع وانغ يعد اتفاقا جيدا للولايات المتحدة.
ويقول سلاتري إن مسؤولي البيت الأبيض صادقوا على قرار وزارة العدل إسقاط كل التهم عن سليماني. وقال: “في الأيام الثلاثة الأخيرة كانت هناك توجيهات من المستويات العليا لإحباط صفقة الاعتراف وإسقاط كل التهم”. ولا يعرف محامي سليماني، ليني فرانكو، سبب إسقاط التهم عن موكله وقال لرايت: “لو عرفت السبب أخبريني”. وقال إن مكتبه اتصل به صباح الخميس قائلا إن مكتب المدعي العام في أتلانتا اتصل لكي يخبره أن عملية تبادل سجناء جارية. ووافق القاضي على إسقاط التهم لكن القرار لن يسري مفعوله حتى يتم تسليم سليماني إلى زيوريخ لإتمام عملية التبادل. وقال فرانكو إن أحدا لا يسأل المدعي العام عن قراره إسقاط تهم إلا أنه وفي عمله بالمحاماة التي مضى عليها 33 عاما لم ير قضية انتهت بهذه الطريقة.
وقال ريتشاردسون وسلاتري وبوبليت إن الإدارة لم تخبرهم عن قرار التبادل أو التغير في خطة المفاوضات. ولم يعرف ريتشاردسون وسلاتري بالموضوع إلا عند ظهور الخبر في الإعلام. وقال مايك بيرغمان، من غلوبال إنغجمينت، نائب مدير مركز ريتشاردسون: “لن تكلفهم الكثير للاعتراف بأن هذا العمل تم بمساعدتنا”، “لقد أكدوا أننا واهمون وأرادوا إلغاء الجهود لأنهم لم يؤمنوا بنا”. وقال: “إدارة ترامب لا تحب المشاركة في النجاح، وما حدث كان نهاية سعيدة ولم نقاتل من أجل الحصول على الثناء”.
ورفض البيت الأبيض ما قاله ريتشادرسون حيث قال مسؤول بارز في البيت الأبيض: “في الوقت الذي نقدر فيه جهود السفير ريتشاردسون إلا أن الصفقة الحالية تمت مناقشتها عبر المسؤولين الأمريكيين والسويسريين”. ورفضت الإدارة محاولات ظريف الذي قال إنها دعاية: “لم نصدق تعليقات ظريف العامة ولم نتعامل معها بجدية”.
وقال المسؤول: “الطريقة المناسبة للتعامل مع هذا النوع من المفاوضات يجب أن يكون عبر القنوات الدبلوماسية أو من خلال القوة التي تحمي مصالحنا، سويسرا”. وسافر ظريف إلى زيوريخ لتسلم سليماني ونشر صورة له معه. ويرى علي فائز، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، أن التبادل مدعاة للتفاؤل لكنه خطوة للتعامل مع 40 سنة من العداء بين البلدين. وقال: “من الخطأ المبالغة في الإمكانيات التي سيخلقها التبادل، ومن الخطأ إساءة التقدير بما يعده” و”خطوة إيجابية لأنه أول مرة توافق فيها إدارة ترامب لعمل أمر كهذا”.