منظمة حظر الاسلحة الكيميائية تجتمع للبحث في قضية سكريبال
تعقد منظمة حظر الاسلحة الكيميائية الاربعاء اجتماعا في لاهاي بطلب من موسكو بعد يوم واحد على اعتراف مختبر بريطاني بانه لا يملك أدلة على ان المادة التي استخدمت في انكلترا ضد عميل روسي مزدوج سابق جاءت من روسيا.
من جهتها، اتهمت موسكو الاربعاء الاستخبارات الاميركية والبريطانية بتسميم سكريبال ودعت الدول الغربية الى الحوار بدلا من اسلوب العقاب، لتجنب ازمة تشبه ازمة الصواريخ الكوبية بينما طالب الكرملين “بالاعتذار”.
وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف ان “نظريتهم لن تتأكد باي حال لانه من المستحيل ان تتأكد”. واضاف ان “وزير الخارجية البريطاني الذي اتهم الرئيس (فلاديمير) بوتين ورئيسة الوزراء عليهما بشكل او بآخر مواجهة زملائهما في الاتحاد الاوروبي (…) وعليهما بشكل او بآخر تقديم اعتذاراتهما الى روسيا”.
ويجتمع ممثلو الدول ال41 الاعضاء في مقر المنظمة الذي يتمتع باجراءات امنية مشددة، في مواجهة دبلوماسية جديدة في واحدة من أسوأ الازمات بين روسيا والغرب بعد الحرب الباردة.
وطلبت موسكو عقد الاجتماع “لمناقشة الادعاءات المتعلقة بحادث سالزبري” الذي ادى الى سلسلة اجراءات واجراءات انتقامية بين روسيا وبريطانيا وحلفائها الغربيين.
وتزامنا مع الاجتماع، قال الوفد البريطاني إلى المنظمة في تغريدة على تويتر الاربعاء “إن اقتراح روسيا لاجراء تحقيق مشترك بريطاني-روسي في حادث سالزبري هو محاولة لتحويل الانتباه” مضيفا انه “(…) ايضا اسلوب للتضليل يهدف الى التهرب من القضايا التي على السلطات الروسية ان تجيب عنها”.
وبعد ايام من تسميم سيرغي سكريبال وابنته يوليا في الرابع من اذار/مارس في سالزبري (جنوب غرب انكلترا)، وجهت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي اصابع الاتهام الى موسكو التي نفت اي علاقة لها بالحادثة.
وتعليقا على طلب موسكو لهذا الاجتماع، قالت وزارة الخارجية البريطانية في بيان ان “هذه المبادرة الروسية تكتيك جديد لابعاد الانظار وتهدف الى تقويض عمل منظمة حظر الاسلحة الكيميائية”.
وكانت لندن طلبت من المنظمة “التحقق من تحليل الحكومة” البريطانية. وزار خبراء المنظمة المملكة المتحدة للحصول على عينات من المادة التي استخدمت في تسميم سكريبال لتحليلها في مختبرات دولية مستقلة.
– لا دليل –
ويأتي اجتماع المنظمة بعدما أقر المختبر البريطاني الذي قام بتحليل المادة المستخدمة في تسميم الجاسوس السابق في انكلترا، الثلاثاء بانه لا يملك دليلا على ان هذه المادة مصدرها روسيا.
وقال غاري آيتكنهيد رئيس المختبر العسكري البريطاني في بورتون داون “تأكدنا من ان الغاز هو نوفيتشوك وتأكدنا انه غاز للاعصاب من النوع العسكري”، لكن “لم نتمكن من تحديد مصدره”. واضاف ان تصنيع هذا الغاز يتطلب “أساليب متطورة للغاية (…) وقدرات جهة تابعة لدولة”.
وسارعت الحكومة البريطانية الى الرد وقالت متحدث باسمها في بيان “نعلم بان روسيا سعت خلال العقد الاخير الى وسائل لانتاج عناصر سامة بهدف تنفيذ اغتيالات وانتجت وخزنت كميات محدودة من نوفيتشوك”.
وتعتبر لندن ان مسؤولية روسيا عن تسميم سكريبال هي “التفسير الوحيد المنطقي” رغم نفي موسكو المتكرر.
لكن رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الروسي سيرغي ناريشكين صرح الاربعاء ان تسميم سكريبال يشكل “استفزازا فاضحا” من قبل الاجهزة الخاصة البريطانية والاميركية.
وقال ناريشكين في مؤتمر دولي حول الامن في موسكو “حتى في حالة الاستفزاز الفاضح الذي جرى مع سكريبال وابنته والمفبرك بشكل فاضح من قبل اجهزة بريطانيا والولايات المتحدة، لا يتردد جزء من الدول الاوروبية في اللحاق بلندن وواشنطن بدون ان يرف لها جفن”.
واكد أن على موسكو ودول الغرب أن تتجنب خطر تصعيد الازمة الحالية بينها إلى مستوى يشبه أزمة الصواريخ الكوبية.
وقال “من المهم وقف المزايدات غير المسؤولة، ووقف استخدام القوة في العلاقات بين الدول لتجنب وصول الأمور إلى أزمة صواريخ كوبية ثانية” في اشارة إلى أزمة عام 1962 بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة التي كادت أن تتسبب بنشوب حرب نووية.
واضاف “على الاسرة الدولية العودة الى حوار سليم لا يرتكز على الاهداف الانانية لاطراف محددين بل على قيم حقيقية يتقاسمها كل الذين يحترمون المعايير الدولية”.
واعلنت سفارة روسيا في هولندا على تويتر نقلا عن مساعد وزير الصناعة والتجارة الروسي جورجي كالامانوف الذي يشارك في اجتماع منظمة حظر الاسلحة الكيميائية “نحن مستعدون للتعاون مع منظمة حظر الاسلحة الكيميائية وفي اطارها”.
واضافت السفارة الروسية ان “14 دولة عضوا ايدت الاعلان المشترك لمنظمة حظر الاسلحة الكيميائية في ما يتعلق بحادثة سالزبري: نحن نعتبر انه من الضروري العمل على حل هذه المشكلة في اطار القوانين الدولية”.
واعلن مصدر دبلوماسي لوكالة فرانس برس طالبا عدم كشف هويته ان اجواء الاجتماع “مشحونة”، مضيفا ان النقاشات ستستكمل بعد استراحة الغداء.
وفي المجموع، اعلنت المملكة المتحدة وحلفاؤها وخصوصا في الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي طرد اكثر من 150 دبلوماسيا روسيا من اراضيها. وقد ردت روسيا باجراءات مماثلة بحق عدد مماثل من دبلوماسيي هذه الدول.
فبعدما طردت في 17 اذار/مارس 23 دبلوماسيا بريطانيا واغلقت القنصلية البريطانية في سان بطرسبورغ والمجلس الثقافي البريطاني في روسيا، طلبت موسكو السبت من لندن تقليص طاقمها الدبلوماسي باكثر من خمسين شخصا لتكون البعثات الدبلوماسية “متساوية” من حيث العدد.
ولا يزال سكريبال وابنته في المستشفى في سالزبري. واعلن المستشفى ان الوضع الصحي للابنة “يتحسن سريعا” و”لم تعد في وضع حرج” بخلاف والدها.
وكان المحققون البريطانيون اعلنوا ان الجاسوس السابق وابنته اصيبا للمرة الاولى بغاز الاعصاب في منزل سكريبال.