موظفو البيت الأبيض باتوا يكرهون مرافقة ترامب خارجياً لطول الرحلات المرهق
رصدت شبكة CNN الأمريكية معدل ساعات السفر المزمع أن يقضيها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال الصيف، بدءاً من آخر أسبوع في مايو 2019، وقالت في تقرير لها إن ترامب سيزور خمس دول منفصلة، يلازم خلالها الطائرة الرئاسية لأكثر من 80 ساعة.
ترامب يبدأ زيارة 5 دول وسيقضي الكثير من الوقت في الطائرة
وقد كان ترامب يُبدي تبرّمه في الماضي إزاء معدل أسفاره الخارجية أو أماكن الإقامة المُعدّة له في الخارج، لأنه ليس مغرماً بالسفر في كل الأوقات، ومع ذلك فإن مساعديه هم من ينزعجون أحياناً من الصعود إلى الطائرة الرئاسية والانطلاق في رحلة طويلة إلى الخارج.
ونقلت الشبكة الأمريكية عن أحد الموظفين قوله في معرض حديثه عن السفر مع الرئيس على متن الطائرة الرئاسية: «الأمر يشبه الوقوع في الأسر».
ووصف مسؤولون حاليون وسابقون رحلات البيت الأبيض بأنها واجبات شاقة تستمر لساعات طوال، لكن العديد منهم قالوا سراً إن الرحلات الجوية إلى الخارج هي الأسوأ دون منازع، إذ يمكن أن تمتد إلى ما يقرب من 20 ساعة، وأماكن النوم محدودة، فيما تعرض أجهزة التلفاز قناة Fox News باستمرار، وإذا لم ترق العناوين التي تظهر في الجزء السفلي من الشاشة لرئيسهم، يعرف المساعدون حينها أن عليهم الاستعداد لرحلة مضطربة.
وقد استقلَّ الرئيس الطائرة الرئاسية، الجمعة 24 مايو، في رحلة استغرقت 14 ساعة إلى العاصمة اليابانية طوكيو، وكان طاقم موظفيه يعد العدة لرحلة عصيبة. إذ كان من المفترض أن تركز فعالية أُقيمت في اليوم السابق للرحلة على دعم المزارعين الذين تضرّروا من الرسوم الجمركية، لكن سرعان ما حوذَلها ترامب إلى جلسة للترويح عن نفسه، فنعتَ رئيسة مجلس النواب الديمقراطية «بالمجنونة»، وقال إن الديمقراطيين يحاولون تدميره «بألف طعنة».
وقال في قاعة روزفلت للاجتماعات: «استمرِّوا في الطعن»، فيما كان يحيط به مزارعون يرتدون قبعات رعاة البقر.
ويستند هذا التقرير إلى مقابلات مع خمسة مسؤولين حاليين وسابقين، سافروا مع الرئيس على متن الطائرة الرئاسية. ومن المتوقع أن يسافر ترامب في رحلات تُقدَّر مسافتها بحوالي 57936 كم هذا الصيف، ومنها رحلتان إلى اليابان وأوروبا.
حتى إن موظفي الرئاسة بدأوا يكرهون رحلات ترامب الخارجية
فعندما تولى ترامب مهام منصبه لأول مرة، كان الموظفون يسعون للمشاركة في رحلات خارجية. لكن الآن، في السنة الثالثة من رئاسة ترامب، قال العديد من الموظفين إنهم يبذلون قصارى جهدهم لتفادي المشاركة في هذه الرحلات، بسبب طابع الفوضى الذي يصاحبها عادة.
أثناء الرحلات الدولية، يظل ترامب عادة في المقصورة الأمامية. وقال مساعدون حاليون وسابقون إنه يفعل أربعة أشياء: يأكل، ويشاهد التلفاز أو يقرأ الصحف، ويتحدث مع الموظفين، ويتَّصل بأصدقائه وحلفائه في الوطن، فيما تحلِّق طائرته بعيداً فوق دول أجنبية.
ويقضي ترامب ساعات في مراجعة تغطية القنوات الإخبارية المسجلة على جهاز يشبه مسجل الفيديو الرقمي TiVo، أو التقليب في كراتين ممتلئة بالصحف والمجلات وُضعت على متن الطائرة.
وقد يوقظ موظفيه النائمين ويستدعيهم إلى مكتبه في أوقات متأخرة يسود فيها الظلام الطائرة، لأنه لا يطيق صبراً على مناقشة اجتماعاته القادمة، أو التفكير في رد على شيء رآه في وسائل الإعلام.
ولَطالما ردَّد ترامب أن وسائل الإعلام تعامله بإجحاف، وإذا رأى شيئاً يزعجه على شاشة التلفاز – «وهو ما يحدث دوماً» مثلما قال أحد الموظفين- فهو يطلب من موظفيه معالجته، ولا يهم إذا كانوا في البيت الأبيض أو على متن طائرة تحلق فوق المحيط الأطلسي.
ويركز الرئيس انتباهه في كثير من الأحيان على عناوين الأخبار السلبية، بدلاً من مراجعة تصريحاته المجهزة للاجتماعات الثنائية المقررة، أو استعراض كتيبات الإحاطة، ويقول متبرماً إن أياً من أسلافه لم يلق مثل هذه المعاملة.
خاصة أن ترامب لا ينام ويُوقف موظفيه النائمين في الطائرة
ذات مرة، عندما ذهب أحد الموظفين لينعم ببضع ساعات من النوم قبل هبوط الطائرة، أرسل الرئيس مساعداً آخر لإيقاظه ليناقشه في مسألة تشغل ذهنه.
وقال أحدهم: «لا يخلد للنوم».
وقال طبيب ترامب للمراسلين الصحفيين العام الماضي، إن ترامب يتناول أقراصاً منومة من حين لآخر، لكنه لا ينام كثيراً أبداً -أربع أو خمس ساعات كل ليلة وهو في البيت الأبيض- وينام عدداً أقل من الساعات وهو على متن طائرته، وفقاً لأشخاص يسافرون معه.
وبدلاً من الخلود للنوم، يجلس ترامب مع مساعديه لساعات متتالية، على الرغم من تشجيع الموظفين له على الانضمام إلى السيدة الأولى ميلانيا ترامب في المقصورة الخاصة، والحصول على قسط من الراحة. ولا تدور «دردشته» معهم عن العمل دوماً، إذ قد يختبر الرئيس موظفيه في الرياضة، أو ينخرط معهم في ثرثرة عن الآخرين.
وتعد الرحلات الخارجية الطويلة في أي إدارة مهمة شاقة، تصحبها غالباً ساعات طويلة من إرهاق السفر والقليل من النوم. وبعيداً عن غرفة نوم الرئيس الخاصة، لم تُزوّد الطائرة بمقاعد الاستلقاء المسطحة التي أصبحت مألوفة الآن في درجات رجال الأعمال التجارية.
وعندما يصبح بإمكان الموظفين الخلود إلى النوم، فإن إيجاد مكان يمثل مشكلة. ولأنه لا توجد أماكن مخصصة للنوم، يلجأون إلى الأرائك الصغيرة، أو يستندون بظهورهم إلى مقاعد المكاتب، ويسندون أقدامهم على المكاتب أمامها. ويفترش بعضهم أرضيات قاعات المؤتمرات، أو يتمددون على المقاعد الجلدية على طول جانب الطائرة، أما بعض الموظفين المخضرمين الآخرين فقد تعلموا إحضار بُسُط اليوغا، حتى تصبح الأرضية أكثر راحة.
وحاول ترامب تقليل وقت الرحلات الخارجية
فبعد رحلتين شاقَّتين إلى الخارج في السنة الأولى من رئاسة ترامب، قلَّل زياراته الخارجية لتقتصر على زيارة بلد أو بلدين في كل مرة، وضغط الاجتماعات والفعاليات في بضعة أيام، لتقليل الوقت الذي يقضيه في الخارج.
ونادراً ما يتضمَّن جدول ترامب اجتماعات تبدأ فور وصوله إلى بلد جديد، ولكنه يفضل التوجه مباشرةً إلى فندقه بعد الوصول إلى وجهته، ولو لسويعات قليلة. وفي حين أن الرؤساء السابقين كانوا يفضلون السفر ليلاً، وإهدار القليل فحسب من ساعات اليقظة في السفر، يصل ترامب إلى وجهته في الليل غالباً، ويبدأ محادثاته في اليوم التالي.
ويصفه مساعدوه وأصدقاؤه بأنه شخص نافد الصبر في السفر، إذ إنه لا يحب الاطلاع على الثقافات الأجنبية، ويفضل بدلاً من ذلك النوم على فراشه.
ويعود قلقه من البقاء خارج البلاد لفترة طويلة جزئياً إلى شعوره بالانفصال عن الحوار السياسي في وطنه، مثلما يقول الأشخاص الذين ناقشوا هذا الأمر معه. وقد فاقم ذلك الأمر مجموعة من التطورات الرئيسية في التحقيقات المختلفة التي تدور حول مخالفات ترامب أثناء وجوده في الخارج.
إذ طعن ترامب في الأوقات التي تفصل بين اجتماعاته مع الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون في العاصمة الفيتنامية هانوي، في وقت سابق من هذا العام، في محاميه السابق مايكل كوهين، بعد استمرار تداول أبرز ما قاله في شهادته أمام الكونغرس الأمريكي.
وقلَّص وقت رحلاته في اللحظة الأخيرة، مثلما فعل في سنغافورة العام الماضي بعد لقائه مع كيم. وقد تسبب في اضطراب الموظفين، لأنه يطالب بتغييرات في الجداول الزمنية التي خطط لها ونالت الموافقة منذ زمن طويل.
ويعاني مرافقو ترامب من التوبيخ الدائم
باعتباره صاحب فندق، وبَّخ ترامب في أكثر من مناسبة الموظفين بسبب مقر الإقامة الذي اعتبره غير ملائم له، وفقاً لأشخاص مطلعين. وبعد اكتشافه أن قناته المفضلة فوكس نيوز لم تكن متوفرة في فندقه الأجنبي في إحدى رحلاته المبكرة إلى الخارج، وهو ما أثار استياءه، جهزت وكالة الاتصالات بالبيت الأبيض خدمة بث تسمح له بمتابعة برامجه المفضلة. وقال أحد المصادر إنه عادة يطلب توفير أجهزة تلفزيون متعددة في غرفته، وفقاً لحجمها.
وقبل بعض رحلاته السابقة وهو رئيس، كانت فرق الإعداد والاستطلاع تعمل على التأكد من أن الحكومات المُضيفة لن تقدم طعاماً قد لا يحبّذه الرئيس، مثل الأسماك التي لا تزال محتفظة برؤوسها.
ويفضل ترامب الرحلات التي يكون فيها ضيف الشرف، لا اجتماعات القمم الكبرى التي تعتبر جزءاً ثابتاً من جدول أي رئيس أمريكي. إذ شعر ترامب في قمتي مجموعة السبع ومجموعة العشرين أن الزعماء الآخرين يشكلون عصابة تتآمر عليه، وفقاً لموظفين في الإدارة.
والأفضل كثيراً بالنسبة لترامب هو الزيارات الرسمية التي يدعوه إليها السياسيون الذين يأملون في الاحتفاء برئيس يحب التملق.
وهكذا سيكون الحال في طوكيو نهاية هذا الأسبوع، في أولى زيارات ترامب الرسمية بعد صعود إمبراطور جديد. وسيتكرّر الأمر نفسه الأسبوع التالي، عندما يسافر إلى لندن، في زيارة رسمية طال انتظارها بدعوة من الملكة إليزابيث.
وقد اعتبر ترامب كلتا الزيارتين امتيازاً خاصاً، وفقاً لمسؤولي الإدارة، على الرغم من أن المسؤولين والمحللين اليابانيين قالوا إنه من المتوقع أن يُدعى أي رئيس أمريكي إلى زيارة رسمية للإمبراطور الجديد ناروهيتو بعد اعتلائه العرش؛ نظراً لأهمية علاقة اليابان بالولايات المتحدة.
ومع ذلك، يرى ترامب أن هذه الرحلات أهم من حضور اجتماع مجموعة العشرين في وقت لاحق هذا الصيف، في اليابان أيضاً، على الرغم من اهتمامه المتزايد بهذا الحدث وترتيبه لمحادثات مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين على هامش القمة، والانطلاق في زيارة إلى العاصمة الكورية الجنوبية سيول بعد ذلك.
وفي الوقت نفسه، لم يعلن البيت الأبيض ما إذا كان ترامب سيحضر لقاء مجموعة السبع، الذي سيُعقد على الساحل الفرنسي هذا العام أم لن يفعل؛ إذ إنه كان متردداً إزاء المشاركة في قمة العام الماضي التي استضافتها كندا.