موريتانيا تقوم بحملة إصلاح قطاع الصحة والقضاء على العقاقير المزورة
لا حديث في موريتانيا حالياً إلا عن وزير الصحة، نذير ولد حامد، وحملته الإصلاحية لقطاع الصحة التي شملت، أمس، إغلاق عشرات من عيادات الأسنان غير المرخصة يديرها سوريون وماليون وغينيون وموريتانيون إلى جانب تفتيش مدقق للصيدليات ومحتوياتها لتجميع وإتلاف العقاقير المزيفة التي تعج بها دكاكين الدواء.
وتابعت المفتشية العامة لوزارة الصحة مدعومة بالأمن الوطني كشفها عن عشرات عيادات الأسنان ومستودعات الأدوية وعيادات العلاج غير المرخصة التي تم إغلاقها واعتقال أصحابها للتحقيق معهم وتقديمهم للعدالة.
وأعلنت اتحادية المستثمرين في مجال الصيدلة، التي أزعجتها الحملة «عن براءتها من ممارسات الغش والتدليس في مجال الأدوية، وتثمين جهود الساعين في إصلاح القطاع»، مؤكدة «أنه لا يوجد قطاع محصن مهما كانت قوة الرقابة عليه من الاختلال والنواقص ومن بينها قطاع الصحة».
وأكدت الاتحادية، في بيان وزعته أمس في خضم معركة إصلاح قطاع الصحة، «استغرابها لشناعة الحملات التي تكتسح الساحة والتي تُشَهِّرُ من دون دليل بنشطائها وتصب عليهم مكاييل السب والشتم واللعنات وتصفهم بالقتلة والمجرمين، وتُتَّخذ أحياناً لتصفية الحسابات الشخصية ولا تميز بين السليم من السقيم ولا الغث من السمين ولا البريء من المجرم». وبينما أزعجت هذه الحملة بارونات الاتجار بالأدوية المغشوشة، انضم المدونون الموريتانيون الناشطون في الشأن العام لتأييد ومؤازرة وزير الصحة بعشرات التدوينات وبالقطع الشعرية التي تشجع الوزير على المضي قدماً في إصلاحاته إنقاذاً لحياة المواطنين الموريتانيين المحكوم عليهم منذ عقود باستهلاك الأدوية المغشوشة.
وأكد البارز حبيب الله ولد أحمد «أن نهاية هذه الحملات قريبة لقوة التحالف الذي يعمل ضد الوزير، حيث يحتشد ضده الموردون والمستثمرون وملاك الصيدليات والباعة يمدهم جيش من النافذين سياسياً واقتصادياً وأمنياً، ويحظون حتى بدعم سري من بعض معاوني الوزير وموظفيه».
وأضاف: «يسود اعتقاد بأن الوزير قد يستقيل أو يقال خلال أقل من ثلاثة أشهر، لأن فشل حملته شبه مضمون كما يقول البعض، غير أن ثمة معطيات أخرى تقول عكس ذلك، فالوزير لديه نقاط قوة فهو مفوض بصلاحيات كاملة من الرئيس، ومعه ترسانة قانونية، ومعه أجهزة الدولة الأمنية والقضائية، ومعه نقابات ونخبة من الأطباء وعمال الصحة، ومعه خيرة مدوني وشعراء ومثقفي البلاد، كل هذا يضيف المدون يجعل نقاط القوة راجحة في مواجهة خصوم الوزير الذين ليست لديهم حجج مقنعة في مواجهة قانون واضح وإرادة إصلاح صدمتهم لأنهم لم يتوقعوها يوماً من الأيام». وأوضح المدون النشط محمد الأمين الفاضل «أن أهم جهة يمكن أن يعول عليها في هذه الحرب هم المدونون، وذلك لأنهم الأقدر على خلق رأي عام قوي داعم لهذه الحرب، هذا فضلاً عن كونهم على أتم الاستعداد لأن يكونوا في الصفوف الأمامية في هذه الحرب، وقد عبروا عن ذلك من خلال حساباتهم وصفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي».
وقال: «إن معركة إصلاح قطاع الصحة التي يقودها الوزير وبدعم من جمهور واسع من خارج القطاع ستحدد مسار الإصلاح في هذا العهد، فإن نجح الوزير في معركة الإصلاح، فإن ذلك سيشجع وزراء آخرين لخوض حروب إصلاح داخل قطاعاتهم، وإن فشل الوزير، لا قدر الله، فإن ذلك سيصيب الجمهور الداعم للوزير بإحباط شديد، كما أن ذلك الفشل سينعكس سلباً على بقية القطاعات، وسيجعل كل وزير كان يفكر في إعلان حرب لإصلاح قطاعه يأخذ هدنة إلى أجل غير مسمى، بل ويعلن عن الاستسلام حتى من قبل إعلان حرب الإصلاح في قطاعه». وأضاف الفاضل «هذه الجهود الإصلاحية التي يقوم بها وزير الصحة تأتي في بداية عهد جديد ما زالت صورته تتشكل في أذهان المواطنين، ولذا فقد يكون من المهم جداً تنفيذ البرنامج الإصلاحي للوزير بقوة وحزم، ولكن من دون خلق أزمات قد تربك قطاع الصحة». وأكد المدون «أن الحرب التي يقودها وزير الصحة لن تكون حرباً سهلة، ومن أين لها أن تكون كذلك، وهي تسعى لأن تضع حداً لفوضوية استيراد وتوزيع وبيع الأدوية، ومن المعروف بأن تلك الفوضوية كانت تدر أرباحاً طائلة جداً لصالح لوبي الفساد في هذا القطاع». وقال: «لا تتوقعوا أبداً من أولئك الذين كانوا يستفيدون من تلك الأرباح الــطائلة جداً أن يرفعوا الراية البيضاء عند إطلاق أول رصاصة في هذه الحرب، بل عليكم أن تـــتوقعوا منهم «بطولات عظيمة» «وتضحيات جسيمة» و»عمليات فدائية نوعية»، إنهم قومٌ عُرفوا بالجشع وبتحصيل الأموال الطائلة على جثث الموتى، ولذا فإنه من الطبيعي جداً أن يدافعوا حتى آخر رمق عن تلك الأرباح الطائلة التي كانوا يجنونها من فوضوية استيراد وتوزيع وبيع الأدوية».
يذكر أن موريتانيا واحدة من المراكز التي ينشــط فيها الاتجار غير المشروع بالأدوية المزيفة في غرب إفريقيا، وفقاً لتقرير صادر عن منظمة الجمارك العالمية (WCO) في عام 2012.
وذكر التقرير «أن عشرة مليارات دواء مزيف تدخل كل عام إلى دول إفريقيا بقيمة خمسة مليــارات دولار».
وتســتورد الأدوية المغشوشة نحو الصيدليات الإفريــقية مجلوبة من الصين والهند والإمارات العربية المتحدة، وهو ما جعل إفريقيا مكباً لتفريغ الأدوية المزورة، وتحتل موريتانيا مقدمة البـــلدان المكتظة بالدواء المغشوش، حيث تكاثرت الصيدليات مثل الفطر في أحياء الـعاصمة نواكشوط منذ تحرير قطاع الصيدلة في عام 1981.