نساء يرفضن الإنجاب بسبب ما سيصيب أطفالهن من التغير المناخي
إلى أي مدى يمكنك تقديم تضحيات لإنقاذ الكوكب؟، لقد وصل الأمر ببعض النساء إلى تنفيذ إضراب عن الإنجاب بسبب التغير المناخي.
فبالنسبة للموسيقية البريطانية بلايث بيبينو، فإن الخيار الأخير هو حقيقة واقعة، مخاوفها من التغير المناخي شديدة، لدرجة أنها قرَّرَت ألا تلد أطفالاً.
قالت لشبكة CNN: «أريد طفلاً بشدة»، مضيفةً: «أحب شريكي، وأريد تكوين أسرة معه، لكني لا أشعر بأن هذا زمن يمكنك أن تفعل فيه ذلك».
إضراب عن الإنجاب بسبب التغير المناخي، فقد أصبحت نهاية العالم قريبة
تؤمن بيبينو أنه ستكون هناك «هرمجدون بيئية»، وأسست BirthStrike بنهاية عام 2018. BirthStrike (إضراب الولادة) هي مجموعة من الناس يعلنون قرارهم بعدم إنجاب أطفال بسبب التغير المناخي.
انضم إليهم أكثر من 330 شخصاً حتى الآن، تقدر بيبينو أن 80% منهم نساء.
قرَّر المنضمون إلى «إضراب الولادة» أنهم لا يمكن أن ينجبوا أطفالاً في عالمٍ يتوقَّع العلماء أن التغيُّر المناخي سيُحدِث فيه حرائق أكبر ومزيداً من الجفاف ونقص الطعام لملايين البشر.
هل فات الأوان على إنقاذ الكوكب؟
عام 2018 حذَّرَت اللجنة الدولية للتغيرات المناخية (IPCC) التابعة للأمم المتحدة، من أن أمام الكوكب 11 عاماً فقط لمنع تغير مناخي كارثي.
ويقول كودي هاريسون، البالغ من العمر 29 عاماً، وقد انضم للمجموعة حديثاً: «إنك تقامر بحياة شخص آخر»، وأضاف: «إذا لم تسِر الأمور على ما يرام، فلن يتمتع ذلك الإنسان بحياةٍ جيدة للغاية».
وقالت لوري داي، وهي عضوة أخرى في «إضراب الولادة»: «عندما يزداد تغير المناخ سوءاً فإنه يضاعف أشياء أخرى. إنه أشبه بتأثير سقوط الدومينو»، وتضيف: «الأمر يتعدى ارتفاع مستوى سطح البحر والعواصف، إنه يؤثر على إنتاج الغذاء والهجرة والموارد والحرب».
«إضراب الولادة» هي واحدة من عدة مجموعات حول العالم، تُشكِّك في أخلاقية إنجاب الأطفال في عالم الاحتباس الحراري.
حياة أطفالنا ستكون صعبة
أما Conceivable Future (مستقبل يمكن تصوُّره)، فهي شبكة من النساء في أمريكا، تأسَّسَت عام 2015 للتوعية «بالتهديد الذي يمثله تغير المناخ على العدالة الإنجابية»، لكن أعضاء هذه المجموعة لا يستبعدون إنجاب أطفال.
وقالت جوزفين فيروريلي، إحدى المشاركات في تأسيس المجموعة: «تشير البيانات إلى دقات ساعة موقوتة»، «إطار الأحد عشر عاماً أكثر أو أقل يقترب بشدة من إطار تكاثرنا أيضاً».
وأضافت: «أي نوع من الأذى سيفعله عالم أكثر حرارة وأكثر إيلاماً بطفلي؟ لا أحد لديه الإجابات عن ذلك».
في مارس/آذار، أخبرت عضوة الكونغرس الأمريكي ألكساندريا أوكاسيو كورتيز متابعيها الثلاثة ملايين على موقع إنستغرام: «هناك إجماع علمي على أن حياة الأطفال ستكون صعبةً للغاية… هل ما زال من الجيد إنجاب أطفال؟».
هل حقاً مزيد من الأطفال تزيد إلى مزيد من الانبعاثات؟
إضافة إلى المخاوف المحيطة بنوعية حياة الأجيال المقبلة، لا يرغب بعض من المضربين عن الولادة في إنجاب أطفال بسبب الانبعاثات الإضافية التي سينتجها أطفالهم وذريتهم.
وتفخر Population Matters (عدد السكان مؤثر)، وهي مؤسسة خيرية مقرها المملكة المتحدة، بأن مذيع الراديو ديفيد أتينبورو يرعاها، وتهدف إلى تحقيق «عدد سكان بشري مستدام»، وترى أنه كلما زاد عدد السكان ستزداد انبعاثات الكربون وتُفقد الغابات المدارية، وكذلك الآثار البيئية الأخرى.
تُقدِّر الأمم المتحدة أنه بحلول عام 2030، سيكون هناك حوالي 8.5 مليار شخص على هذا الكوكب، وبحلول عام 2100 قد يصل العدد إلى 11 ملياراً.
حالياً، يقدر البنك الدولي أن الشخص العادي يصدر 5 أطنان من ثاني أكسيد الكربون خلال سنة.
سيكون معظم النمو السكاني المتوقع عالمياً في البلدان النامية، لكن لدى الدول المتقدمة متوسط انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أعلى بكثير. ينبعث من الأمريكي العادي 15.6 طن متري سنوياً، بينما في سريلانكا وغانا ينبعث أقل من طن واحد من الفرد
المشكلة في الاستهلاك وليس في زيادة السكان
هل يعني ذلك أنه ينبغي على كل شخص في البلدان الصناعية أن يفكر في إنجاب عدد أقل من الأطفال لخفض الانبعاثات؟ قد لا يكون الأمر بهذه البساطة.
خلصت دراسة أجريت عام 2014 إلى أن تقليل عدد السكان «ليس حلاً سريعاً للمشاكل البيئية». واكتشفت الدراسة باستخدام النماذج، أنه حتى إذا طبقت سياسة إنجاب طفل واحد عالمياً فستؤدي لأن يصبح عدد سكان العالم حوالي 7 مليارات بحلول نهاية القرن، وهو مقارب لعدد سكان اليوم.
وتوصَّل العلماء إلى أنه على الرغم من أن تخفيض عدد السكان «قد يفيد أبعد أبعد أبعد أحفادنا»، إلا أنه ليس حلاً لـ «المشكلة الأكبر والأوضح» على المدى القصير.
بدلاً من ذلك، تشير الدراسة إلى أنه يجب على المجتمع التركيز على تقليل البصمة الكربونية الموجودة لدينا بالفعل، والحد من استهلاك كل فرد.
وقالت ميغان كالمان، الشريكة المؤسسة لـ «مستقبل يمكن تصوره»: «إذا استهلك الجميع بالطريقة التي تتبَّعتها الولايات المتحدة، فسنحتاج إلى أربعة أو ستة كواكب أرض أخرى«، مضيفةً: «الأمر لا يتعلق في الواقع بعدد الأشخاص، بل بكيفية استهلاك هؤلاء الأشخاص».
وقالت فيروريلي: «من منظور الكربون، زيادة أو نقصان طفل واحد، أو الطريقة التي تتعامل بها مع الموضوع كفرد ليس لها تأثير كبير على الإطلاق»، وأضافت: «الأمر متعلق بكثافة إنتاج الكربون العالية في الغرب أكثر من مسألة إنجاب طفل».
تكلفة الفرصة البديلة للطفل
تسارع كلٌّ من «إضراب الولادة» و «مستقبل يمكن تصوره» إلى القول بأنهما لا يقران أساليب السيطرة القسرية على السكان، أو يصمون أي شخص لإنجابه أطفالاً.
ولا ينبغي الخلط بين المجموعتين وحركة اللاإنجابية، وهي فلسفة تقول إن الإنجاب خطأ أخلاقيٌّ، بسبب المعاناة التي تأتي مع الحياة.
وقال هاريسون: «أحاول ألا أحكم على أي شخص بسبب اختياراته»، «بمجرد أن أكون مستعداً، أود أن أتبنى طفلاً».
بل إن داي تتساءل عما إذا كان الطفل الذي قد يولد ربما يكون الطفل الذي يحل أزمة المناخ.
وتقول: «في بعض الأحيان أتساءل، ماذا لو لم ترغب والدة غريتا ثونبرج في إنجاب أطفال بسبب تغير المناخ؟» مشيرة إلى الفتاة البالغة من العمر 16 عاماً، التي ألهمت احتجاجات الشباب على المناخ في أنحاء العالم، بعد تنظيمها اعتصاماً خارج البرلمان السويدي كل جمعة.
وهم يهدفون إلى إصابة العالم بالصدمة
بالنسبة لهذه المجموعات، فإن دعواتهم تتعلق بالأفعال الفردية في جزء ضئيل منها، أما الجزء الأكبر فيتعلق بالجهد الجماعي لدفع التغيير السياسي.
وأضافت بيبينو: «كان لدي شعور خفي بأن ذلك سيهز قارب بعض الجماعات البطريركية»، وتابَعَت: «أردت من ذلك أن يخيف الناس، وأعتقد أنه فعل ذلك».
وقالت بيبينو إنه كانت هناك «ردة فعل عنيفة» على الإنترنت، بعد مقابلة أجرتها مع قناة فوكس نيوز، لكنها تقول الآن إن هناك تضامناً أكبر معها.
وقالت كالمان: «معرفة أن هناك أشخاصاً يشعرون بنفس الطريقة يساعدنا على التجمع، وأن نقول شيئاً قوياً فعلاً سياسياً»، «هذه مشكلة كبيرة للغاية، ونحن بحاجة إلى حلها فوراً».
وتأمل المجموعات أيضاً في توجيه الطاقة التي كانت ستستخدمها لتربية الأطفال إلى النشاط السياسي والاحتجاج.
وقالت بيبينو: «أنا في وضع يسمح لي بأن أكون ناشطة»، وأضافت: «إنه نداء أقوى من الأمومة، رغم أنني ما زلت أحزن من الفكرة».
وتابَعَت: «حان الوقت لإحداث خلل وإجبار النظام على الخضوع، لأنه يتجاهل ذلك».
وقالت أيضاً: «كلُّ يوم لا نتحرك فيه هو يوم آخر يموت فيه عدد أكبر من الناس، وتنقرض المزيد من الأنواع، والأرجح أننا سنتجه إلى كوكب غير صالح للسكن تماماً».