موريتانيا: الحقوقي ولد الداه الثاني في سباق الرئاسة يتحاور مع الحكومة
دون سابق إنذار، أعلن أمس في نواكشوط عن حوار أطلقه الحقوقي بيرام ولد الداه المرشح الرئاسي الثاني في الترتيب بعد الرئيس غزواني، بصورة مفاجئة، مع رئيس الحزب الحاكم سيدينا ولد محمد خونا عبر لقاء جمعهما الثلاثاء ونوقشت فيه آلية مد الجسور بين نظام الرئيس ولد عبد العزيز أسبوعين قبل مغادرته للسلطة، وولد الداه أحد أشرس معارضيه.
وأكد ولد الداه الذي دعم بعثيو موريتانيا ترشيحه للرئاسة والذي يصفه خصومه بـ”التطرف”، خلال اجتماعه ببعثة الحزب الحاكم “أنه قرر فتح قناة الحوار مع السلطة لكي يعلم الجميع أنه يمتلك النضج اللازم والكفاءة المطلوبة لمناقشة جميع القضايا المطروحة بما فيها قضية التعايش وقضايا حقوق الإنسان والقضايا الاجتماعية والاقتصادية عموما”.
وقال: “هذه القضايا هي القضايا المطروحة على الموريتانيين وهي القضايا التي ناضلنا من أجلها، وقد آن الأوان لنجلس على الطاولة لمناقشتها”.
وفي كلمة جوابية، أكد سيدنا عالي ولد محمد خونا رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم قوله: “جئنا بدعوة الأخ بيرام الداه اعبيد في خطوة تدشن تطبيع العلاقات بين الموالاة والمعارضة، وقد استمعنا بعناية كبيرة للموضوعات التي طرحت”.
وأضاف: “لقد وعد الأخ بيرام بتشكيل لجنة تتولى تحرير وثيقة تتضمن جميع المطالب ونحن نلتزم بالرد عليها سريعا”.
وفيما تمت هذه الخطوة، تتحدث مصادر المعارضة عن احتمال أن تتوسع كوة الحوار التي فتحها ولد الداه مع السلطة، بانضمام مرشحي الرئاسة الثلاثة الخاسرين إليها ضمن دينامية حوار تمهد لاستقرار وطني في عهد الرئيس المنتخب محمد الغزواني الذي يترقب الموريتانيون استلامه للسلطة بصبر فارغ.
وقد قوبلت مبادرة الحوار بانتقادات واسعة من مدوني المعارضة، حيث كتب الدكتور الشيخ معاذ الأستاذ في جامعة نواكشوط: “إذا كان من حوار للمستقبل فيجب أن يكون مع نظام الرئيس غزواني، أما عزيز فلا قيمة لحوار معه في ظرف عشرين يوما، بعد أن قضى عشر سنوات في شيطنة، وتخوين، وتسفيه، وظلم معارضيه، ومضايقتهم في حقوقهم وأرزاقهم، وتجفيف منابع تمويلهم المشروعة، عن طريق ابتزاز رجال أعمالهم بالضرائب والغرامات”.
ثم تساءل قائلا: “ما قيمة الحوار مع عزيز وحكومته الآن؟”.
أما الصحافي المعارض محمد محمود بكار رئيس تحرير صحيفة “العلم” قد دون تحت عنوان “لا لأي حوار مع ولد عبد العزيز “، مؤكدا “أنه إذا كانت المعارضة تحترم نفسها وتحترم جماهيرها فعليها ألا تتحاور مع رئيس يفصله 20 يوما فقط عن مغادرة الحكم، ويملك تراكم عشر سنوات من خداعها واحتقارها وتزوير إرادتها وتهميشها”.
وقال: “لا حوار مع رئيس لم يعد بيده شيء، خارج للتو من تسيير انتخابات أحادية تزويرية، رئيس خلق إمعانا في إهانتها، وضعا استفزازيا للتأثير على موقف المعارضة من النتائج لأجل حرمانها من القيام بكل مظاهر التنديد والاحتجاج والرفض السلمي لهذه النتيجة ومن أجل حجب الأزمة الانتخابية القائمة”.
وأضاف ولد بكار: “إن المعارضة إذا حاورت الرئيس عزيز اليوم فإنها بذلك ترمي بكل أوراقها التفاوضية عرض الحائط، حيث أنها لا تملك من ورقة ضغط على الرئيس غزواني سوى عدم الاعتراف بمشروعيته، كما أن أي طلب للحوار فالأحرى الدخول فيه، قرار غير سياسي وينقصه حسن التقدير، لأن المعارضة مثل غالبية الموريتانيين يجهلون الكثير عن ولد الغزواني؛ فالكل يجهل حقيقة نياته وحقيقة موقفه من الديمقراطية، وحقيقة استعداده للإصلاح وللتغيير وللشراكة”.
“إن على المعارضة، يقول بكار، ألا تعرض نفسها لضربتين موجعتين في الرأس هما القبول بنتائج اصطناعية للانتخابات قزمت المعارضة وأخرجتها بسرعة من اللعبة، والأخرى عدم القدرة على فرض إصلاحات جوهرية للمسلسل الانتخابي”.
وخلص الصحافي بكار إلى القول: “بأن الدخول حاليا في أيِّ حوار مع ولد عبد العزيز، يعتبر عملا انتحاريا في غير محله”.