نواب جمهوريون مستعدون للإقرار بتورط ترامب في الضغط على أوكرانيا
يواجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مزيداً من الضغوط والمخاطر في التحقيق الذي يهدف إلى عزله من السلطة، لا سيما أن عدداً متزايداً من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين مستعدون للإقرار بضغط ترامب على رئيس أوكرانيا للإضرار بمنافسه في الانتخابات الرئاسية.
وقالت صحيفة The Washington Post ، أمس الجمعة 1 نوفمبر2019، إن موقف الأعضاء الجمهوريين على الرغم من أنه يمثل تحولاً في استراتيجية الدفاع عن ترامب، فإنهم في ذات الوقت يصرون على أن تصرف «الرئيس لا يُعتبر مخالفاً للقانون ولا يرقى إلى مستوى جريمة تستوجب العزل».
رسالة مُقلقة لترامب
ويسعى النواب الديمقراطيون إلى فتح تحقيق في ممارسة ترامب ضغطاً على نظيره الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، تتمثل في تهديد واشنطن لأوكرانيا بإيقاف مساعدات عسكرية، ما لم تحقق مع نائب الرئيس السابق باراك أوباما، جو بايدن وعائلته، وذلك لإضعاف الأخير في انتخابات الرئاسة المقبلة.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن موقف الأعضاء الجمهوريين يبعث برسالة سلبية لترامب، إذ يحارب الرئيس الأمريكي بشراسة الادّعاء القائل إنه مارس ضغطاً على أوكرانيا.
وأضافت أنه يتزايد عدد الجمهوريين، الذين يتساءلون إلى متى يمكنهم الاستمرار في القول إنه لم يكن هناك مقايضة (قام بها ترامب) في هذا الشأن.
وكان هذا التساؤل المحوري الموضوع الرئيسي خلال جلسة غداء خاصة لأعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، عُقدت يوم الأربعاء 30 أكتوبر/تشرين الأول الفائت، بحسب ما نقلته الصحيفة الأمريكية عن عدد من الأشخاص المُطّلعين على هذا الاجتماع، ولم تكشف أسماءهم.
وقالت مصادر الصحيفة إن السيناتور جون نيلي كينيدي قد جادل بأنَّه ربما كان هناك مقايضة، لكنَّه أكَّد أنَّ الحكومة الأمريكية غالباً ما تفرض شروطاً على مساعداتها الخارجية، وإنَّه لم يكن هناك شيء خاطئ في لجوء ترامب لذلك في حالة تقديم مساعدات إلى أوكرانيا.
كذلك، قال السيناتور تيد كروز، الذي نافس ترامب في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري للترشيح للرئاسة عام 2016، إن أسلوب المقايضة لا يُعتبر أمراً مخالفاً للقانون ما لم تكن هناك «نية فاسدة»، مردداً حجة كينيدي بأنَّ مثل هذه الشروط هي إحدى أدوات السياسة الخارجية الأمريكية.
الجمهوريون في موقف صعب
وتؤكد تلك المناقشة معضلة أعضاء الكونغرس الجمهوريين، في الوقت الذي يرسم فيه مسؤولون حاليون وسابقون في إدارة ترامب صورة متسقة لرئيس يرغب في استخدام السياسة الخارجية لإضعاف خصم سياسي محتمل محلي.
وكان تيم موريسون، المعيّن من جانب ترامب لشغل منصب كبير المستشارين لشؤون روسيا وأوكرانيا بمجلس الأمن القومي، هو آخر مسؤول في إدارة ترامب يشهد يوم الخميس 31 أكتوبر/تشرين الأول بأنَّ ما يقرب من 400 مليون دولار من المساعدات العسكرية خصَّصها الكونغرس لأوكرانيا قد جُمّدت، لزيادة الضغط على الرئيس الأوكراني زيلينسكي لفتح تحقيق مع بايدن.
ومع تصويت الديمقراطيين في مجلس النواب يوم الخميس على انتقال جلسات التحقيق من جلسات استماع مغلقة إلى علنية، ما يقوّض شكاوى الحزب الجمهوري بشأن وجود عملية سرية يجري تدبيرها في الخفاء، يبحث الجمهوريون على نحوٍ محموم عن استراتيجية ونقاط حديث جديدة للدفاع عن الرئيس.
وقال العديد من مسؤولي الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ، الذين تحدثوا شرط عدم الكشف عن هويتهم للتعليق بصراحة على الأمر، إنَّ الرئيس أحبط أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين عندما قال إنَّه يُغيّر استراتيجيته في المراسلة يومياً بدلاً من تقديم دفاع متماسك عن تصرفاته.
وقال ترامب في تصريحات لمجلة Washington Examiner يوم الخميس الماضي، إنَّه يريد إجراء سلسلة من «الدردشات الودية» غير الرسمية، على غرار الأحاديث الإذاعية الشهيرة التي عُرفت باسم «دردشات المدفأة»، التي كان يتوجّه بها الرئيس الأمريكي فرانكلين ديلانو روزفلت للشعب مباشرةً، للدفاع عن نفسه وشرح مجريات الأمور أثناء فترة الكساد الكبير والجزء الأول من الحرب العالمية الثانية.
وأضاف ترامب أنَّه ربما يقرأ بصوت عالٍ نص المكالمة الهاتفية، التي طلب فيها من زيلينسكي أن يسدي له «معروفاً» في 25 يوليو.
«أسلوب سيئ السمعة»
ولفتت The Washington Post إلى أن استعداد بعض الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ للإقرار بوجود مقايضة مع رفضهم حدوث أية مخالفة قانونية، يأتي بعد أسبوعين فقط من اضطرار ميك مولفاني، كبير موظفي البيت الأبيض بالوكالة، إلى التراجع عن تأكيد مماثل.
وقال مولفاني في مؤتمر صحفي مطوّل في 17 أكتوبر إنَّ استخدام أسلوب المنفعة المتبادلة سمة شائعة في السياسة الخارجية، وإنه ينبغي لوسائل الإعلام «قبول ذلك».
في الواقع، الاستراتيجية التي تتضمن الاعتراف بنوع معين من التبادلية مع حكومة أجنبية بالتأكيد ستثير قلق جمهوريين معتدلين مثل السيناتور سوزان كولينز، التي تخوض الانتخابات مُجدّداً العام المقبل عن ولاية تميل إلى تأييد الحزب الديمقراطي.
ووصفت سوزان دعوة ترامب للصين لفتح تحقيق مع جو بايدن بأنَّها إجراء «غير ملائم على الإطلاق»، وهو ما فعله الرئيس بعد بدء الجدل بشأن دعوته المماثلة لأوكرانيا.
وعلى الرغم من ذلك، استبعد أحد كبار مساعدي الرئيس من الحزب الجمهوري أنَّ يتبنى أعضاء مجلس الشيوخ من حزبه، استراتيجية الإقرار بأنَّ الرئيس طلب مقايضة من أوكرانيا، حتى وإن أيَّد بعض المحافظين الفكرة.
إذ ستُقوِّض مثل هذه الخطوة حُجة ترامب الأساسية ضد تحقيق العزل، وستصطدم مع استراتيجية الجمهوريين في مجلس النواب.
ومع ذلك، لا يشعر بعض الجمهوريون من مجلس الشيوخ بنفس القدر من الثقة، وأعربوا كذلك عن قلقهم من التدفق اللانهائي لعناوين إخبارية محرجة حول إفادات يومية بأنَّ تقديم المساعدات الأمريكية ودعوة فلاديمير زيلينسكي لزيارة البيت الأبيض تتوقف على إجراء تحقيق بشأن بايدن.
إضافة إلى ذلك، ركز غداء مجلس الشيوخ، وفقاً لما ذكره الحاضرون، على أفضل السبل لحشد جبهة دفاع لصالح ترامب إذا انتهى التحقيق إلى عزله.
فبموجب الدستور، يجب على مجلس الشيوخ إجراء محاكمة، ويستلزم لصدور قرار بالإدانة أصوات ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ الحاضرين.