موريتانيا: ثورة حاجز العمر الجامعي تتسع في ظل صمت حكومي مطبق
مع أن ثورة الطلاب المشتعلة منذ شهر اليوم والساعية لإلغاء حاجز السن المقرر للالتحاق بالجامعات، خطيرة على نظام الرئيس غزواني الذي يقطع خطواته الأولى على درب حكم ملغوم بمشاكل عديدة، فإن حكومة ولد الشيخ سيديا تواجه هذه الثورة بصمت مطبق.
فلم تصدر عن الحكومة تطمينات للطلاب بعد تصريح الوزير الأول الذي تحدث فيه عن لجنة مكلفة بالبحث عن حلول، بينما ازدادت ضراوة مواجهة احتجاجاتهم السلمية بالقمع كما أظهر ذلك الصور الملتقطة لآخر دورة أمنية لتفريق الاعتصام.
وطالب الاتحاد الوطني لطلبة موريتانيا «الجهات المعنية بمحاسبة المتورطين في عمليات تعذيب الطلاب، وفي مقدمتهم وزير التعليم العالي الذي يتحمل كامل المسؤولية عن هذه الممارسات اللاقانونية»، حسب تعبير الاتحاد.
واستنكر الاتحاد الوطني في بيانه ما سماها «الممارسات السادية واللاأخلاقية من طرف الشرطة القمعية بحق طلاب سلميين تظاهروا بشكل حضاري رفضاً لقرار وزاري جائر بحقهم».
وعولج أمس بالمستشفى الوطني خمسة عشر طالباً مصابين بجروح ورضوض وكسور بعد أن استخدمت الشرطة القوة لتفريق وقفة احتجاجية نظموها صباح الثلاثاء أمام وزارة التعليم العالي.
وحسب الاتحاد الوطني لطلبة موريتانيا، فإن أفراد الشرطة استخدموا العصي والهراوات لتفريق عشرات الطلبة الذين وقفوا أمام وزارة التعليم العالي لإعلان رفضهم قراراً يمنع حملة البكالوريا الذين تجاوزوا سن 25 عاماً من التسجيل في الجامعة.
وانضمت المعارضة الموريتانية للطلاب في احتجاجاتهم، حيث نددت بقمعهم واعتبرته مؤشراً غير مشجع.
وبينما كان الجو العام مطبوعاً بهدنة بين المعارضة ونظام الرئيس الغزواني، عادت المعارضة لاستخدام قاموسها المتشدد الذي دأبت على استخدامه في مخاطبة الرئيس السابق.
وأكد التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (الإسلاميون)، في بيان وزعه أمس، أن «الرأي العام الوطني يتابع باستغراب واستنكار شديدين ما يتعرض له الطلبة الذين يطالبون بالتسجيل في الجامعة بعد حصولهم على البكلوريا».
«ورغم مرور عدة أسابيع على الاحتجاجات، يضيف البيان، وموجة التضامن الواسع مع الطلبة، وشبه الإجماع على غرابة القرار، وإعلان الوزير الأول أن الرئيس كلف لجنة وزارية بدراسة الملف ضمن قضايا استعجالية أخرى، فإن القضية ظلت تراوح مكانها دون سبب وجيه، ليتفاجأ الجميع من مستوى استخدام القوة ضد المظاهرات السلمية للطلاب للفت الانتباه لقضيتهم».
وزاد الحزب الذي يقود أكبر كتلة برلمانية معارضة: «لقد كان الجميع يتوقع إعلان إلغاء هذا القرار الغريب، والسماح للطلبة بمواصلة دراستهم، والاعتذار لهم عن الفترة التي ضيعت عليهم من السنة الدراسية، وبدل حل المشكل يتم قمعهم بوحشية، واستهدافهم بعنف لا رحمة فيه، ولا مبرر، ويمنعون من التعبير السلمي عن مطلبهم النبيل».
«إننا في حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية، يضيف البيان، وإذ نعبر عن استغرابنا من وضع المتاريس في طريق طلبة العلم، ومن استسهال قمعهم والاعتداء عليهم، لنشدد على ضرورة الإلغاء الفوري لهذا لقرار الظالم، والعمل بشكل عاجل على توسيع المنشآت الجامعية وتطويرها لاستيعاب كل الناجحين في البكلوريا»، كما ندين ونستنكر بأقوى العبارات قمع الطلاب، واستعمال العنف ضدهم، ونطالب بوضع حد لهذه الظاهرة المشينة، وباحترام القوانين الضامنة لحرية التعبير والتظاهر، والمجرمة للتعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان».
وفي بيان أكثر شدة، أعلن حزب تكتل القوى الديمقراطية المعارض «أن النظام القائم واصل سياسة سلفه القمعية تجاه الطلاب المتظاهرين سلمياً والمطالبين بحقوق مشروعة وعادلة، حيث استخدمت الشرطة مجدداً، عنفاً بشعاً لتفريق المحتجين وفض اعتصامهم، أدى إلى إصابات بالغة في صفوف العديد من الطلبة».
«إننا في تكتل القوى الديمقراطية، وأمام هذا التطور الخطير في القضية الطلابية، يضيف حزب التكتل، لندين بشدة ما قامت به السلطات من تنكيل وقمع للطلاب، ونتمنى الشفاء العاجل للمصابين، كما نستنكر تعنت ومكابرة الجهات الوصية على التعليم، وتماديها في تجاهل مطالب الطلبة المشروعة والملحة، ونجدد مطالبتنا للحكومة بالعدول الفوري عن القرار الجائر القاضي بمنع الطلاب من التسجيل، ويعرض مستقبلهم للخطر».
ولا يخفي المراقبون قلقهم من أن تؤدي هذه الاحتجاجات لانفلات أمني قد تنجم عنه قلاقل كبيرة وخطيرة على استقرار البلد.