من المستفيد من بقاء طرابلس في يد المليشيات؟
في فبراير 2011 انطلقت احتجاجات سلمية حاشدة في ليبيا، لكنها سرعان ما تحولت إلى نزاع مسلح، ظن البعض أنه سينتهي بمقتل معمر القذافي لتدخل البلاد مرحلة انتقالية للحكم الديمقراطي، إلا أن ما حدث كان العكس تماما.
فتوسع النزاع المسلح وتشكلت الميليشيات، ووجدت الحركات المتطرفة والإرهابية في ليبيا أرضا خصبة لأنشطتها، ونظرت جماعات الاتجار بالبشر وتهريب اللاجئين الأفارقة إلى طرابلس وسرت باعتبارهما مفتاح السعادة، الذي يجلب عليها أموال باهظة في ظل فوضى عارمة تغط البلاد.
وفي 2014، قاد المشير خليفة حفتر الجيش الوطني الليبي لينتزع السيطرة على مدينة بنغازي في الشرق بعد 3 سنوات من القتال، ثم سيطر هذا العام على الجنوب بما فيه من حقول نفط.
لكن العاصمة طرابلس ظلت الملجأ الآمن للجماعات الإرهابية والمتطرفة والميليشيات، التي استغلت العنف في البلاد، وتريد بقاء الفوضى المسلحة المتطرفة، ومن أبرزها جماعتي الإخوان والليبية المقاتلة، بحسب ما قال الكاتب والباحث السياسي عبد الباسط بن هامل.
“بيت مال”
ويخدم بقاء طرابلس “عاصمة مختطفة” أطرافا محلية وإقليمية مؤدلجة، ويقول بن هامل: “تحولت ليبيا خلال السبعة سنوات الأخيرة إلى بيت مال وإنفاق على الجماعات المتشددة”.
وأضاف “استفادت تركيا من الأموال الليبية في بنوكها، لتحويلها إلى عناصر متشددة كانوا يقاتلون في سوريا مع جبهة النصرة وفي العراق مع تنظيم داعش، ثم عادوا إلى ليبيا”.
وتابع “جرى نقل الأموال من تركيا إلى ليبيا، عبر مطاري معيتيقة ومصراتة، وتكونت على إثرها في سنواتي 2013 و2014 قواعد في سرت لداعش.
ويرى بن هامل أن بقاء الميليشيات في ليبيا “يخدم تمويل جماعات الإخوان في تونس وبقاءها، بالتعاون مع الإخواني علي الصلابي”.
وقال إن الداعية المتشدد يوسف القرضاوي، المدرج على لائحة الإرهاب المدعوم من قطر، التي أصدرتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر، “أحد المستفيدين من خزانة المصرف المركزي الليبي”.
وأوضح بن هامل أن القرضاوي “استفاد من عضوية علي الصلابي فيما يسمى الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، وتحصيله لاشتراكات وأموال من ليبيا، التي تتحول في النهاية لحركة حماس”.
يذكر أن السيطرة على المصرف المركزي والاستثمارات في طرابلس كانت من ضمن أولويات الجماعات الإرهابية والميليشيات لـ”استمرارها وبقائها لإيجاد مصادر تمويلية تخدع المجتمع الدولي في شكل استثمارات ليبية تعود فوائدها على المسلحين”.
وضرب الباحث السياسي مثالا بقضية الأموال الليبية المجمدة في بلجيكا، و”ضياع مليارات ذهب لأمراء الحرب”.
وفي أكتوبر الماضي، ذكر تحقيق للتلفزيون البلجيكي أن الحكومة البلجيكية لعبت دورا في تمويل ميليشيات ليبية متورطة في قضايا تهريب البشر.
إرهاب المنطقة بأسلحة تركية
ولم تغب دول إقليمية عن تقويض المشهد الأمني في ليبيا، فتركيا كانت ترسل باستمرار شحنات أسلحة إلى موانئ غرب ليبيا كمنفذ مهم لشمال أفريقيا، حسبما قال بن هامل.
كما استغلت الجماعات المسلحة التي تهدد أمن واستقرار دول المنطقة الفوضى في ليبيا، خلال الفترة الأخيرة، كمنطلق لشن عمليات إرهابية في مصر والجزائر.
وخدم بقاء الوضع فوضويا في ليبيا أطرافا دولية، دعمت المعارضات المسلحة، أبرزها المعارضة التشادية التي هددت دولة تشاد طيلة السنوات الماضية، وحركة المسلحين في دارفور.
و”محليا، يخدم استمرار الصراع في ليبيا جماعات مسلحة متهمة بـ”قضايا خطيرة، مثل القتل الجماعي والخطف والتعذيب وتهريب الأموال وأرشيف المخابرات الليبية السابق، وتجارة المخدرات”.
وفيما يتعلق بتهريب أرشيف المخابرات، اتهم المتحدث باسم الجيش الليبي، اللواء أحمد المسماري، الاثنين، قيادات إرهابية ببيع أرشيف المخابرات الليبية إلى قطر، منهم مصطفى نوح، والإرهابي عبدالحكيم بلحاج.
وأشار بن هامل إلى أن قيام الدولة يعني إحالة هؤلاء إلى السجون ومعاقبتهم.