نتنياهو بين التعلق بدفة القيادة وألعاب السيرك القضائي
أجل، لا يوجد مثيل لـ “هذه الأيام الفظيعة” في تاريخ الحكم الإسرائيلي. بنيامين نتنياهو ومحيطه المقرب، الذين أصيبوا بالذعر، يقودون بواسطة وزراء وأعضاء كنيست ومساعدين ومشجعين، المعركة على تشويه مكانة سلطات تطبيق القانون، ويديرون عروض تملق لكوريا الشمالية ويحاولون ليّ ذراع الدولة وإملاء هستيريا التحريض القاتلة التي قادوها ضد إسحق رابين بالضبط قبل 24 سنة. ومثلما في أحداث مشابهة في التاريخ، التدرج يعمي عيون الجمهور الذي لا يدرك الخطر ولا يعمل بما فيه الكفاية بتصميم من أجل إحباط هذا الخطر. استراتيجية نتنياهو واضحة، فهو يعرف أنه قد أضاع موعد بلورة صفقة تمنع تقديم لوائح اتهام ضده. إن خوفه كبير ومبرر، والاحتمالات التي أمامه محدودة جداً وتؤدي إلى سلوك جامح. هو مجبر على التواجد قرب دفة القيادة من أجل ردع المستشار القانوني للحكومة عن اتخاذ القرارات اللازمة، أو بدل ذلك، تأجيلها إلى أن يتم استبدال شاي نيتسان وليئات بن آري بأشخاص ضعفاء.
هذا مكون مهم في الجهود لإلغاء اتهام الرشوة في ملف 4000، وربما إضعاف ملف 2000 أيضاً. إن واحداً من هذين الإنجازين سيسمح بالادعاء أن “الجبل تمخض فولد فأراً”. افيحاي مندلبليت سيتفاخر بأنه لم يتجرأ أي مستشار قانوني للحكومة في أن يقدم رئيس حكومة في منصبه للمحاكمة بتهمة التحايل وخيانة الثقة. ولكن نتنياهو ورجال دعايته سيقولون إن النيابة العامة الفاسدة تتمسك بالملفات التي بقيت من أجل إنقاذ سمعتها والتغطية على فشلها.
ستجد إسرائيل نفسها في أزمة سلطوية تهدد تماسكها كديمقراطية. لذلك، فإن نتنياهو غير مستعد للتنازل عن استمرار ولايته حتى بثمن الذهاب إلى انتخابات. التقلبات التي ستحدث حتى شهر أيار 2020، هي فرصته الوحيدة.
وبسبب ذلك، من الضروري ألا يقع بني غانتس في شرك مبادرة الرئيس. في الواقع الحالي لن يتم احترام أي اتفاق، ولن تدخل إلى حيز التنفيذ أي “عدم أهلية”. إن هجوماً إعلامياً لأبواق نتنياهو المحميين في عنف “تلقائي” في الشوارع، سيمنع تطبيق التفاهمات.
يمكنه أن يشكل حكومة أقلية بدعم القائمة المشتركة وافيغدور ليبرمان. وخلال ثلاثة أشهر من يوم تشكيلها ستقدم بالضرورة لوائح اتهام ضد نتنياهو التي ستؤدي على الفور إلى إبعاده عن الساحة السياسية. هذه الخطوة ستسمح بتشكيل حكومة وحدة واسعة بمشاركة الليكود بدون نتنياهو. هذه الفرصة تواجه صعوبات سياسية أساسها الصراع على المكانة والصورة، والتي يمكن أن تؤدي إلى إجراء انتخابات ثالثة مع كل الأخطار الكامنة فيها.
كل هذه الصعوبات كانت ستتبخر لو امتلك مندلبليت (الشخص الذي يمكنه بضربة واحدة إنهاء هذه المسرحية الهزلية) الشجاعة للقيام بذلك. إن مسؤوليته عن الوضع الذي نشأ كبيرة، وقراراته في السابق لا تبشر بالخير فيما يتعلق بقدرته على الصمود أمام السلطة. لقد مد بشكل لانهائي التحقيقات وقرر بدون تحقيق أن نتنياهو غير متهم بقضية الغواصات ولم يبدأ بعد التحقيق في تقارير نتنياهو الكاذبة لمراقب الدولة وقضية الأسهم.
المستشار القانوني للحكومة والنيابة العامة يعرفون كل بينة صغيرة في ملفات نتنياهو. والتفكير بأن إسرائيل ستذهب مرة أخرى إلى إجراء انتخابات وتصل إلى أزمة حكم قانونية غير مسبوقة لأن المستشار يحتاج إلى عدة أسابيع للتفكير، هو من قبيل التفكير غير المحتمل. يمكن لمندلبليت اتخاذ القرارات المطلوبة حتى منتصف تشرين الثاني وليس منتصف كانون الأول. الفرق من ناحية جدوى المخاطر على الديمقراطية الإسرائيلية كبير. يجب مطالبة مندلبليت الصمود في الامتحان. لأن البديل خطير جداً علينا جميعاً.