موناكو الأكثر أماناً رغم أنها لا تمتلك جيشاً
موناكو بلد الأحلام الذي ما إن تأتي سيرته حتى يتبادر إلى أذهاننا المناظر الخلابة والحياة المترفة التي ليس لها مثيل، ربما شاهد الكثيرون حفلات الزفاف التي تُقام عند زواج أمرائها بكثير من الدهشة والانبهار، لكن معظمنا لا يعرف أين تقع موناكو؟ وهل هي مدينة أم دولة؟ وما علاقتها بالأغنياء؟
سيجيب هذا التقرير عن هذه التساؤلات، وسنعرف لمَ تُعَد موناكو التي يستطيع الشخص العادي قطع مساحتها مشياً في 56 دقيقة أكثر البلدان أماناً في العالم؟!
ثاني أصغر دولة في العالم ومساحتها تعادل مساحة منتزه سنترال بارك في نيويورك!
إمارة موناكو هي ثاني أصغر دولة في العالم بعد الفاتيكان، وهي أكثر الدول كثافة سكانية بالنسبة لمساحتها، تتكون موناكو من بلدية واحدة فقط هي بلدية موناكو أو مدينة موناكو، ولا يوجد تمييز جغرافي بين الدولة والمدينة.
تقع موناكو في غرب أوروبا، وتحدها فرنسا من ثلاث جهات، وتطل الجهة الرابعة على البحر الأبيض المتوسط، يبعُد مركزها حوالي 16 كم عن إيطاليا و13 كم عن فرنسا، وتبلغ مساحتها 2.02 كيلومتر مربع، وهي نفس مساحة متنزه سنترال بارك في مدينة نيويورك.
مناخ موناكو معتدل على مدار السنة، وتتراوح درجات الحرارة فيها بين 26 درجة مئوية كمعدل أعلى إلى 8 درجات مئوية، مما أدى إلى نشاط السياحة فيها بشكل مستمر طوال فصول السنة.
يوجد في موناكو أربعة أحياء هي: «موناكو فيل»؛ وهي المدينة القديمة الأصلية، وتقع على صخرة رعوية تمتد إلى البحر، «لا كوندامين»، وتقع على طول الميناء، «مونت كارلو»، الذي يعتبر المنتجع الرئيسي وأكبر منطقة سكنية وسياحية «Fontvieille»، وهي منطقة شيدت حديثاً على أرض مستصلحة من البحر.
الفرنسية هي اللغة الرسمية والسكان الأصليون لا يُشكلون أغلبية!
بلغ إجمالي عدد سكان موناكو 38400 نسمة في عام 2015، لكن سكان موناكو الأصليين ليسوا أغلبية في بلدهم؛ إذ يُمثل الفرنسيون هناك أغلبية بنسبة 28.4% من السكان، يليهم سكان موناكو بنسبة 21.6%، ثم الإيطاليون بنسبة 18.7%، يليهم البريطانيون بنسبة 7.5%، ثم البلجيك بنسبة 2.8%، ثم الألمان بنسبة 2.5%، والسويسريون أيضاً 2.5%، وأخيراً المواطنون الأميركيون بنسبة 1.2%.
اللغة الرسمية في موناكو هي الفرنسية، لكن اللغتين الإيطالية والإنكليزية تنتشران على نطاق واسع.
الدين الرسمي في موناكو هو المسيحية الكاثوليكية، مع حرية الأديان الأخرى التي يضمنها الدستور، ويُشكل المسيحيون ما نسبته 83.2% من سكان موناكو، ويمتلكون العديد من الكنائس، كما يُشكل اليهود الذين يمتلكون كنيساً واحداً ما نسبته 3%، أما المسلمون الذين يبلغ عددهم حوالي 280 شخصاً فيُشكلون ما نسبته 0.8%، غالبيتهم من العرب المقيمين هناك، بالإضافة إلى أقليات تركية أصغر أيضاً، لكن موناكو لا توجد فيها أي مساجد رسمية.
حكمتها أسرة واحدة منذ أكثر من 700 عام، وزواج الأمير من ممثلة أميركية في الخمسينيات لفت انتباه العالم إلى موناكو
موناكو هي إمارة ملكية دستورية، ويُعتبر الأمير الحالي ألبرت الثاني ملكاً دستورياً، كما أنه رئيس الدولة أيضاً.
ينتمي الأمير ألبرت الثاني إلى أسرة غريمالدي التي سيطرت على صخرة موناكو منذ عام 1297، باستثناء فترات قصيرة تم فيها الاستيلاء على موناكو من قبل إمارة جنوة وفرنسا وسردينيا مرات عديدة، لكن غريمالدي استطاعت استردادها في كل مرة، إلى أن أعلنت سيادة دولة موناكو في عام 1861، لكن قوات موسوليني انتزعتها منهم مرة أخرى في عام 1943، وسرعان ما تبعهم النازيون، لكن أسرة غريمالدي انتصروا كالعادة وكان عصر ما بعد الحرب أكثر سعادة وأكثر بريقاً.
في عام 1949 خلف الأمير رينيه الثالث جده الأمير لويس الثاني، وكان زواج الأمير رينييه الثالث من الممثلة الأميركية جريس كيلي عام 1956 هو الحدث الذي لفت انتباه العالم إلى إمارة موناكو.
في عام 1997، ارتدت موناكو ملابسها للاحتفال بالذكرى الـ700 لتولي أسرة غريمالدي حكم إمارة موناكو، وفي عام 2005 تنازل الأمير رينييه الثالث، الذي كان مريضاً للغاية، عن ممارسة مهامه إلى ابنه الوحيد ووريث عرشه ألبرت، بعدما قضى في الحكم 56 عاماً، وتوفي بعد ذلك بستة أيام، فخلفه الأمير ألبير الثاني، أمير موناكو الحالي، الذي يتمتع بقوة سياسية هائلة.
لا تمتلك جيشاً عسكرياً، وتقع مهمة الدفاع عنها على عاتق فرنسا!
بالرغم من إعلان موناكو لاستقلالها، إلا أنها لا تمتلك قوات بحرية أو جوية خاصة بها، حيث إن دفاعها العسكري يقع على عاتق فرنسا، لكن موناكو تمتلك واحدة من أكبر قوات الشرطة حول العالم، على أساس نصيب كل فرد وكل منطقة من عدد قوات الشرطة «515 ضابط شرطة لنحو 36000 شخص»، وتضم الشرطة التابعة للإمارة وحدة خاصة تقوم بدوريات في زوارق خاصة لمراقبة الشواطئ.
هناك أيضاً قوة عسكرية صغيرة، تقوم على الحراسة الشخصية للأمير وقصر الأسرة الحاكمة في موناكو، وتتضمن 116 ضابطاً من السكان المحليين الذين يتلقون التدريبات في الجيش الفرنسي.
المناظر الطبيعية الخلابة والقمار جعلا السياحة مصدر الدخل الأول لموناكو
بدأت التنمية الاقتصادية في موناكو أواخر القرن التاسع عشر عندما افتُتح أول خط سكة حديدية يربط بينها وبين فرنسا، وتزامن ذلك مع افتتاح أول كازينو للقمار في مونتي كارلو. ومنذ ذلك الحين، جعل المناخ المعتدل في الإمارة، والمناظر الطبيعية الرائعة، ومرافق القمار الشهيرة على مستوى العالم من موناكو مركزاً ترفيهياً للأثرياء والمشاهير.
وتُهيمن السياحة على المجال الاقتصادي في موناكو، لكن الحكومة هناك نجحت مؤخراً في تنويع مصادر الاقتصاد وإدخال مجالات أخرى جديدة مثل الصناعات الصغيرة غير الملوثة والعقارات والخدمات المالية، حتى أصبحت موناكو مركزاً مصرفياً كبيراً؛ إذ تمتلك أكثر من 100 مليار يورو.
ألعاب القمار جعلت السياحة من أحد أهم مصادر الدخل لموناكو
تُعتبر موناكو ملاذاً للأجانب الذين يتهربون من دفع الضرائب في بلادهم، فقد أدى عدم وجود ضريبة دخل شخصية في الإمارة إلى جذب عدد كبير من الأثرياء إليها من الدول الأوروبية والعربية، الذين يستمدون معظم دخلهم من النشاط خارج موناكو؛ ومع ذلك وبسبب معاهدة ثنائية مع فرنسا، لا يزال يتعين على المواطنين الفرنسيين دفع ضرائب الدخل والضرائب المطبقة في فرنسا، حتى لو كانوا مقيمين في موناكو.
يُعد الصيد مورد موناكو الطبيعي الوحيد، وتشارك موناكو بنشاطٍ في بحوث العلوم البحرية وفي حفظ الحياة البحرية، ويدرس معهد علوم المحيطات هناك تأثيرات الإشعاع في المحيط منذ عام 1961.
عملتها اليورو برغم أنها لم تنضم إلى الاتحاد الأوروبي.. وتمتلك أدنى معدل للفقر حول العالم
تمتلك موناكو ثاني أعلى نصيب للفرد من الناتج المحلى في العالم، حيث بلغ 153.177 دولار. كما أن نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي يبلغ 183.150 دولار، ويبلغ معدل البطالة 2% فقط، وتحتل موناكو أدنى معدل للفقر في العالم، وأكبر عدد من أصحاب الملايين والمليارديرات في العالم.
موناكو ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي، ومع ذلك فإن عملتها هي اليورو، الذي تم إدخاله في عام 2002، بعد أن كانت عملتها السابقة هي فرانك موناكو، وقد انضمت موناكو إلى الأمم المتحدة في 28 مايو/أيار 1993، وهي عضو في اللجنة الاقتصادية لأوروبا وعدة منظمات أخرى؛ مثل منظمة الأغذية والزراعة، والوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومنظمة الطيران المدني الدولي، والمنظمة البحرية الدولية، والاتحاد الدولي للاتصالات و»الأونكتاد»، و»اليونيسكو»، ومنظمة الصحة العالمية، و»الويبو»، موناكو أيضاً عضو في مجلس أوروبا، ومنظمة الأمن والتعاون بأوروبا.
التعليم إلزامي ولا أُمية في موناكو، لكن لا وجود للجامعات الكبيرة
يبلغ معدل معرفة القراءة والكتابة في موناكو 99%، والتعليم في الإمارة إلزامي من سن 6 إلى 16، وتتطابق المناهج الدراسية مع المناهج الموجودة في فرنسا، لكن بالإضافة إلى دراسة تاريخ موناكو، ومعلومات عن مؤسسات الإمارة.
تدير الدولة هناك 10 مدارس: 7 من المدارس الابتدائية ومدرسة ثانوية واحدة، كما تُقدم مدرسة ليسيه تكنولوجي التدريب العام والتكنولوجي، وهناك مدرسة واحدة تقدم التدريب المهني والفندقي هي hôtelier de Monte-Carlo، وهناك أيضاً مدرستان خاصتان طائفيتان مدعومتان بالمنح، هما مؤسسة فرانسوا دي أسيسيس نيكولاس باري ومدرسة العلوم الدومينيكية، ومدرسة دولية واحدة هي مدرسة موناكو الدولية التي تأسست في عام 1994.
توجد جامعة واحدة في موناكو، وهي جامعة موناكو الدولية (IUM)، وهي متخصصة في تعليم إدارة الأعمال، كما يوجد بالإضافة إليها عدة مؤسسات متخصصة في التعليم العالي، مثل أكاديمية رينييه الثالث للموسيقى ومدرسة التمريض في مجمع مستشفى الأميرة جريس.