ناشطة المناخ التي سخر منها ترامب تنافس آبي أحمد على جائزة نوبل للسلام
قبل الإعلان عن الفائز بجائزة نوبل للسلام بأقل من يومين، ورغم وجود قائمة طويلة من المرشحين، يبدو السباق محصوراً بين مراهقة سويدية أصبحت أيقونة لمكافحة التغيرات المناخية حول العالم ورئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد، فمَن منهما الأقرب للفوز؟
ماذا فعلت تونبرج؟
بحسب تقرير لوكالة فرانس برس، تتصدر جريتا تونبرج الناشطة السويدية الشابة لمكافحة التغير المناخي لائحة المرشحين الأوفر حظاً للفوز بجائزة نوبل للسلام عام 2019، التي سيتم منحها الجمعة 11 أكتوبر في أوسلو، لكنها تواجه منافسة كبيرة من آبي أحمد.
قبل نحو عام، بدأت تونبرغ حملتها لتسليط الأضواء على خطورة الحروب والنزاعات المسلحة حول العالم على التغيير المناخي، والآن تحول «إضراب المدرسة» الذي بدأته أمام البرلمان السويدي إلى تجمعات بات يشارك فيها حالياً ملايين الشباب في العالم، فتمكّنت هذه الشابة خلال سنة من هزّ الرأي العام العالمي بشأن مسألة المناخ.
وفي نهاية سبتمبر لفتت الأنظار حين توجهت بالسؤال لقادة العالم المجتمعين في الأمم المتحدة في نيويورك، بالسؤال: «كيف تجرأون؟ لقد سرقتم أحلامي وطفولتي»، وذلك بعدما عبرت الأطلسي على متن مركب شراعي.
وقد سخر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من خطابها، الذي جاء جريئاً وقوياً أمام قمة المناخ، خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكتب في تغريدة أنها «تبدو شابة سعيدة جداً»، ما أثار موجةً استهجان واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي بداية كلمتها، الإثنين 23 سبتمبر، قالت تونبرغ موجهةً كلامها لقادة العالم: «رسالتي لكم اليوم هي أننا سنراقبكم!». وتابعت: «كل هذا خطأ، لم يكن يجب عليّ أن أكون هنا، بل في مدرستي على الجانب الآخر من المحيط. ومع ذلك قدمتم لنا نحن الشباب من أجل الأمل، كيف تجرأون!»
وأضافت والدموع في عينيها: «لقد قضيتم على طفولتي بأحاديثكم الفارغة. ومع ذلك مازلت أنا المحظوظة، الناس يعانون، الناس يموتون، نظامنا البيئي ينهار، ونواجه مخاطر الانقراض الجماعي، وأنتم تتحدثون عن المال وعن قصص الخيال بشأن النمو الاقتصادي الأبدي. ما هذه الجرأة؟»
صغر سنها العقبة الوحيدة
وسبق أن نالت المراهقة البالغة من العمر 16 عاماً جائزة منظمة العفو الدولية، وجائزة «رايت لايفليهود»، التي تعتبر أحياناً مرادفة لجائزة نوبل، وتعتبرها مواقع المراهنات الإلكترونية الأوفر حظاً حالياً.
وباتت هي أيضاً منفتحةً على هذه الفكرة، وقالت في مقابلة مع تلفزيون «آر تي إس» السويسري: «هذا الأمر في حال حصوله سيؤمن للحراك اعترافاً أكبر وقوة أصلب وشمولية أوسع».
لكن هل هزها ضمير الرأي العام سيخولها الحصول على جائزة نوبل؟ «من غير المرجح على الإطلاق»، كما يقول مدير معهد أبحاث السلام في أوسلو، هنريك أوردال، لفرانس برس.
ويعزو ذلك إلى سببين: أولاً أن الرابط بين الاحترار والنزاعات المسلحة غير مثبت بعد، وثانياً صغر سنها، حيث إن الجائزة قد تتحول سريعاً إلى عبء عليها.
وأوضح: «الطريقة الوحيدة لكي يحصل هذا الأمر ستكون تقاسم الجائزة (مع شخصية أخرى) مثل ملالا»، الشابة الباكستانية التي نالت الجائزة في 2014 وهي في سن 17 عاماً مناصفة مع الهندي كايلاش ساتيارثي الناشط في مجال حقوق الأطفال.
من جهته يقول الخبير في جوائز نوبل المؤرخ آسل سفين «بالطبع، هي نجمة دولية، تواجه انتقادات دونالد ترامب، وسلطت الأضواء أفضل من أي شخص آخر على مسألة التغير المناخي، لكن ما يقف ضدها هو عمرها البالغ 16 عاماً» مضيفاً «سأكون متفاجئاً جداً» إذا حصل ذلك.
في المقابل يقول دان سميث مدير المعهد الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم إن غريتا تونبرغ «مرشحة جدية»، وأوضح في حديث مع «إف ب تي في»، «ما قامت به خلال السنة الماضية استثنائي» مضيفاً «التغير المناخي مشكلة مرتبطة بشكل وثيق بالأمن والسلام».
ماذا عن آبي أحمد؟
من الأسماء المطروحة أيضاً رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد مهندس المصالحة مع إريتريا، ومنظمات غير حكومية مثل «مراسلون بلا حدود» ولجنة حماية الصحفيين (سي بي جاي).
آبي أحمد من مواليد 15 أغسطس 1976 في أغارو بمدينة جيما بإقليم الأورومو، والتحق بالجبهة الديمقراطية لشعب الأورومو، وشارك في الصراع المسلح عام 1990 ضد حكم نظام منغستو هيلا مريام، وبعد سقوط النظام سنة 1991 التحق رسمياً بالجيش الإثيوبي، ثم انضم إلى وحدة المخابرات والاتصالات العسكرية، وتدرج بها حتى وصل رتبة عقيد.
وترك آبي المخابرات في 2010 وبدأ بالعمل السياسي كعضو في الجبهة الديمقراطية لشعب أورومو، وانتُخب عضواً بالبرلمان الإثيوبي في 2010، وأُعيد انتخابه في 2015، وأصبح عضواً في اللجنة التنفيذية لـ «الجبهة الديمقراطية لشعب أورومو، ثم أصبح وزيراً للعلوم والتكنولوجيا بالحكومة الفيدرالية من 2016 إلى 2017، وأصبح مسؤولاً عن مكتب التنمية والتخطيط العمراني بإقليم أوروميا، ثم نائب رئيس إقليم أوروميا نهاية 2016.
واختار ائتلاف الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية آبي أحمد رئيساً للائتلاف، مما يجعله رئيساً للوزراء بشكل تلقائي، خلفاً لرئيس الوزراء السابق هايلي مريام ديسالين، الذي أعلن استقالته بعد اندلاع أعمال عنف واحتجاجات مناهضة للحكومة بسبب نزاع بين مواطنين غالبيتهم من عرقية أورومو والحكومة، حول ملكية بعض الأراضي، ولكن رقعة المظاهرات اتسعت لتشمل المطالبة بالحقوق السياسية وحقوق الإنسان، وأدت لمقتل المئات واعتقال الآلاف.
ما هي فرص آبي في الفوز؟
البروفسور السويدي بيتر والانستين المتخصص في الشؤون الدولية أشار إلى أن «آبي يعتبر مرشحاً جيداً لأن ولايته عززت السلام، وحدّت من السلطوية في البلاد والمنطقة».
وقد بلغت الترشيحات لجائزة نوبل للسلام 301 هذه السنة، وبحسب قواعد الجائزة لا يتم الكشف بشكل رسمي عن الأسماء المرشحة، ويتوقع آخرون احتمال أن تشدد اللجنة على حرية الإعلام في وقت تتعرض فيه لضغوطات كبرى في الدول الخاضعة لأنظمة سلطوية، لكن أيضاً في بعض الديمقراطيات الغربية.
وقال أوردال «في عصر الأخبار الكاذبة وفائض الأنباء ونقص الشفافية والمسؤولية في العديد من العمليات السياسية، آمل في أن يكون ذلك أمراً تأخذه اللجنة على محمل الجد».
وفيما لا تزال أزمة الهجرة تتصدر الساحة السياسية فهناك أسماء أخرى يجري تداولها، مثل مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين ورئيسها فيليبو غراندي أو حتى منظمة «إس أو إس المتوسط».
وأشار مكتب «لادبروكس» للمراهنات أيضاً إلى أسماء مرشحين آخرين رغم أنها غير مرجحة، مثل نجمة كرة القدم الأمريكية ميغان رابينو أو حتى ترامب، بسبب جهوده لتحسين العلاقات مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون.